يخلد الشعب المغربي في 14 غشت من كل سنة، ذكرى وطنية مجيدة تتمثل في استرجاع أقاليم وادي الذهب، وهي لحظة تاريخية متميزة في مسار استكمال الوحدة الترابية للمملكة، وترسيخ الإرتباط الوثيق بين العرش العلوي المجيد وسكان الأقاليم الجنوبية.
ففي هذا اليوم العظيم، عبّر شيوخ وأعيان قبائل وادي الذهب، خلال حفل رسمي بالعاصمة الرباط، عن تشبثهم بالإنتماء إلى الوطن الأم المغرب، وقدموا بيعتهم الصادقة للملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، وقد شكل هذا الحدث دليلا قاطعا على وحدة الأرض والشعب، وإرادة جماعية في التصدي للإستعمار وتكريس السيادة الوطنية.
لكن هذه الذكرى لا تقتصر على دلالاتها الرمزية والوطنية فقط، بل تمثل كذلك انطلاقة لمسار تنموي شامل في منطقة وادي الذهب، ضمن رؤية ملكية شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة المجالية ورفع مستوى عيش المواطن.
وبفضل التوجيهات الملكية السامية، شهدت أقاليم وادي الذهب، وخاصة مدينة الداخلة، تحولات جذرية جعلت منها قطبا اقتصاديا صاعدا على الصعيدين الوطني والإفريقي، ومن أبرز المشاريع التي تم إطلاقها:
– ميناء الداخلة الأطلسي: مشروع استراتيجي ضخم يشيد حاليا باستثمارات تفوق 12 مليار درهم، سيساهم في تعزيز التجارة البحرية وربط المغرب بعمقه الإفريقي.
– مشاريع الطاقة المتجددة: تطوير مزارع الطاقة الريحية والشمسية بالمنطقة لتلبية الطلب المحلي وتصدير الطاقة.
– الصيد البحري وتثمين الثروة السمكية: إحداث وحدات صناعية لتثمين المنتجات البحرية وتصديرها، مما خلق آلاف مناصب الشغل.
– الطرق والبنية التحتية: تأهيل الشبكة الطرقية، وعلى رأسها الطريق السريع تيزنيت–الداخلة، الذي يربط الجنوب المغربي بالشمال.
– السياحة البيئية والبحرية: دعم السياحة المستدامة من خلال مشاريع الإيواء، والرياضات البحرية، والمحميات الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك لعبت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية دورا محوريا في تحسين ظروف عيش الساكنة المحلية بأقاليم وادي الذهب، خاصة في المجالات التالية:
– دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي: من خلال توفير النقل المدرسي، وبناء الداخليات، وتوزيع اللوازم المدرسية على التلاميذ.
– دعم النساء والشباب: تمويل مشاريع مدرة للدخل لفائدة الشباب والنساء، وتشجيع المقاولات الصغرى والتعاونيات المحلية.
– التنمية القروية: تجهيز القرى بالماء والكهرباء، وتحسين ظروف السكن، وبناء مراكز صحية للقرب.
– الرعاية الإجتماعية والصحية: إحداث دور للعجزة، ومراكز لذوي الإحتياجات الخاصة، وتقديم خدمات طبية متنقلة.
إن ما تحقق في وادي الذهب هو ثمرة سياسة ملكية حكيمة تراهن على جعل الأقاليم الجنوبية قاطرة للتنمية الإفريقية، ونموذجا للتكامل بين الوحدة الوطنية والعدالة الإجتماعية والمجالية، ولا تزال الأوراش مفتوحة لتحقيق المزيد، لا سيما في مجالات الإقتصاد الأخضر، والإبتكار، والتنمية البشرية المستدامة.
إن ذكرى 14 غشت تعد مناسبة وطنية عزيزة، نستحضر فيها أمجاد الكفاح من أجل استكمال الوحدة الترابية، ونثمن منجزات التنمية التي تجعل من وادي الذهب نموذجا حيا في التوازن بين الوفاء للهوية الوطنية والإنفتاح على المستقبل.
وستظل هذه الذكرى مصدر فخر وإلهام للأجيال الصاعدة، من أجل الإستمرار في البناء والعطاء، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتحت الشعار الخالد:
“الله، الوطن، الملك”.