مجتمع

اختفاءات تندوف تتكرر.. وفاة غامضة لطالب صحراوي تثير الشكوك والاتهامات

خيمت أجواء من الصدمة والحزن على مخيمات تندوف، عقب العثور على جثة الشاب الصحراوي آدم بهاها مشنوقا داخل منزل مهجور بحي زركوه بمدينة تندوف الجزائرية، وذلك بعد اختفاء دام نحو أربعة أشهر، وسط ظروف غامضة لا تزال تثير الكثير من التساؤلات.

وحسب ما أفاد به منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف “فورساتين”، فإن الشاب لم يكن يعاني من أي اضطرابات نفسية، ولم تصدر عنه إشارات تدل على نيته في الانتحار، وهو ما يعزز الشكوك حول احتمال تعرضه لجريمة قتل.

آدم بهاها، طالب جامعي كان يتابع دراسته بإسبانيا، اختفى في 25 يونيو الماضي مباشرة بعد مغادرته منزل عائلته بالمخيم، ما دفع أسرته وأصدقاءه إلى إطلاق عمليات بحث واسعة استمرت لأشهر دون نتيجة. ولم يتم العثور على جثته إلا يوم 16 أكتوبر الجاري، وسط صمت رسمي جزائري حول طبيعة الوفاة، ما دفع عائلته إلى المطالبة بفتح تحقيق شفاف ونزيه لكشف ملابسات الحادث.

ووفق معطيات أولية من مسرح الحادث، نقلها “فورساتين”، تم العثور على جثة الشاب في وضع أثار الشك، حيث لم يعثر على رسالة وداع أو ما يدل على انتحار، فيما أكد أقاربه أنه كان يتمتع بحالة نفسية مستقرة، ما يجعل فرضية القتل قائمة بقوة، في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيق.

وطالبت عائلة آدم بهاها، استنادا إلى المادة 30 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، السلطات الجزائرية بفتح تحقيق جدي ومسؤول، وعدم إغلاق الملف تحت عنوان الانتحار دون توفر أدلة قطعية. كما دعت إلى الاستماع لجميع الفرضيات الممكنة وعدم استبعاد أي سيناريو.

وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة سلسلة من الاختفاءات الغامضة التي شهدتها مخيمات تندوف في السنوات الأخيرة، والتي راح ضحيتها عدد من الشباب، في ظروف مشابهة. وسجل منتدى “فورساتين” عدة حالات مماثلة، من بينها قضية الشاب فضيلي ولد محمد ولد البشير، الذي اختفى ثم عُثر عليه مقتولا، إلى جانب حالات أخرى انتهت بالعثور على جثث في أماكن معزولة، داخل حاويات نفايات، أو هالكة في الصحراء أثناء محاولات للهجرة.

تكرار سيناريوهات الموت الغامض في صفوف شباب المخيمات، في ظل هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يجعل من هذه الحالات أكثر من مجرد حوادث فردية، بل مؤشرا مقلقا على أزمة إنسانية واجتماعية حادة.

وفي السياق ذاته، رفعت منظمة “التاميرانو” الإسبانية مؤخرا تقريرا إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان خلال دورتها الستين، نبهت فيه إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان داخل المخيمات، متحدثة عن انتهاكات متعددة من بينها نقص التغذية، غياب الرعاية الصحية، تجنيد الأطفال، والاعتداءات الجسدية، خصوصا ضد النساء والفتيات.

رحيل آدم بهاها بهذه الطريقة المأساوية يسلط الضوء على واقع شريحة واسعة من شباب المخيمات الذين يعيشون في عزلة وتهميش، وسط غياب أفق سياسي واجتماعي واضح. كما يعيد إلى الواجهة أسئلة حارقة حول المسؤولية، العدالة، ومستقبل الشباب الصحراوي في منطقة تشهد فراغا مؤسسيا وأمنيا خطيرا.

استمرار مسلسل الاختفاءات في ظل انعدام المحاسبة وغياب الشفافية يطرح بإلحاح ضرورة تدخل المنظمات الدولية لحماية أرواح سكان المخيمات، وإنهاء هذا المسار المظلم الذي بات يهدد أمنهم الإنساني وحقهم في الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *