دخل الاتحاد الدولي للصحفيين على خط الجدل الدائر حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، داعيا إلى توقيف أو مراجعة هذا المشروع “حتى يكون نابعا من حوار حقيقي يحترم التعددية والديمقراطية”.
وعبر الاتحاد الدولي للصحفيين عن مساندته لموقف النقابة الوطنية للصحافة المغربية، العضو في هذا التحالف الدولي، دعيا إلى مراجعة فورية لمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، بمثابة تنظيم ذاتي للصحافة بالمغرب.
وقال أنطوني بيلانجي، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين: “نحن ندعم مطلب نقابتنا المغربية بسحب مشروع القانون أو تأجيل مناقشته، من أجل إعادته إلى طاولة الحوار، للتوصل إلى نص توافقي يعكس روح الدستور المغربي ويحترم التعددية النقابية، والعدالة التمثيلية، والمساواة، والمبادئ الديمقراطية”.
وتساءل الاتحاد الدولي على موقعه الرسمي بالقول: “هل يهدد مشروع القانون الجديد استقلال الصحافة المغربية؟”، مشددا على ضرورة مراجعة مشروع هذا القانون دون تأخير، مشيرا إلى أن أكثر من 400 صحفي وناشر شاركوا في وقفة احتجاجية أمام البرلمان رفضا للمشروع الذي يُتهم بتقليص تمثيلية الصحفيين داخل المجلس.
ويأتي هذا الجدل حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة في أعقاب موجة رفض واسعة عبرت عنها هيئات مهنية ونقابية صحفية، فيما تظاهر صحفيون في وقفة احتجاجية، أول أمس الأربعاء أمام البرلمان بالرباط، تنديدا بما وصفوه بـ”المخطط الحكومي الرامي إلى تمرير مشروع القانون بشكل أحادي ودون إشراك الهيئات المهنية المعنية”.
إقرأ أيضا: لغروس: شلل المجلس الوطني للصحافة يفتح الباب أمام فوضى “إعلام التفاهة”
ودعت إلى الوقفة كل من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال التابعة للاتحاد المغربي للشغل (UMT)، والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني.
وأكدت الهيئات المشاركة في الوقفة أن المشروع يشكل “انتهاكا صريحا لمبدأ التنظيم الذاتي للمهنة، وتراجعا عن مكتسبات الصحافيين والناشرين التي تحققت بفضل نضالات أجيال من الإعلاميين”، معتبرة أنه “يضرب فلسفة التنظيم الذاتي القائمة على الاستقلالية والديمقراطية والتمثيلية والتعددية”، ويكرس “الإقصاء والهيمنة والاحتكار داخل قطاع الصحافة والنشر”.
ودعت الهيئات النقابية والمهنية، ضمن بياناتها، إلى إعداد مشروع قانون جديد يقوم على الانتخاب الحر والديمقراطي بدل التعيين، ويضمن عدالة التمثيل والتوازن بين الفئات المهنية، ويدعم استقلالية المجلس الوطني للصحافة في الدفاع عن أخلاقيات المهنة وحرية التعبير، انسجامًا مع توصيات المؤسسات الدستورية الوطنية.
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد قدم مذكرة رأي شاملة إلى مجلس النواب منتصف يوليوز الماضي، دعا فيها إلى مراجعة شاملة لمشروع القانون بما يضمن استقلالية المجلس وتمثيليته وتعدديته.
إقرأ أيضا: مجلسا بوعياش واعمارة يحذران من إفراغ التنظيم الذاتي للصحافة من مضمونه الديمقراطي
وركز المجلس على خمسة مبادئ أساسية ينبغي أن تحكم عمله: حرية التعبير، التمثيلية، التعددية، الاستقلالية، والشفافية، مرفقة بـ50 توصية، منها تعزيز التوازن بين الصحافيين والناشرين، وإدماج المنصات الرقمية، وإحداث آليات لحماية الحقوق الدستورية للصحافيين.
وأشار المجلس إلى أنه لم يُتح لأعضاء البرلمان الاطلاع على مذكرته قبل وأثناء المناقشة، معبرا عن أمله في أن يطلع مجلس المستشارين على توصياته قبل التصويت النهائي على المشروع.
من جهته، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى إضفاء مزيد من التوازن على الهندسة التشريعية للمشروع، وتوسيع التشاور مع مختلف الفاعلين، بما يجعل من المجلس الوطني للصحافة “آلية مجتمعية لبناء التوافقات الإيجابية بين المهنيين والمجتمع”.
كما أوصى بإضافة فئة “الحكماء” إلى تركيبة المجلس، واعتماد نظام انتخابي بالتمثيل النسبي يضمن تنوع الجسم الصحافي والناشري، مع تعزيز تمثيلية النساء وإدراج مبدأ المناصفة.
وأكد المجلس على ضرورة تقوية آليات الوساطة والتحكيم داخل المجلس الوطني لتفادي الإفراط في العقوبات التأديبية، داعيا إلى تعريف دقيق لمفهوم “الخطأ المهني”، وإلى مراجعة شاملة تضمن انسجام المشروع مع مقتضيات الدستور والتزامات المغرب الحقوقية الدولية.