مجتمع

الملكية الفكرية والفنون التشكيلية.. مؤتمر الرباط يدافع عن حماية حقوق المبدعين (فيديو)

نظمت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، الثلاثاء بالرباط، بالتعاون مع المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل المؤتمر الإقليمي الإفريقي حول “حق التتبع” في إطار الدينامية الافريقية الرامية إلى تقوية اليات حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وتعزيز النقاش حول تفعيل حق التتبع وتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين في مجال الفنون التشكيلية والبصرية.

وترأس وزير الشباب والثقافة والتواصل، الجلسة الافتتاحية، بمشاركة خبراء وطنيين ودوليين والعديد من المهنيين والفاعلين في المجال، تلتها سلسلة من الجلسات العلمية وورشات العمل المخصصة لمناقشة سبل تفعيل حق التتبع في القارة الإفريقية والتحديات المرتبطة بها.

وجاء تنظيم هذا المؤتمر في سياق الاهتمام المتزايد بتطوير منظومة الملكية الفكرية في إفريقيا، وتعزيز مكانة الفنون التشكيلية والبصرية كرافعة للتنمية الثقافية والاقتصادية ببلادنا.

ويهدف هذا المؤتمر إلى تعزيز النقاش الإفريقي حول تفعيل حق التتبع، باعتباره آلية قانونية تمكن المبدعين في مجال الفنون التشكيلية والبصرية من الاستفادة من نسبة من عائدات إعادة بيع أعمالهم الفنية.

ويشكل هذا اللقاء فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف الفاعلين في مجال الفنون التشكيلية والبصرية، من خبراء قانونيين وممثلين عن هيئات التدبير الجماعي الحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية، فضلا عن المهنيين والفنانين.

تعزيز الوضعية الاقتصادية للفنان المغربي

أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن المملكة المغربية منخرطة بقوة في الدفاع عن حقوق الفنانات والفنانين، موضحاً أن إقرار حق التتبع يشكل محطة أساسية لتعزيز المكانة الاجتماعية والاقتصادية للفنان المغربي.

وقال بنسعيد، في تصريح للصحافة، إن هذا الحق تمت المصادقة عليه في مجلس الحكومة سنة 2022، ودخل حيز التنفيذ سنة 2023 بمقتضى مرسوم حكومي، مضيفاً أنه سيُمكّن الفنان من الحصول على نسبة تتراوح بين 2% و8% عند كل عملية إعادة بيع لأعماله الفنية، ولو بعد البيع الأول.

وأشار الوزير إلى أن سوق الفن اليوم أصبح ذا طابع دولي، وهو ما يفرض العمل على توسيع الاعتراف بهذا الحق خارج الحدود الوطنية، ليشمل دول القارة الإفريقية، كما الأوروبية والأمريكية، حتى يتم ضمان حماية متكاملة للفنانين في مختلف مراحل مسار أعمالهم الفنية.

وشدد بنسعيد على أن الهدف هو ألا يظل الاعتراف بالفنان رهيناً بمرحلة متقدمة من العمر، بل أن يستفيد أيضاً الفنانون الشباب الذين اختاروا هذا المسار احترافياً، مبرزاً أن حماية حقوقهم هو جزء من بناء سوق فنية مغربية قوية تندرج ضمن الصناعات الثقافية الوطنية.

وأوضح المسؤول الحكومي أن الوزارة، من خلال المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، تواصل الاشتغال على تفعيل بنود هذا القانون بشراكة مع الهيئات المهنية للفنانين، مؤكداً أن التحدي المطروح اليوم هو إقناع أكبر عدد من الدول بتبني هذا الحق، حتى لا تضيع حقوق الفنان بمجرد خروج أعماله إلى السوق الدولية.

واختتم بنسعيد تصريحه بالتأكيد على أن الرهان الأساسي هو ترسيخ هذا الحق على المستوى القاري والدولي، بما يضمن للفنان المغربي وضعاً اجتماعياً واقتصادياً لائقاً، ويُسهِم في تطوير سوق فنون تشكيلية واعدة بالمغرب وفي إفريقيا.

حق التتبع.. آلية لتحقيق العدالة والإنصاف والاعتراف

شددت مديرة المركز المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، دلال محمدي العلوي، على أهمية حق التتبع لحماية حقوق المؤلف والمبدع، مبرزة أنه “غالبا ما يقدم الفنانون التشكيليون، تحت ضغط الحاجة أو بدافع الرغبة في الحصول على موارد مالية فورية، على بيع أعمالهم الفنية بأثمان زهيدة، لتعاد لاحقا عملية بيع هذه المصنفات بأثمنة تفوق بكثير قيمتها الأصلية، دون أن يكون للمؤلف أي نصيب في هذه الزيادة”.

وأشارت علوي، في تصريح للصحافة، إلى أنه تم “إقرار حق التتبع في التشريعات الدولية لتحقيق العدالة والإنصاف إزاء مؤلفي مصنفات فنون الرسم والتشكيل في توزيع العائدات، كآلية قانونية تهدف إلى تمكين الفنانين التشكيليين من الاستفادة المستمرة من القيمة الاقتصادية التي يكتسيا مصنفهم بعد التقويت الأول، إذ يخول للمؤلف الحصول على نسبة من ثمن البيع في كل عملية إعادة بيع لاحقة المصنفة الفني. وبذلك يمكنه من الاستفادة من الثروة التي يحققها إبداعه بمرور الزمن.

ويمثل إقرار حق التتبع وتتبع مساره التشريعي خطوة نوعية في تثمين الإبداع الفني المغربي وضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية للفنانين التشكيليين، كما يعكس إرادة المملكة في ترسيخ ثقافة الاعتراف بقيمة الإبداع كأحد مقومات التنمية الثقافية المستدامة.

ويعد المغرب من بين الدول السباقة التي أدرجت في تشريعها الوطني مقتضيات تتعلق بحق التتبع، وذلك بمقتضى ظهير 29 يوليوز 1970 بشأن حماية المؤلفات الأدبية والفنية الذي نص في الفصل 28 منه على: ” إن مؤلفي الإنتاجات الخاصة بالرسم والفن التشكيلي يخولون بالرغم عن كل تخل يتعلق بالإنتاج الأصلي حقاً غير قابل للتقويت في الاستفادة من محصول كل بيع لهذا الإنتاج يباشر عن طريق المزاد العلني أو بواسطة أحد التجار كيفما كانت كيفيات العملية التي ينجزها هذا التاجر”.

كما تضمن الفصل 60 من هذا الظهير العقوبات والإجراءات التي تتخذ في حالة مخالفة لمقتضيات الفصل 28، حيث نص على: “إن المشتري والبائع والموظف المكلف بإنجاز البيع عن طريق المزاد العلني يمكن في حالة مخالفة لمقتضيات الفصل 28 الحكم عليهم على وجه التضامن بأداء تعويضات لصالح المستفيدين من الحق غير القابل للتفويت”.

وأعاد القانون رقم 66.19 الاعتبار لحق التتبع، بعد أن غاب عن قانون سنة 2000، وذلك من أجل تمكين مؤلفي مصنفات فنون الرسم والتشكيل من الاستفادة من نسبة من محصول كل بيع لاحق المصنفاتهم، خاصة أنه “رغم السبق التشريعي المغربي في إقرار هذا الحق إلا أن غياب المراسيم التطبيقية جعله معطلا لعقود”.

وعرف المشرع المغربي حق التتبع في القانون رقم 6619 بأنه “الحق غير القابل للتفويت في الاستفادة من نسبة من محصول كل بيع عمل فني خاص بفن الرسم أو الفن التشكيلي بعد البيع الأول من طرف الفنان أو ذوي حقوقه وذلك عندما تتم هذه العملية عن طريق أحد مهنيي سوق فن الرسم والتشكيل إما كبائع أو مشتري أو وسيط”.

وتم التأسيس لهذا الحق بموجب المادة 1.43 التي نصت على أنه يتمتع مؤلفو مصنفات فنون الرسم والتشكيل بحق التتبع فيما يخص مصنفاتهم، كما هو محدد في البند 28 من المادة الأولى من هذا القانون، ويستمر ذوو حقوق المؤلف في الاستفادة من هذا الحق طيلة السبعين سنة الميلادية الموالية لتاريخ وفاة المؤلف.

ويقوم المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة باقتطاع نسبة من محصول العائد من ثمن بيع المصنف برسم حق التتبع لصالح المؤلف أو ذوي حقوقه، كما تحدد نسبة الاقتطاع وكيفيات احتسابها من لدن المكتب المغربي لحوق المؤلف والحقوق المجاورة بنص تنظيمي”.

وتحدد نسبة الاقتطاع من محصول العائد من ثمن بيع مصنفات فنون الرسم والتشكيل برسم حق التتبع حسب ثمن البيع دون احتساب الرسوم، فإذا كان ثمن البيع أقل من 150000 درهما فيتم اقتطاع نسبة %8، وإذا كان ثمن البيع بين 150000 درهما و250000 درهما يتم اقتطاع نسبة %79، وإذا كان ثمن البيع بين 250001 درهما و350000 درهما فيتم اقتطاع نسبة %6 وإذا كان ثمن البيع أكثر من 350000 درهما: يتم اقتطاع نسبة %5.