سياسة

إضرام للنار وتخريب ومطاردات.. “ليلة سوداء” بجهة سوس في مواجهات بين الأمن و”جيل z”

تحولت احتجاجات شبابية دعا إليها ما يُعرف بـ”جيل Z”، مساء الثلاثاء وامتدت للساعات الأولى من الأربعاء في مدن بجهة سوس-ماسة، من شعارات اجتماعية تطالب بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد إلى مشاهد عنف وتخريب، شملت إضرام النار في سيارات تابعة للأمن والدرك وتكسير واجهات مؤسسات تجارية، وسط مواجهات عنيفة مع القوات العمومية في إنزكان واشتوكة آيت باها وأيت عميرة والقليعة، خلفت إصابات في صفوف المحتجين ورجال الأمن، واستنفاراً أمنياً غير مسبوق بالمنطقة.

وبمدينة إنزكان، التي سرعان ما تحولت إلى بؤرة مشتعلة للاحتجاجات، أظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي حجم الخسائر التي لحقت بعدد من سيارات الأمن الوطني، إثر تعرضها للتخريب والإحراق، كما وثقت المشاهد ذاتها عمليات رشق مكثف بالحجارة استهدفت عناصر الأمن خلال تدخلهم، وهو ما دفع السلطات إلى الاستعانة بتعزيزات إضافية لمحاولة احتواء الوضع وإعادة السيطرة للأحياء التي عرفت التوتر.

كما اندلعت المواجهات حين حاولت القوات الأمنية تفريق الحشود التي اتسعت رقعتها داخل أحياء المدينة، وتحول الوضع إلى اشتباكات مباشرة استعملت فيها الحجارة بشكل كثيف من طرف بعض الشباب، فيما ردت عناصر الأمن بتدخلات متكررة لتفريق التجمعات، كما وثقت مقاطع مصورة مطاردات بين الأزقة، رافقها صخب وصفارات إنذار عربات الأمن التي جابت شوارع المدينة.

وتحول التجمع السلمي بمنطقة آيت عميرة إلى مشاهد فوضوية بعد ظهور ملثمين بين الحشود وأحدثوا حالة من الذعر، حيث قاموا بتخريب وكالات بنكية وتدمير صيدلية وإحراق الشوارع وحرق سيارات خاصة وسيارات الدرك الملكي، بالإضافة إلى إشعال النار في الحواجز وسلال النفايات ومحيط مركز تجاري، كما تعرضت قوات الأمن المنتشرة لمراقبة الاحتجاجات لرشق مكثف بالحجارة، في مواجهة عنيفة وغير مسبوقة بالمنطقة.

وشملت أعمال العنف تخريب وحرق مركبات الأمن، حيث قام المحتجون بساحة أسرير بجماعة أيت اعميرة، بقلب سيارات تابعة للدرك الملكي وإشعال النيران فيها، كما تضررت ماديًا بشكل كبير سيارات تابعة للأمن الوطني بمدينة إنزكان، حيث أقدم بعض المحتجين على تكسير سيارة تابعة للأمن الوطني، وتهشيم زجاج سيارات المواطنين، إضافة إلى رشق العناصر الأمنية بالحجارة.

وامتدت أعمال التخريب إلى بعض المحلات التجارية وواجهات الأبناك القريبة مخلفة خسائر مادية كبيرة، فضلا عن تسجيل إصابات متعددة في صفوف الطرفين، إذ أصيب عدد من عناصر الأمن بجروح متفاوتة بفعل الرشق بالحجارة، بينما نُقل محتجون بدورهم إلى المستشفى المحلي بعد تعرضهم لإصابات خلال التدخلات الأمنية، ورغم ذلك، استمرت المواجهات حتى ساعات متأخرة من الليل، قبل أن تتمكن القوات العمومية من استعادة السيطرة والهدوء.

ورغم عودة الهدوء تدريجياً إلى هذه المدن مع صباح الأربعاء، إلا أن حالة الاستنفار الأمني ما زالت قائمة، في ظل استمرار متابعة السلطات لعدد من المشتبه فيهم، والتحقيق في خلفيات أعمال التخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة.

وتشهد عدة مدن مغربية منذ نهاية الأسبوع المنصرم، حراكا احتجاجيا في عدد من المدن، تصدره شباب أطلقوا على أنفسهم “جيل Z”، وذلك عبر دعوات انتشرت على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي.

وخرجت هذه الوقفات والمسيرات بشكل متزامن في مدن كالرباط والدار البيضاء وطنجة وتطوان ومدن أخرى، رفعت شعارات تطالب بالحق في الصحة والتعليم والشغل، وتندد بالفساد وغلاء المعيشة، معبرة عن سخط شبابي متصاعد تجاه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة في البلاد.

وكانت رئاسة الأغلبية الحكومية، عقدت أمس الثلاثاء، اجتماعا تحت رئاسة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بحضور عدد من قيادات الأحزاب المشاركة في الأغلبية الحكومية، خصص لمناقشة مستجدات الدخول السياسي والظرفية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وفي سياق متابعة التعبيرات الشبابية المتزايدة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الفضاءات العمومية، أكدت رئاسة الأغلبية الحكومة على حسن إنصاتها وتفهمها للمطالب الاجتماعية التي عبر عنها الشباب، مشددة على استعدادها الكامل للتجاوب الإيجابي والمسؤول مع هذه المطالب من خلال فتح قنوات الحوار والنقاش داخل المؤسسات والفضاءات العمومية.

وأكدت الأغلبية الحكومية في بلاغ لها أن المقاربة المبنية على الحوار والنقاش هي السبيل الوحيد لمعالجة مختلف الإشكالات التي تواجه البلاد، مبرزة حرصها على إحداث حلول واقعية وقابلة للتنزيل تصب في خدمة قضايا الوطن والمواطن، مشيدة بـ”بالتفاعل المتوازن للسلطات الأمنية في التعامل مع هذه التعبيرات، مؤكدة التزامها بأن تتم كل التدخلات الأمنية وفق المساطر القانونية المعمول بها، وذلك حفاظا على الأمن العام وحق التعبير المشروع”.