سياسة

حموني: التحسن الاقتصادي ظرفي وسنة 2026 ستكون “سنة بيضاء” اجتماعيا

قدم رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، تحليلا نقديا مفصلا للتوجهات الحكومية المعلنة في منشور رئيس الحكومة الصادر بتاريخ 8 غشت 2025، والمتعلق بإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026.

وفي تصريح مكتوب توصلت جريدة “العمق”، بنسخة منه شكك حموني في الرؤية المتفائلة للحكومة، كاشفا عن وجود فجوة عميقة بين المؤشرات الاقتصادية المحسنة التي تروج لها والواقع الاجتماعي والاقتصادي الملموس للمواطنين، ومبرزا سلسلة من التناقضات الجوهرية في السياسات المعلنة.

وسجل حموني أنه على الرغم من التحسن الموضوعي لبعض المؤشرات المالية والاقتصادية خلال النصف الأول من عام 2025، فإن هذا التقدم لا يمكن أن يعوض الخسائر الكبيرة التي تراكمت اقتصاديا واجتماعيا خلال سنوات 2022 و2023 و2024. وأرجع هذا التحسن المحدود إلى ثلاثة عوامل رئيسية لم تبذل فيها الحكومة جهدا سياسيا خاصا، وهي السنة الفلاحية الممطرة التي أنعشت القطاع الزراعي، والارتفاع الملحوظ في عائدات السياحة، إضافة إلى نجاعة أداء الإدارة الضريبية في تحصيل الموارد.

وانتقد رئيس الفريق البرلماني بشدة الطريقة التي تقدم بها الحكومة بيانات عجز الميزانية وتراجع المديونية، فبينما يعتبر انخفاض عجز الميزانية أمرا إيجابيا في ظاهره، دعا حموني الحكومة إلى توضيح ما إذا كان هذا الانخفاض ناتجا عن مداخيل غير مستدامة مصدرها تمويلات مبتكرة أو صناديق خاصة. وفيما يخص المديونية، نبه إلى أن تراجعها كنسبة من الناتج الداخلي الخام يخفي حقيقة ارتفاع قيمتها المطلقة، مطالبا بالحسم في النقاش المتعلق بضرورة إدراج مديونيات المؤسسات والمقاولات العمومية ضمن الدين العام.

وشدد حموني على أن نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا يعكس الفرص الحقيقية والمؤهلات الهائلة التي يمتلكها المغرب، مؤكدا أن الاستثمارات العمومية الضخمة في البنى التحتية يجب أن تتجاوز مجرد تبسيط المساطر الإدارية لتصبح رافعة حقيقية لجلب استثمارات خاصة ذات قيمة مضافة، وهو ما يتطلب، حسب قوله، مجهودا سياسيا وتفاوضيا أكبر.

وفي السياق ذاته، كشف عن تناقض صارخ في حديث الحكومة عن هدف تقليص البطالة إلى 9% بحلول عام 2030، حيث تربط تحقيق هذا الهدف البعيد زمنيا عن ولايتها الحالية بالتساقطات المطرية، مما يناقض تصريحاتها السابقة حول سعيها لفصل النمو الاقتصادي عن الظروف المناخية.

وعلى الصعيد الاجتماعي، أبرز حموني غياب أي إشارة في منشور رئيس الحكومة إلى تخصيص ميزانية لإصلاح أنظمة التقاعد أو لتوسيع التعويض عن فقدان الشغل، معتبرا أن سنة 2026 ستكون “سنة بيضاء” على مستوى هذين الإصلاحين الرئيسيين في قانون الحماية الاجتماعية.

كما أشار رئيس فريق التقدم والاشتراكية إلى اعتراف الحكومة لأول مرة بعدم تحقيق هدف تعميم التغطية الصحية، حيث يصل عدد غير المستفيدين فعليا إلى حوالي 8 ملايين مواطن. وفيما يتعلق ببرامج الدعم.

وأوضح حموني أن الدعم المباشر للسكن الذي استفادت منه 57 ألف أسرة لم يصل للأرقام المعلنة مسبقا، كما أنه لم يعالج التفاوتات المجالية الصارخة في توفير العرض السكني. وبالمثل، لم تتجاوز المبالغ المعبأة لبرنامج مواجهة تداعيات زلزال الحوز 14.5 مليار درهم حتى يوليوز 2025، وهو رقم بعيد كل البعد عن هدف 48 مليار درهم الذي أعلنت عنه الحكومة لتعبئته في سنتين.