مجتمع

المسرح الكبير .. غبار الإغلاق يطغى على أكبر مشروع ثقافي بالدار البيضاء

تعيش ساكنة مدينة الدار البيضاء على وقع استياء كبير وواسع، بسبب تأخر افتتاح “المسرح الكبير” باعتباره أحد أكبر المشاريع الثقافية بالعاصمة الاقتصادية، رغم أن هذه المعلمة جرى الانتهاء من أشغالها منذ عدة أشهر.

ويسود غضب شديد في صفوف الهيئات الحقوقية والمدنية الناشطة بمدينة الدار البيضاء، نتيجة ما اعتبروه “تغاضي” السلطات الولائية والمنتخبة عن هذه “التحفة الثقافية” التي ما تزال أبوابها مغلقة رغم اكتمال أشغال بنائها، والتي كلفت أزيد من 100 مليار سنتيم.

وطالب فاعلون حقوقيون ومدنيون بالعاصمة الاقتصادية والي جهة الدار البيضاء سطات، محمد امهيدية، بضرورة تحريك ملف “المسرح الكبير”، الذي باتت واجهته الخارجية تطغى عليها آثار الغبار الناتج عن التلوث البيئي بالمدينة.

وما تزال السلطات بمختلف مستوياتها لم تقدم أي تبرير لأسباب استمرار إغلاق أبواب المسرح الكبير، في ظل إعلان شركة “البيضاء للتهيئة” عن انتهاء الأشغال منذ مدة، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصيره.

وقال محمد العماري، فاعل حقوقي بمدينة الدار البيضاء، إن “المشهد الثقافي بالعاصمة الاقتصادية يعيش منذ سنة 1984، تاريخ هدم المسرح البلدي، حالة من الفراغ الكبير الذي ما زالت المدينة تعاني تبعاته إلى اليوم”.

وأوضح أن “ذلك المسرح لم يكن مجرد بناية عادية، بل كان معلمة فنية وتاريخية ساهمت لعقود في تنشيط الساحة الثقافية والفنية، واحتضنت أسماء وفعاليات بصمت المشهد الفني المغربي”.

وأردف العماري، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن “الآمال تجددت حينما أعطى الملك محمد السادس، بتاريخ 16 أكتوبر 2014، الانطلاقة الرسمية لأشغال بناء المسرح الكبير للدار البيضاء، وهو مشروع ضخم جرى تقديمه باعتباره سيكون أيقونة ثقافية ومعمارية، وواجهة فنية قادرة على إعادة الروح إلى الحياة الثقافية للمدينة”.

وتابع موضحا أن “الرهان كان أن يشكل هذا الصرح منصة لاستقطاب العروض العالمية الكبرى، ومجالا لتعزيز المشهد الفني المحلي، بما يليق بمدينة بحجم الدار البيضاء”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “انتظار افتتاح هذا المشروع طال أكثر من المتوقع، مما خلق لدى الفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي شعورا بالإحباط، لكن الأمل ما زال قائما في أن يفتح المسرح أبوابه قريبا أمام مختلف الأنشطة الفنية”.

واعتبر أن “هذا الفضاء لا يمثل مجرد إضافة معمارية للمدينة، بل هو رمز لإعادة الاعتبار للحركة الثقافية، ورسالة واضحة بأن الدار البيضاء تستحق فضاء يليق بمكانتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.

وأوضح العماري أن “منذ هدم المسرح البلدي القديم، وجدت المدينة نفسها محرومة من فضاء حقيقي لاحتضان العروض الفنية الكبرى، ما دفع العديد من التظاهرات إلى البحث عن بدائل غير ملائمة في أغلب الأحيان”.

وأضاف: “من المرتقب أن يشكل المسرح الكبير عند افتتاحه نقطة تحول محورية، إذ سيمكن من استضافة عروض عالمية راقية، ويضع المدينة على الخريطة الدولية للمسارح الكبرى، إلى جانب كبريات الحواضر العالمية”.

وأكد الفاعل الحقوقي أن “هذا المسرح لن يكون فقط مخصصا للعروض الأجنبية، بل سيمنح المبدعين والفنانين المغاربة فضاءً احترافيا مجهزا بأحدث المعايير التقنية والفنية، ما سيمكنهم من تقديم أعمالهم في ظروف تليق بجودة إبداعاتهم”.

وأفاد أن “تنوع العروض المنتظرة، من مسرح وموسيقى وباليه وفنون متعددة، سيعزز من حيوية الحياة الثقافية بالدار البيضاء، ويجعلها قبلة للجمهور الباحث عن الفن الراقي”.

وختم العماري تصريحه بالتأكيد على أن “الانتظار الطويل زاد من شغف الجمهور، لكنه يفرض في الآن ذاته ضرورة محاسبة الجهات المسؤولة عن التأخر في إنجاز وافتتاح هذا الصرح الثقافي”.

وشدد على أن “فتح تحقيق شفاف حول أسباب هذا التأخير بات مطلبا ملحا، حتى لا يتكرر السيناريو مع مشاريع ثقافية أخرى، خاصة وأن الدار البيضاء في حاجة ماسة إلى مبادرات تعيد إليها بريقها الفني والثقافي”.