يتوخى مشروع قانون مالية 2026 تسريع تنفيذ مختلف الأوراش الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية بغلاف استثماري عمومي يناهز 380 مليار درهم، مع التركيز على تمويل مشاريع البنية التحتية ذات الأولوية وفق مقاربة مجالية مندمجة.
وستعطى الأولوية حسب وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح لتسريع مشاريع النقل واللوجستيك بما يشمل توسعة المطارات وتعزيز أسطول الطيران الوطني وتنفيذ المشاريع السككية وتقوية شبكة الطرق السيارة. كما يشمل المشروع إنجاز ميناء الناظور غرب المتوسط وميناء الداخلة الاطلسي.
وفي هذا الصدد، يرى المحلل الاقتصادي إدريس الفنية أن الاستثمار العمومي يشكل المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية واستدامة النمو في المغرب، وهو ما تعكسه المؤشرات التي قدمتها وزارة الاقتصاد والمالية ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026. فقد ارتفع حجم الاستثمار العمومي من 167 مليار درهم سنة 2011 إلى 340 مليار درهم في سنة 2025، ومن المتوقع أن يصل إلى 380 مليار درهم في 2026، وهو مستوى غير مسبوق في تاريخ المالية العمومية المغربية.
وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح خلال تقديمها لمشروع قانون المالية أن هذا الغلاف الاستثماري العمومي الكبير يأتي في إطار تنزيل مشروع “المغرب الصاعد”، المرتكز على أربع أولويات استراتيجية تتمثل في تعزيز المكتسبات الاقتصادية، وإطلاق برامج التنمية الترابية المندمجة، وتقوية أسس الدولة الاجتماعية، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية والحفاظ على توازنات المالية العمومية.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة ستعمل على تعزيز الاستثمارات الخاصة عبر تنزيل الميثاق الجديد للاستثمار وتحسين مناخ الأعمال ودعم الاستثمار الخاص، إضافة إلى تعزيز دور صندوق محمد السادس للاستثمار وإصلاح القطاع المالي مع التركيز على المشاريع المنتجة للقيمة المضافة وتوفير فرص الشغل ودعم تشغيل الشباب.
ويشير الفنية إلى أن هذه الاستثمارات العمومية تركز بشكل خاص على مشاريع بنية تحتية استراتيجية في مجالات النقل واللوجستيك، مثل توسعة المطارات، وتعزيز حضيرة الطيران، وتنفيذ المشاريع السككية، وتقوية شبكة الطرق السيارة، إضافة إلى إنجاز مشاريع موانئ كالناظور غرب المتوسط والداخلة الأطلسي، ما يدعم تنافسية الاقتصاد الوطني ويحفز النمو المستدام.
كما تسلط الحكومة الضوء على مواصلة جهود تأمين التزود بالماء الصالح للشرب، خصوصاً في المناطق التي تعاني من نقص مائي، وتسريع تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية في مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة والاقتصاد الاجتماعي، مع دعم التحول الرقمي والطاقات الخضراء. ويرى الفنية أن هذه الأولويات تعكس رؤية شاملة تنسجم مع متطلبات التنمية المجالية والعدالة الاجتماعية التي تمثل جوهر مشروع “المغرب الصاعد”.
ويؤكد الفنية أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد أيضاً على تعزيز الاستثمارات الخاصة، عبر تنزيل الميثاق الجديد للاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، ودعم الاستثمار الخاص، إلى جانب دور صندوق محمد السادس للاستثمار وإصلاح القطاع المالي. ويشدد على أن هذا التوازن بين الاستثمار العمومي والخاص هو ما سيمكن من خلق قيمة مضافة وفرص شغل، خاصة للشباب، ويضمن استدامة النمو الاقتصادي.
ومع ذلك، يبرز الفنية أن التحدي الأكبر يكمن في نجاعة تنفيذ هذه الاستثمارات وفعالية آليات الحكامة والشفافية لضمان استثمار الأموال العمومية بأقصى تأثير ممكن على التنمية المجتمعية. إذ لا تكفي ضخ الأموال فقط، بل يجب أن تكون مصحوبة برؤية واضحة، وتنظيم محكم، ومتابعة دقيقة لضمان تحقيق الأهداف التنموية المرجوة.
إلى ذلك، عبر المحلل الاقتصادي ذاته، عن تفاؤله بأن مشروع قانون المالية 2026 يمثل خطوة نوعية نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ترتكز على استثمار متوازن بين العمومي والخاص، يحقق التنمية المجالية والعدالة الاجتماعية، ويعزز موقع المغرب ضمن الدول الصاعدة اقتصادياً.