منتدى العمق

المهاجرون الأفارقة بالرباط بين معاناة العبور وهاجس الاستقرار

تمر الأيام وتتوالى عمليات توقيف العديد من الأفارقة القادمين من جنوبي الصحراء إلى المغرب. عمليات كانت تقوم بها المصالح الأمنية المسؤولة تطبيقا منها لقانون ” الإقامة غير الشرعية” لتفادي نزيح ملايين الأفارقة الفارين من جفاف وجوع الصحراء الإفريقية، أو هاربين من الصراعات والحروب الأهلية التي تعرفها بعض البلدات الإفريقية جنوب الصحراء.وبحكم موقع المغرب الجغرافي الاستراتيجي، كونه بلدا يطل على أوروبا ولا تفصله بها إلا مسافة قليلة، ينمو شبح الهجرة إلى الشمال عبره، ويبزغ فجر الحلم هذا انطلاقا من قاعدة الهروب من الفقر ورغبة في التخلص من ضيق البطالة، وانعدام فرص حياة رغيدة.

لكن أمام انعدام كل نقاط العبور نحو الشمال وتعدد نقط المراقبة على السواحل، أصبحت محاصرة الحلم تخنق المهاجر الإفريقي الحالم بالتغيير الشيء الذي دفع بعضهم إلى الإستقرار مؤقتا بالغرب. استنادا إلى إحدى الشهادات من بعض المهاجريين الإفرقيين بالرباط، الذين يمثلون نموذجا لنماذج متعددة منتشرة في جميع المدن المغربية. إذ يقطن الإفريقي المهاجر غير الشرعي أبواب المحلات التجارية، أو أية زاوية فارغة يصادفها في الأحياء لتكون فراشه الدافئ وسقفها مظلته الوحيدة من الشتاء، وملجأ يلوذ إليه بعد يوم طويل من خياطة الطرقات في بحث دائم عن المأكل والمشرب والملبس.

في كل صباح وأنا متجهة لعملي، بالضبط في الساعة السابعة والنصف، أجدني أمام لوحة سوداء، توقظ في قلبي فورة غضب وحزن في الوقت ذاته. أقف مشدوهة في مكاني مدهوشة أمام شبه المنازل المتباعدة فيما بينها، هنا وهناك. بعدما عملت الجهات الأمنية على فك جموعات المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين.من تحت قناطر السكك الحديدية أو الغابات داخل المدن . هاته الجموعات بعضها اختار التسول عبر الطرقات، والبعض الآخر اختار العمل كباعة متجوليين أو مساعدين في بعض المحلات الغذائية أو تنظيف الشوارع والأزقة هاته الأخيرة الأكثر انتشارا. في المقابل نجد فئة أخرى اختارت طريق تجارة المخدرات واللصوصية، والحال أن هذا الأمر هو الدافع وراء نفور العديد من المغاربة من العرق الأسود والحذر منه. حيث كل يوم نسمع “عزي اغتصب” أو ” الكحل سرق” أو” عزي قتل” في وضح النهار، ناهيك عما يحدث أثناء إقفال بيوتنا ليلا. تعد هذه الأسباب كافية لمعاملة المغربي للآخر الوافد عليه بميز عنصري وحذر.

تفيد الكثير من شهادات المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين الذين حاولت التكلم معهم وأنا شديدة الآسى والحسرة، وبجرأة فتاة مغامرة لا تخشى السواد، أن تعامل السلطات في الجزائر كان تعاملا لا إنسانيا، إذ أغلبهم يتعرضون للضرب والإهانة وأحيانا الإغتصاب، وبمجرد أن يصلوا إلى الأراضي الجزائرية جنوبا عبر مالي حتى يتم يتم وضعهم في شاحنات ليرمى بهم في وضع لا إنساني قريبا من الحدود المغربية لتسهيل عملية عبورهم للمغرب، والحال نفسه في المغرب يقاسون الأمرين.

تتكرر إذن الصراعات والنزاعات بين المغاربة والأفارقة المهاجرين غير الشرعيين من جنوب الصحراء، والسبب العام الذي يمكننا استخلاصه كما وضحه بعض المهاجرين الافارقة: أن المغاربة ينظرون إلينا بتعال ويتصرفون معنا بطريقة غير لائقة، ومنهم من يتلفظ بكلمات عنصرية تجاهنا، إنهم ينادوننا ب”عزي” قبل أن يضيف أنا لدي اسم كما لأي شخص كان اسم ينادى به ، فلم يصر المغاربة على مناداتنا استنادا للوننا وطبيعة بشرتنا عوض أسمائنا؟ وفيما يخص سؤالنا له عن مسألة المعاملات الشنيعة التي يرتكبها بني جلدته في حق المغاربة يجيب المهاجر الإفريقي بتوثر واضح: ” إنها فقط إشاعات لا محل لها من الصحة فهي فقط تجل من تجليات العنصرية الممارسة ضدنا واتهامات زائفة لنشر صور سلبية عنا، ومحاولة لطردنا ومعاملتنا كعبيد.”

تعليقات الزوار