وجهة نظر

أشبال الأطلس وتأهل النصف.. ميلاد جيل جديد يعيد الثقة في المشروع الكروي المغربي

في لحظة تختصر الحلم والإرادة، نجح أشبال الأطلس في خطف بطاقة التأهل إلى المربع الذهبي بعد أداء بطولي أمام نظيره الأمريكي، ليؤكدوا أن كرة القدم المغربية ليست مجرد موهبة عابرة، بل مشروع وطني يتغذى من الإيمان، العمل، والهوية. فأشبال الأطلس يصنعون التاريخ وكرة مغربية تولد من جديد.

– من النشء إلى النضج: إشارات التحول الكروي

هذا الإنجاز ليس وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية بدأت قبل سنوات مع إصلاح منظومة التكوين، التي أطلقتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحت إشراف مباشر من رئيسها، وبتتبع ملكي واضح لتطوير البنية التحتية الرياضية.

من مركب محمد السادس إلى مراكز التكوين الجهوية، باتت الكرة المغربية تنتج جيلاً جديداً يملك مهارات أوروبية الطابع، لكنه يحتفظ بروح مغربية خالصة، ما جعل “أشبال الأطلس” يجسدون الجيل الذهبي المنتظر، جيل لا يعرف المستحيل، جيل يكتب ملحمة جديدة في سماء الكرة العالمية.

– تأهل بنكهة وطنية وقراءة في المعنى:

لم يكن الفوز على المنتخب الأمريكي مجرد انتصار رياضي؛ بل هو انتصار رمزي لمدرسة مغربية تتقدم بثبات نحو العالمية. لقد أعاد هذا التأهل الثقة لجماهير كانت تبحث عن بصيص أمل يؤكد أن الاستثمار في الفئات الصغرى هو الرهان الصحيح لبناء كرة قدم مستدامة.

الفرحة الجماعية التي غمرت الشوارع المغربية عقب المباراة، ليست فقط احتفاءً بنتيجة، بل اعترافاً بعودة الروح إلى المشروع الكروي الوطني الذي طالما انتظر ثماره. فمن قلب المغرب إلى نصف نهائي أشبال الأطلس يرفعون راية الوطن عاليا.

* قراءة تحليلية: ما وراء النتيجة

من الناحية التقنية، أظهر “الأشبال” نضجاً تكتيكياً ملفتاً، وقدرة على قراءة المباريات بذكاء نادر في هذه الفئة العمرية. هذا التطور يعكس عمل الطاقم التقني، ويُبرز مدى انسجام المشروع الرياضي مع متطلبات التكوين العصري الذي يركز على الذكاء الجماعي، الانضباط التكتيكي، والروح القتالية.

أما على المستوى الرمزي، فالمغرب بات اليوم يُقدِّم نموذجاً ناجحاً في الاستثمار في الإنسان الرياضي، وهو ما يعيد صياغة صورة الكرة المغربية في أعين العالم: من بلد المواهب الفردية إلى دولة المشروع الكروي المتكامل، الكرة المغربية تبتسم من جديد وإنجاز الأشبال ينعش الحلم المونديالي.

* نحو المستقبل: بين الأمل والمسؤولية

أسود صغار بروح الكبار ، المغرب يبهر العالم من بوابة التأهل التاريخي.

تأهل “أشبال الأطلس” إلى نصف النهائي ليس نهاية الطريق، بل بدايته. إنها دعوة لإعادة التفكير في كيفية استثمار هذا الجيل في المنتخبات الكبرى،

وتطوير منظومة الانتقاء والمواكبة النفسية للاعبين.

إذا تم الحفاظ على هذا النسق، فالمغرب قادر في غضون سنوات على حصد ألقاب قارّية وربما عالمية، مستنداً إلى جيل شاب يؤمن بأن حمل القميص الوطني ليس امتيازاً، بل مسؤولية.

– خلاصة المقال:

أشبال الأطلس هو الوعد القادم لكرة مغربية عالمية، تأهل الأشبال رسالة فخر لكل مغربي فالمستقبل بدأ من هنا و ما تحقق هو أكثر من إنجاز رياضي؛ إنه لحظة تأسيس لمرحلة جديدة في مسار الكرة المغربية، حيث يلتقي التخطيط بالموهبة، والحلم بالعمل، والهوية بالاحتراف.

لقد أثبت “أشبال الأطلس” أن كرة القدم ليست فقط لعبة، بل قصة وطن يؤمن بأبنائه.

* بقلم الدكتورة إلهام الوادي، كاتبة وباحثة في الشأن المغربي وفي السياسات العمومية، أستاذة القانون.