يشكل تجديد النخب السياسية وإصلاح المشهد العام ركيزة أساسية في خطاب جلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يشدّد على محاربة الممارسات اللامسؤولة والعمل على تعزيز النزاهة والمساواة في الفرص. فمن خلال خطاباته، يبرز جلالته أن النتائج الإيجابية تتحقق عبر الجدية والاحترام في العمل، وليس عبر التبريرات أو الاختباء وراء المؤسسات.
فكما ورد في خطاب جلالته بمناسبة عيد العرش عام 2017، “عندما تكون النتائج إيجابية، تنسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة، للاستفادة سياسياً وإعلامياً من المكاسب. لكن الحقيقة أن من يختبئون وراء القصر تبرير إخفاقاتهم هم الذين لا يتحملون المسؤولية”. وهذا يؤكد على أن القصر الملكي يرفض أن يكون درعاً للإخفاقات، ويطالب النخب بالانضباط والعطاء الحقيقي لخدمة الوطن والمواطن.
وفي هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى تجديد النخب عبر انتخابات شفافة تفرز قيادات ذات مشروعية شعبية، قادرة على التعبير عن مصالح المواطنين، وليست حبيسة حسابات ضيقة وكذلك إشراك الكفاءات الشابة والمجتمعية النزيهة، التي ظلت لسنوات مهمشة، وذلك لإعادة الثقة إلى المشهد السياسي و محاربة الفساد والمال السياسي لضمان نزاهة الانتخابات وترسيخ مبادئ المسؤولية وفتح مجال أوسع للمقاربة الداخلية والخارجية، بما يسمح بمشاركة أوسع وأكثر فعالية في الحياة السياسية وبناء “مغرب المؤسسات الفاعلة” عبر إرادة ملكية قوية تلتقي مع إرادة الشعب، مما يؤسس لقيادة سياسية جديدة، حديثة ونزيهة.
ولتحقيق هذه الرؤية، يقع على عاتق المواطن دور محوري في المطالبة بنخب ملتزمة وشفافة. ويمكن أن تترجم هذه المسؤولية عبر خطط عملية بسيطة وفعّالة، منها التوعية الإعلامية كإنشاء محتوى مبسط على منصات التواصل الاجتماعي يشرح أهمية المشاركة السياسية والحقوق والواجبات وكذلك تنظيم الورشات والتكوينات في الأحياء لتعزيز الوعي المجتمعي بدور الأفراد في التنمية وكذلك فتح منصات الحوار المفتوحة من أجل تفعيل نقاشات بناءة عبر جمعيات المجتمع المدني لتبادل الأفكار وطرح التحديات ولا ننسى تمكين الشباب والنساء في دعم المبادرات التي تتيح للشباب والنساء أدواراً قيادية في السياسة والتنمية وكذلك المتابعة والمحاسبة وهذا الشيء مهم جدآ من أجل تشجيع إنشاء لجان مراقبة محلية للكشف عن أي تجاوزات والمطالبة بالشفافية.
لقد انتهى زمن التوريث العائلي وهرمية المصالح الضيقة التي تعيق التقدم. اليوم هو وقت الشباب والكفاءات الوطنية لتتولى زمام المبادرة وتخدم الوطن بكل إخلاق ومسؤولية. فالضغط الإيجابي يتحقق عبر التوعية المستمرة، والمساءلة البناءة، ودعم أصحاب الكفاءات الحقيقية ليكونوا صوتاً للتغيير وشركاء حقيقيين في مسيرة التنمية.
* فاعل مدني بجهة العيون الساقية الحمراء