مجتمع

أرقام حرب الطرقات تدفع “نارسا” لدراسة سلوكيات السائقين بالمغرب

في خطوة استراتيجية للحد من آفة حوادث السير، أطلقت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (NARSA) مشروعا وطنيا يهدف إلى رصد وتحليل سلوكيات مستخدمي الطريق على نطاق واسع في جميع أنحاء المملكة.

المشروع، الذي تبلغ قيمته 1.26 مليون درهم، يسعى إلى توفير بيانات دقيقة وموثوقة لقياس فعالية السياسات الحالية في مجال السلامة الطرقية، ووضع استراتيجيات مستقبلية أكثر استهدافا لحماية المواطنين وتقليل الخسائر البشرية والمادية على الطرق المغربية.

وتأتي هذه المبادرة في ظل إحصاءات صادمة تشير إلى وفاة نحو 3600 شخص وإصابة أكثر من 150 ألف آخرين سنويا نتيجة حوادث السير في المغرب، ما يترجم إلى تكلفة اقتصادية واجتماعية تجاوزت 15 مليار درهم سنويا.

وتشير NARSA إلى أن ما يقارب 80% من هذه الحوادث يعود إلى سلوكيات مستخدمي الطريق، ما يجعل فهم هذه السلوكيات خطوة أساسية لوضع حلول فعالة والتدخل للحد من المخاطر وتحقيق بيئة طرقية أكثر أمانا.

ويركز المشروع على قياس ثلاثة مؤشرات سلوكية رئيسية تمثل عوامل الخطر الأساسية في حوادث السير، تبدأ بالتحقق من مدى التزام سائقي وركاب السيارات بارتداء حزام الأمان، الذي أثبتت الدراسات أنه يقلل من خطر الوفاة بنسبة تصل إلى 50%.

كما يتم رصد نسبة مستخدمي الدراجات النارية والعادية والدراجات الثلاثية العجلات الذين يلتزمون بارتداء الخوذة، إذ تبين الأبحاث أن الخوذة تقلل من إصابات الرأس الخطيرة بنسبة تفوق 70% وتخفض احتمالية الوفاة بشكل ملحوظ.

ويشمل المشروع أيضا قياس السرعة الفعلية للمركبات باستخدام رادارات متطورة في مناطق حضرية وقروية، حيث أظهرت الإحصاءات أن زيادة السرعة بمقدار 1 كم/ساعة ترفع احتمالية وقوع الحوادث المميتة بنسبة تصل إلى 5%.

وسيتم تنفيذ المشروع وفق منهجية دقيقة ومتكاملة تبدأ بمرحلة تحضيرية تشمل اختيار المواقع الميدانية بشكل عشوائي ومنهجي في جميع مناطق المغرب، مع مراعاة التنوع الجغرافي ونوع الطرق، وتجهيز الفرق الميدانية بالوسائل والمعدات اللازمة.

تليها المرحلة الميدانية التي تقوم فيها فرق مدربة بجمع البيانات عبر الملاحظة المباشرة، وتسجيل معلومات دقيقة عن السائقين والركاب وسلوكياتهم، بما في ذلك استخدام الهاتف أثناء القيادة وارتداء حزام الأمان والخوذة.

وفي المرحلة الأخيرة، يتم معالجة البيانات وتنقيحها وتحليلها لإعداد تقرير شامل وملخص ثنائي اللغة، بالإضافة إلى قاعدة بيانات جاهزة للاستغلال، مع نشر النتائج سنويًا في “بارومتر سلوكيات مستخدمي الطريق” الذي سيصبح أداة رئيسية لدعم القرارات الاستراتيجية في مجال السلامة الطرقية.