سياسة

سوء التدبير يهدد مهرجان أحواش.. الميزانية تقفز إلى 700 مليون وسط اتهامات بالإقصاء والتهميش

يثير المهرجان الوطني لفنون “أحواش” بورزازات، الذي طالما اعتُبر قاطرة للتنمية الثقافية والسياحية بالمنطقة، جدلا واسعا مع اقتراب دورته الجديدة، حيث تحول من محفل للاحتفاء بالتراث الأمازيغي العريق إلى بؤرة لاتهامات بسوء التدبير المالي وإقصاء ممنهج للفاعلين المحليين.

وتصاعدت حدة الانتقادات بعد الكشف عن قفزات غير مبررة في ميزانية المهرجان، التي ارتفعت من 100 مليون سنتيم في دورة 2023 إلى 200 مليون سنتيم في دورة 2024، قبل أن تصل إلى رقم صادم يناهز 700 مليون سنتيم مرصودة لدورة 2025، وفقا لما يتم تداوله.

هذا التضخم المالي الكبير لم يواكبه، بحسب متتبعين، أي تحسن ملموس في جودة التنظيم أو أثر إيجابي على الساحة الثقافية المحلية، مما يطرح تساؤلات جدية حول شفافية صرف المال العام.

وفي هذا السياق، كشف الصحفي بجهة درعة تافيلالت، مروان قراب، في تصريح لجريدة “العمق”، عن إقصاء تام للفعاليات الثقافية والجمعوية المحلية من عملية الإعداد والتنظيم، رغم حضورها في الاجتماعات التحضيرية التي أعقبت الدورة السابقة، مبرزا أن “تقييمات شكلية جرت بهدف تمرير الميزانية دون نقاش حقيقي أو مساءلة”.

وأضاف أن هذا الإقصاء أدى إلى استبدال الفاعلين المحليين بشركات وأطراف من خارج الإقليم، دون الكشف عن المعايير المعتمدة أو المساطر القانونية التي تم اتباعها في إسناد الصفقات، مشددا على أن “الوضع يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة في ظل صمت الجهات المعنية من سلطات ووزارة الثقافة”.

هذا الصراع على التدبير كان له تبعات إدارية، حيث أشار قراب إلى أن الخلافات حول التوجه الجديد للمهرجان، الذي يركز على “التزيين والتجميل” بدل إحياء التراث، أدت إلى استقالة المدير الإقليمي للثقافة من الجمعية المنظمة، قبل أن يتم إعفاؤه لاحقا من منصبه.

وتزيد حدة الغضب الشعبي كون هذه الميزانيات الضخمة تُصرف في وقت يعاني فيه شباب المنطقة من تفشي البطالة وتدهور الخدمات الأساسية، بينما يواصل المجتمع المدني المحلي تأطير الشباب بمبادرات تطوعية وإمكانيات شبه منعدمة.

ولم يسلم قطاع الإعلام المحلي من التهميش، حيث أكدت مصادر إعلامية محلية لـ”العمق” أنها تكافح من أجل الاستمرار في ظل ضعف الدعم، بينما تم تفضيل مؤسسات إعلامية وافدة لا تملك دراية كافية بثقافة المنطقة وتراثها.

وأمام هذا الواقع، يطالب العديد من المتتبعين والفاعلين المحليين بضرورة فتح تحقيق حول طريقة تدبير المهرجان، وتطبيق مبادئ الشفافية والحكامة في صرف الميزانية، مع التأكيد على ضرورة إشراك الكفاءات المحلية في كافة مراحل التنظيم لضمان عودة المهرجان إلى بوصلته التراثية والثقافية الحقيقية.