سياسة

توجيهات لفتيت تقطع العطلة الصيفية للأحزاب وتجبرها على إعداد مذكراتها الانتخابية

في خطوة غير مسبوقة كسرت التقليد السياسي المعتاد، وجدت الأحزاب السياسية المغربية نفسها مجبرة على قطع عطلتها الصيفية والعودة إلى أجواء العمل المكثف، بهدف مواصلة مشاوراتها الداخلية لإعداد وصياغة مذكراتها الانتخابية، في أفق رفعها إلى وزارة الداخلية قبل متم شهر غشت الجاري، وذلك استجابة لدعوة الوزير عبد الوافي لفتيت ووفقا لتوجيهات خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش الصادر في 29 يوليوز الماضي.

وعلى عكس أشهر الصيف السابقة، التي تشهد مقرات الأحزاب فيها هدوءا خلال هذه الفترة من العام، تحولت الآن إلى فضاء يعج بالاجتماعات والورشات التي يشارك فيها القادة والخبراء والأطر الحزبية، بهدف بلورة مقترحات ناضجة ومتكاملة تستجيب لمحاور المشاورات التي أطلقتها وزارة الداخلية، والتي تهدف إلى تجويد القوانين الانتخابية استعدادا للاستحقاقات المقبلة.

وأكدت مصادر حزبية اتصلت بها جريدة “العمق” أن أطر الأحزاب تعكف على تجميع المقترحات ومناقشتها داخليا، سواء بشكل حضوري أو عن بعد، قبل اعتماد النسخ النهائية لرفعها إلى وزارة الداخلية، مضيفة أن الاجتماعات الداخلية تركز على تضمين المقترحات المتعلقة بتحديث اللوائح الانتخابية، وتعزيز تمثيلية النساء والشباب، وتطوير آليات المراقبة لضمان نزاهة العملية الانتخابية.

وأكدت ذات المصادر أن “هذه الخطوة تهدف إلى تقديم مذكرات متوازنة تلبي تطلعات المواطنين وتواكب الإصلاحات التي أعلنتها الوزارة، من خلال التركيز على ضمان شفافية الانتخابات، وتعزيز المشاركة السياسية، وتسهيل ولوج جميع الفئات الاجتماعية إلى العملية الانتخابية، بما يضمن تمثيلية عادلة للكفاءات ويحد من التجاوزات المحتملة أثناء الاقتراع”.

مصادر من حزب الاستقلال أكدت لجريدة “العمق” أن الحزب يتوفر على تصور واضح لتجويد القوانين الانتخابية، سبق عرضه بمعية أحزاب المعارضة قبل انتخابات 2021، مشيرة إلى أن التصور الجديد يهدف إلى تنقيح المذكرة السابقة مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات السياسية وممارسات ما بعد انتخابات 2021، فضلا عن مخرجات الإحصاء العام للسكنى لسنة 2024.

وشددت المصادر ذاتها على أن حزب الاستقلال يولي أهمية كبرى لتضمين مقترحاته ضمان مشاركة فعالة للنساء والشباب، مؤكدة ضرورة اعتماد لوائح جهوية لتقريب التمثيل من المواطنين وتعزيز العدالة الانتخابية، مضيفة أن الحزب يسعى إلى أن تكون المذكرات النهائية أداة إصلاحية واضحة تدعم نزاهة العملية الانتخابية وتحقق توازنا بين الحقوق السياسية وحماية المصلحة العامة.

وأضافت المصادر أن الحزب يعمل خلال الفترة الحالية على جمع الاقتراحات من منظماته الموازية، وسيتم مناقشة هذه الاقتراحات وتطلعاتها داخل أجهزته الداخلية قبل رفع تقرير مفصل إلى اللجنة التنفيذية، التي ستتخذ القرار النهائي بشأن المذكرة قبل تقديمها إلى وزارة الداخلية، مؤكدة أن الوقت الممنوح حتى نهاية الشهر كاف لإعداد مذكرة تعكس رؤية الحزب لإصلاح المنظومة الانتخابية وتعزيز الشفافية والمشاركة السياسية.

وفي السياق ذاته، أكّد مصدر من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن المذكرة التي سيقدمها الحزب إلى وزارة الداخلية تتضمن رؤية مفصّلة لإصلاح المنظومة الانتخابية، ترتكز على مراجعة شاملة للتقطيع الانتخابي، بهدف جعل التوزيع الجغرافي للمقاعد متناسبا مع نتائج الإحصاء العام للسكان لسنة 2024، بما يضمن تمثيلية عادلة لكل الدوائر الانتخابية ويعكس التحولات الديمغرافية التي شهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، معتبرا أن هذا التعديل سيعزز نزاهة الانتخابات ويحدّ من التلاعب بتوزيع الأصوات بين المناطق المختلفة.

وأوضح المصدر ذاته أن المذكرة ستؤكد على ضرورة تعزيز الإطارات المشرفة على العملية الانتخابية، بما يشمل اللجنة الوطنية واللجان الإقليمية، وتحديد آليات واضحة لمراقبة سير الحملات الانتخابية وضمان حياد وسائل الدولة، مشيرا إلى أن الحزب يسعى من خلال هذه الإصلاحات إلى منع أي استغلال غير مشروع للموارد العمومية خلال الحملات الانتخابية، وتوفير شروط متساوية لجميع الأحزاب السياسية، بما يضمن شفافية المنافسة ويعيد الثقة للمواطنين في المؤسسات الانتخابية.

إضافة إلى ذلك، أكد المصدر ذاته أن مقترح الحزب سيتضمن تسهيلات لمشاركة مغاربة العالم في الانتخابات، عبر تبسيط الإجراءات وتوفير الوسائل التقنية واللوجستيكية اللازمة لهم، إلى جانب تشجيع إشراك الشباب والنساء في بلورة التعديلات الانتخابية لضمان تمثيلية واسعة تعكس تنوع المجتمع المغربي، مبرزا أن المذكرة ستسلّط الضوء على دور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الرقمي في تحسين كفاءة العملية الانتخابية ورفع مستوى الشفافية، بما يساهم في ترسيخ الديمقراطية وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتهم.

إلى ذلك، أكد مصدر من داخل حزب العدالة والتنمية أن المذكرة ترتكز على معالجة الاختلالات التي تعتري القوانين والممارسة الانتخابية، وتوفير الشروط القانونية والإدارية والعملية والتقنية اللازمة لضمان شفافية المنافسة وتكافؤ الفرص بين جميع الأحزاب السياسية، مبرزا أن مذكرة الحزب ستتضمن الكثير من النقاط التي سبق عرضها في مذكرته لإصلاح الانتخابات سنة 2020.

وأوضح المصدر ذاته أن المذكرة تتضمن توسيع نمط الاقتراع باللائحة ليشمل الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها 20 ألف نسمة بدل 35 ألفا، واعتماد عتبة انتخابية بنسبة 6% لتعزيز التنافسية ودعم البرامج الحزبية، وتعزيز ضمانات حياد الإدارة العمومية والجماعية عبر منع الموظفين الجماعيين وأعوان السلطة من المشاركة في تدبير العمليات الانتخابية كأعضاء في لجان الإشراف على مكاتب التصويت.

وأضاف المصدر أن المذكرة تتضمن الاحتفاظ بجميع أوراق التصويت المعبر عنها والملغاة طيلة مراحل الطعن، مع منح الحق في إعادة فرز الأوراق الملغاة أمام المحكمة الدستورية لكل طاعن في النتائج الانتخابية، وتعليق لوائح الناخبين بمكاتب التصويت طيلة يوم الاقتراع لضمان الشفافية والمصداقية.

من جانبه، أبرز مصدر من داخل حزب التقدم والاشتراكية أن المذكرة التي سيقدمها الحزب إلى وزارة الداخلية تأتي في إطار جهوده المستمرة لتعزيز الديمقراطية وتطوير الحياة السياسية، مؤكدا أنها سترتكز على مراجعة نمط الاقتراع بهدف توسيع مجال التمثيلية وضمان إشراك القيادات الوطنية والأطر السياسية القادرة على الإسهام الفعّال داخل البرلمان.

وأوضح المصدر ذاته أن المذكرة تركز كذلك على تعزيز تمثيلية النساء داخل المؤسسات التمثيلية، وإرساء مبدأ تمثيلية القرب عبر إشراك نخبة محلية من المسؤولين، بما يتيح انخراطا أوسع للناخبين ويعكس التنوع الاجتماعي للمجتمع المغربي، مبرزا أن الحزب يشدد على ضرورة تنظيم انتخابات نزيهة تتيح للحكومة القادمة ممارسة اختصاصاتها الدستورية بكفاءة وفاعلية، مع التركيز على تعزيز الشفافية واحترام الحقوق والحريات، وتوسيع مجال المشاركة السياسية لجميع المواطنين، بما يساهم في ترسيخ ممارسة ديمقراطية عميقة ورفع ثقة المواطن في المؤسسات الانتخابية.