أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن الهجوم الإسرائيلي على العاصمة الدوحة، الذي استهدف مباني سكنية لقادة حركة حماس، يمثل “إرهاب دولة” وانتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية والمعايير الأخلاقية.
وأوضح المسؤول القطري في حوار مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، أن هجوم الدوحة أنهى كل أمل بشأن الأسرى الإسرائيليين في غزة، كاشفا أن قطر “تعيد تقييم كل شيء” عن دورها كوسيط رئيسي في المفاوضات بين إسرائيل وحماس.
وأضاف أن الهجوم تسبب في تهديد حياة كبار مسؤولي حركة حماس، وأن كبار قادة الأمن القطري تعرضوا لإصابات حرجة، مما يعكس خطورة العمل الإسرائيلي على الساحة القطرية، واصفا الهجوم بأنه “عمل غادر يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي”.
وأشار إلى أن الهجوم أدى إلى استشهاد ستة أشخاص، بينهم نجل القيادي في حماس خليل الحية ومدير مكتبه وثلاثة من مرافقيه، بالإضافة إلى عنصر من قوة الأمن الداخلي القطري، فيما أكدت حركة حماس أن قادتها نجوا من محاولة الاغتيال.
وشدد رئيس الوزراء القطري على أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتحمل مسؤولية هذا التصعيد، وأنه يجب أن يُقدم للعدالة الدولية باعتباره مطلوبا أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف: “يحاول نتنياهو تقديم محاضرات عن القانون، بينما هو نفسه ينتهك القوانين الدولية ويقود المنطقة إلى الفوضى”، معتبرا أن إسرائيل تسعى لتقويض فرص السلام والاستقرار، مؤكدا أن أي محاولة لتجاهل هذا الاعتداء لن تمر دون رد.
كما كشف الشيخ محمد بن عبد الرحمن عن أن الدوحة بصدد التشاور مع شركائها في المنطقة لإيجاد رد إقليمي موحد على هذا الاعتداء، موضحا أن الرد “يجب أن يكون حقيقيا وذا قدرة على وقف بلطجة إسرائيل”.
وأشار إلى أن هناك قمة عربية إسلامية طارئة ستعقد في الدوحة خلال الأيام المقبلة، حيث سيناقش المشاركون مسار العمل الذي يردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الأعمال العدوانية.
ولفت الشيخ محمد بن عبد الرحمن إلى أن الهجوم الإسرائيلي لم يتم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، رغم استمرار المفاوضات بطلب منها، مؤكدا تلقي أمير قطر اتصالا من الرئيس الأميركي شجب خلاله الاعتداء.
وأضاف أن الدوحة لم تدخر وسعا لإنجاح جهود الوساطة، لكن بعد هذا الهجوم “لم يعد هناك شيء قائم”، ما يفرض إعادة تقييم كامل لدور قطر في الوسطاء بين الأطراف المتصارعة في المنطقة.
واختتم رئيس الوزراء القطري تصريحاته بالتأكيد على أن قطر ستتعامل بحزم مع أي اختراق أمني مستقبلي، وأن الهجوم الإسرائيلي رسالة واضحة إلى المنطقة مفادها أن هناك “لاعبا مارقا يمارس عربدة سياسية”، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد للرد على هذه الأعمال.
وتستضيف الدوحة منذ 2012، المكتب السياسي لحركة حماس، وذلك بموافقة الإدارة الأمريكية التي سعت للحفاظ على قناة اتصال مع الحركة، وهو ما جعل قطر تلعب دور الوساطة بين حماس وإسرائيل منذ بداية الحرب على غزة.
وعصر اليوم الخميس، شُيع بالعاصمة القطرية الدوحة، شهداء الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف مباني سكنية لقادة حركة “حماس” في الدوحة، الثلاثاء الماضي، وذلك بحضور أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وأقيمت صلاة الجنازة بعد صلاة عصر في جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فيما تم دفن الشهداء في مقبرة “مسيمير”.
وبحسب السلطات القطرية، فقد أدى الهجوم الإسرائيلي إلى استشهاد خمسة من أعضاء حركة “حماس” وعنصر واحد من قوات الأمن القطرية، فيما نجت قيادة الحركة من محاولة الاغتيال.
وكشفت “حماس” أن شهداءها هم: همام الحية، نجل كبير مفاوضي الحركة خليل الحية، ومدير مكتبه، جهاد لباد، إضافة إلى المرافقين أحمد مملوك وعبد الله عبد الواحد ومؤمن حسون، فيما استشهد العريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من قوة الأمن الداخلي القطري خلال الهجوم.
ويوم الثلاثاء، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مقرات سكنية لقيادات حركة “حماس” في العاصمة القطرية الدوحة، وذلك خلال اجتماع لقيادة الحركة كان مخصصا لمناقشة مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار.
وأعلنت وزارة الداخلية القطرية، أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة الدوحة أسفر عن استشهاد عنصر من قوة الأمن الداخلي أثناء مباشرة مهامه، وإصابة آخرين، مشيرة إلى أن جميع الإجراءات متخذة وبمشاركة قوة الأمن الداخلي لضمان سلامة المواطنين والمقيمين، مع استمرار التحقيقات لتحديد كل تفاصيل الحادثة.
وعلق رئيس الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، أمير أوحانا، على العملية عبر حسابه الرسمي في منصة “إكس”، معتبرا أن الهجوم يمثل “رسالة لكل الشرق الأوسط”، في إشارة إلى طبيعة العملية وأهدافها الاستراتيجية من منظور إسرائيل.