منتدى العمق

التقية السياسية

التقية أسلوب من الأساليب الخطيرة التي تستخدمها الشيعة الرافضة في حالة الضعف، أما في حالة القوة فإنها تظهر معتقداتها علانية دون توجس أو خوف، لانتهاء الضرر في زعمها.

وتعني في اللغة: الوقاية والحذر، أما في اصطلاح الشيعة فتعني بشكل عام أن يظهر الفرد خلاف ما يبطن دفعا لضرر محتمل، وهو منهج يستخدمه الأفراد من الشيعة لإخفاء معتقدات ومواقف سياسية لا يسمح بها المجتمع، ويعتبرها مخالفة لقيمه وثوابته، ويستنكرها لخطورتها على الدولة ومؤسساتها.

والملاحظ أن التقية كذب واضح ألبسته الشيعة لباسا دينيا سمته التقية، وجعلته جزء من الإيمان، بل نفت الإيمان عن كل من لم يستخدمه، ويجعله أسلوبا له في حياته، فقالوا:”لا إيمان لمن لا تقية له”. بمعنى “لا إيمان لمن لا كذب له”.

صحيح أن بعض الشيعة يرون “بأنهم لا يريدون بالتقية الكذب بل يقصدون بها كتمان الأمر صيانة للنفس ووقاية للشر” غير أن الحقيقة أن التقية بهذا المعنى ما هي إلا وسيلة من الكذب والنفاق والخداع، وإظهار الفرد خلاف ما يبطن.

انتقل هذا الأسلوب إلى بعض الحركات السياسية، وجعلته وسيلة تستخدمه للوصول إلى السلطة والمناصب، والحصول على المصالح والغنائم المادية، حيث سارت حركة الإخوان المسلمين على المنهج نفسه في دعوتهم، لأجل كسب تعاطف الجماهير واحتوائها للوصول إلى مرادهم وتحقيق أهدافهم ومصالحهم.. فقد كان أبرز قيادتها يمارس التقية والمناورة مع الملك فاروق في مصر مظهرا ولاءه له، وهو في الحقيقة يخطط بسرية بالغة للقيام بالثورة ضده….

امتد هذا الأسلوب أيضا إلى الحركات والجماعات المتأثرة بفكر تنظيم الإخوان، في مختلف الدول الإسلامية – من ذلك بلدنا الحبيب المغرب- فأصبحت تستخدمه في منهجها للوصول إلى المسؤوليات والمناصب واحتكارها، يقول العلامة فريد الأنصاري رحمه الله -وهو يوضح مصطلح العقلية المطيعة- :”نقصد بالعقلية المطيعة: ذلك المنهج الحركي القائم على أسلوب المناورة والخداع، في التعاطي للشأن الإسلامي من الناحية التنظيمية والإدارية”.

وهكذا فقد سارت بعض التنظيمات السياسية تتخذ من التقية والنفاق والخداع والتخفي والمكر والكيد والتلاعب والحكم على المعارض المخالف لها، وتشويه صورته وسائل لتحقيق المصالح الشخصية المكيافيلية، خصوصا لدى القيادات لتحسين وضعهم الاجتماعي المادي، وضمان مستقبل أبنائهم، وهو ما أكده الكاتب لحسن كرام في كتابه الذئاب الملتحية: الخديعة الكبرى.
والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية ومراجعة فكرية للمؤلف، وما عاشه ومر به من تجارب، نتيجة انتماءه لأحد التنظيمات السياسية بالمغرب.

لقد تعرض الكاتب لأبشع أنواع الاستغلال، فقد ضحى بماله ووقته، وأسهم في بناء التنظيم، وصعود قيادته إلى المناصب وتحسين أحوالهم الاجتماعية والمادية، بعدما كانوا يمشون وأحذيتهم شبه مقطعة.

فقد تم إقناع الكاتب بداية بأنه يخدم مشروعا حضاريا، وأنه يساهم في بناء نخب سياسية وطنية خدمة للوطن، فاستمر على هذا الحال إحدى عشرة سنة مغيبا، يضحي ويقدم الغالي والنفيس خدمة للتنظيم وقيادته.

نجح التنظيم السياسي، وتوسع، وحصلت قيادته على المناصب والغنائم، أما الكاتب فقد استفاق من غفلته ليكتشف أنه تعرض لغسيل دماغي، وأنه لم يجن سوى ضياع الوقت والمال والتقصير في حق أسرته وعائلته وزملائه، بل خسر كل شيء حتى عمله فرجع فقيرا، – وهو كفاءة علمية متخصص في المعلوميات – ليدخل في أزمة نفسية كادت أن تدمره، وتخرجه عن صوابه لولا ألطاف الله عز وجل، ثم تدخل زوجته، التي وقفت بجانبه لتجاوز أزمته ومصيبته.

أخيرا ختم الكاتب كتابه بوصية يوصي فيها المغاربة بالابتعاد عن كذا تنظيمات وجماعات، لأنها سارقة للمستقبل والأحلام ومضيعة للأوقات، ثم حذر من الانتماء لها.

نعم يا سادة إنه الإصلاح من الداخل! وممارسة التقية في أبشع صورها مع ثلاث فئات، وهي:

أولا: الدولة وذلك بإظهار الولاء لها.

ثانيا: أتباع التنظيم وذلك بغسل أدمغتهم وإقناعهم بأنهم يخدمون ويدافعون عن مشروع الإصلاح من الدخل، وبرمجتهم على الطاعة واتباع الأوامر.

ثالثا: المواطنون البسطاء الذين يتم خداعهم عن طريق تبني خطاب يدافع عن قضايا دولية وأخرى مرتبطة بالهوية، وذلك لكسب تعاطف الجماهير، وخلق شعبية داخلها، والاستفادة من أصواتها أثناء الانتخابات.

كل هذا من أجل أن تحقق القيادات مكاسب شخصية، وتحصل على المناصب والكراسي، وتحسن وضعيتها الاجتماعية والمالية، وتتمكن من التحكم في مفاصل الدولة.

يا لها من برغماتية نفعية مكيافيلية مغلفة بالتقوى والفضيلة! إنها التقية بعينها، وإظهار الصلاح والأخلاق، وإخفاء المصالح الشخصية المبحوث عنها داخل التنظيمات والنضال من أجلها.

ختاما فهذه محاولة لبيان معنى التقية عند الشيعة، وانتقالها إلى بعض الحركات السياسية، لتصبح وسيلة يستخدمها زعماءها وقادتها للوصول إلى السلطة والمناصب، والاستفادة منها لتحسين حياتهم المادية والرقي بها إلى الأفضل، أما الأتباع فلم يحصدوا سوى بذل الجهود والتضحية بأوقاتهم وأموالهم دون جني أي ثمار.

و يا ليتهم بذلوا هذه الجهود والتضحيات في الدفاع عن الوطن وقضاياه، خصوصا الصحراء المغربية، بدل من الإسهام في دعم وصنع رموز وقيادات، قد تتخذ أحيانا مواقف مناهضة للدولة، وتخرج بتصريحات ضد الوطن ومصالحه.