وجهة نظر

“كوفيد 19” سيسرع التاريخ ولن يعيد تشكيله

أثار الفيروس التاجي المستجد الكثير من النقاشات والتحليلات عبر العديد من الصحف العالمية، بل إن عدة مقالات حوله لمحللين بارزين، تسنمت لائحة الأكثر قراءة عبر العالم؛ وفي مقدمتها مقالة ل”ريشارد هاس Richard Haass ” (07 أبريل 2020- مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية)؛والتي اعتمدنا مضمونها – بالدرجة الأولى- حين صياغة هذه الورقة ؛فتم التساؤل من خلالها عن مدى تأثير هذا الفيروس على مسار تاريخ الإنسانية؟ فالأكيد أن العالم يمر بأزمة كبيرة بكل المقاييس.وبالتالي،فمن الطبيعي أن نعتقد أنها ستشكل نقطة تحول في مسار التاريخ الراهن، ولو أن كل أزمة/وباء لايمكن اعتبارها نقطة تحول في التاريخ. وطيلة الأشهر الأولى التي تلت تفشي الوباء،اختلف المحللون حول طبيعة الوضع العالمي الذي ستخلفه تداعياته؛لكن غالبيتهم تؤكد أن العالم الذي سندخله،سيكون مختلفا عما قبله. وتكهن البعض بأن الصين هي من ستتولى الزعامة؛ويعتقد البعض الآخر بأنها – على العكس- ستفقد مكانتها القيادية؛ ويجزم آخرون بأن المرحلة القادمة ستعرف نهاية للعولمة؛ويأمل آخرون أن تدشن المرحلة المقبلة فترة جديدة من التعاون الدولي؛ويتوقع صنف آخر أن يتم من خلالها الرفع من منسوب الوطنية،ويتم تقويض التجارة الحرة،وإحداث تغييرت ببعض الأنظمة في مختلف البلدان؛أو تغيير كل ماتم سرده أعلاه.

لكن من غير المحتمل أن يكون العالم الذي سيعقب الوباء مختلف بشكل جذري عن سابقه. فكوفيد 19 لن يحدث تغييرا جذريا في الإتجاه الأساسيي لتاريخ الإنسانية، بالقدر الذي سيعمل على تسريعه. لقد كشف الوباء وكذا طريقة التعاطي معه والاستجابة له عن الخصائص الأساسية للجغرافيا السياسية، وضرورة تعزيزها اليوم. ونتيجة لذلك ، لايمكن اعتبار هذه الأزمة بمثابة نقطة تحول حقيقية، بل هي فقط محطة على طول الطريق التي كان العالم يسلكها خلال العقود القليلة الماضية.
من السابق لأوانه التكهن بنهاية الأزمة،سواء خلال السنة أو السنة والنصف المقبلين،فالأمر مرتبط بمدى التزام وتطبيق الإجراءات المتخذة( الحجر الصحي،والتباعد الإجتماعي،والنظافة،…)؛ وإجراء الإختبارات السريعة والدقيقة وذات التكلفة المناسبة، وتوفير العقاقير المضادة للفيروسات وكذا اللقاح ؛ وتقديم الدعم الإغاثي الاقتصادي المقدم للأفراد والشركات.

ومع ذلك، فإن عالم مابعد الأزمة سيكون مختلفا ومتميزا،إذ ستتراجع درجة قيادة الولايات المتحدة للعالم،وسيبرز تعثر عالمي ،ونشوب خلافات بين القوى العظمى . وعلى الرغم من أن هذه الخصائص ميزت البيئة الدولية قبل ظهور كوفيد 19، إلا أن الوباء زاد من حدتها وبروزها.

العالم مابعد زعامة الولايات المتحدة الأمريكية

تتجلى إحدى سمات الأزمة الوبائية الحالية في التراجع الذي بدأت تعرفه الزعامة الأمريكية؛والذي يتمثل في عدم حشدها للدول بغية تكثيف الجهود الجماعية لمواجهة الفيروس،وكذا لمعالجة آثاره الإقتصادية. ولم تستطع كذلك تقديم نفسها أنموذجا قياديا للعالم في محاربة الفيروس من الداخل؛في حين استطاعت الصين أن تقوم بذلك استنادا إلى ماحققته،والمتمثل في قدرتها على تجاوز مرحلة ذروة العدوى،وعرضها المساعدة على الدول المتضررة من الوباء.

لكن إذا كانت هيمنة الولايات المتحدة على عالم مابعد الوباء ستتسم بالتراجع،فإنه من المستحيل أن يدعي أي محلل بأننا سنعيش قيادة”أحادية القطب”؛ذلك أن معالم “القيادة المتعددة”، بدأ بروزها بشكل واضح منذ العقد الماضي على الأقل. وهذا نتيجة – إلى حد ما- لما وصفه فريد زكريا ب”صعود البقية(الآخر)”(الصين خاصة)،مما أدى إلى تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة،على الرغم استمرار نمو قوتها الإقتصادية والعسكرية.وبصيغة أدق،فهو نتيجة لتعثر الإدارة الأمريكية بدلا من تراجع القدرة الأمريكية. لقد أشرف الرئيس باراك أوباما على الانسحاب من أفغانستان والشرق الأوسط. واستخدم الرئيس دونالد ترامب في الغالب القوة الاقتصادية لمواجهة الأعداء؛ لكنه أنهى بشكل أساسي الوجود الأمريكي في سوريا ، ويسعى إلى القيام بنفس الشيء في أفغانستان ، وربما الأكثر أهمية ، لم يبد اهتمامًا كبيرًا سواء بالتحالفات أو بالحفاظ على الدور التقليدي للولايات المتحدة في معالجة القضايا الدولية.

تراجع جاذبية النموذج الأمريكي قبل ظهور كوفيد 19 بوقت طويل

من المحتمل أن خطاب ترامب الذي كان شعاره “أمريكا أولاً” شكل جزءا كبيرا من هذا التراجع ، إذ وعد من خلاله بأن الولايات المتحدة ستكون أقوى وأكثر ازدهارًا إذا قللت من اهتماماتها وانجازاتها بالخارج، وركزت طاقاتها على القضايا المحلية.وهو مايفهم منه ضمنيا أن الكثير مما قامت به الولايات المتحدة كان غير ضروري وتم الإسراف فيه،ولم يساهم في رفاهية المجمع الأمريكي. وبالنسبة للعديد من الأمريكيين ، فمن المرجح أن يعزز الوباء هذا الرأي على الرغم من أن الضرر مس المجتمع الدولي ككل. وسوف ينادون بضرورة التركيز على الإعتناء بالوضع الداخلي بدلاً من الإهتمام بالخارج . ونشير هنا إلى أن هذا خيار زائف ، حيث أن البلاد باستطاعتعا تحمل كليهما.

إن قوة خيارات السياسة الأمريكية هي نفسها التي تبناها النموذج الأمريكي ؛هذا الأخير فقد الكثير من جاذبيته منذ زمن بعيد، قبل ظهور الكوفيد 19،بسبب الجمود السياسي المستمر ، والعنف المسلح ، وسوء الإدارة التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية لعام 2008 ، … ؛فإستجابة الحكومة الفيدرالية للوباء كانت بطيئة وغير مترابطة، وغير فعالة في كثير من الأحيان، مما ستعزز الرأي السائد بأن الولايات المتحدة فقدت بوصلة طريقها.

مجتمع فوضوي

إن ظهور الوباء ببلد واحد،وانتشاره بسرعة بباقي دول العالم،دليل على أن التحدي أصبح عالميا،وأن العولمة أصبحت واقعا وليست خيارا.لقد خرب الوباء العديد من البلدان: المفتوحة والمغلقة؛الغنية والفقيرة؛الشرقية والغربية.وأصبحت الإستجابة الدولية الموحدة والسريعة شبه منعدمة؛لذلك يبدو أن قانون نيوتن الذي يقر بأن “لكل فعل رد فعل معاكس ومتساوٍ” ، تم تعليقه. إن عدم الصلة الوثيقة بمنظمة الصحة العالمية ، تشير إلى أن الوضعية العالمية تتسم بالضعف.

لقد عمل هذا الوباء على جعل الواقع أكثر وضوحا؛فمنذ فترة طويلة سابقة عليه،كانت الإتجاهات الأساسية بارزة بقوة،ومن بينها :

ظهور تحديات عالمية لا يمكن لأي دولة ، مهما كانت قوتها ، أن تواجهها بمفردها ؛ وثبت فشل المنظمات العالمية في مواكبتها . والواقع أن الفجوة الحاصلة بين المشاكل العالمية والقدرة على مواجهتها، عسرت تفسير حجم هذا الوباء. والحقيقة المحزنة التي لا مفر منها، هي أنه على الرغم من استخدام عبارة “المجتمع الدولي” فإنها غير موجودة فعليا ، وتبقى طموحا فقط؛ وحت إن وجدت فإنها لا تنطبق إلا على جوانب قليلة من الجغرافيا السياسية اليوم. والأكيد أن هذا الوضع لن يتغير في القريب.

وتجدر الإشارة إلى أن الإستجابة لمحاربة هذا الوباء كانت فقط ذات طابع وطني،وكذا دون وطني؛ولم تكن أبدا ذات صبغة دولية.وبمجرد تجاوز الأزمة فإن التركيز سيكون حول أساليب الإنتعاش الوطني الخاص بكل دولة ؛ولن يتم التعامل بنفس الحماس مع معضلة التغير المناخي،وسينظر إليها على أنها ليست بالمسألة الملحة.

ولعل أحد أسباب هذا التشاؤم، هو أن التعاون بين أقوى دولتين في العالم ضروري لمواجهة معظم التحديات العالمية ، لكن العلاقات الأمريكية الصينية كانت تتدهور باستمرار ولعدة سنوات مضت. وسيفاقم هذا الوباء الاحتكاك بين البلدين. ولم تتوان واشنطن في تحميل الكثير من المسؤولية للحكومة الصينية ،فحسبها أن الصينيين ضيعوا على العالم أسابيع من الإستعداد للوباء بنهجهم التستر والخمول ، وعدم إغلاق منشأه(مدينة ووهان) على الفور ، حيث بدأ يتفشى المرض ، وتم السماح لآلاف المصابين بالمغادرة ونشر الفيروس في بلدان أخرى. إن محاولة الصين الآن لتصوير نفسها على أنها تقدم نموذجًا ناجحًا للتعامل مع الوباء، واستخدام هذه اللحظة كفرصة لتوسيع نفوذها حول العالم سيأجج فقط العداء الأمريكي. وفي الوقت نفسه ، لن يغير شيئا بشأن الأزمة الحالية؛فمن وجهة نظر الصين فإن الوجود الأمريكي في آسيا هو حالة تاريخية شاذة؛ ولن يقلل من استيائها من سياسة الولايات المتحدة بشأن مجموعة من القضايا ، بما في ذلك التجارة وحقوق الإنسان و مسألة تايوان.

اكتسبت فكرة “الفصل/التباعد” بين البلدين جاذبية كبيرة قبل الوباء ، فقد ازدادت مخاوف الولايات المتحدة من أنها أصبحت تعتمد بشكل كبير على خصم محتمل في مجال استيراد العديد من السلع الأساسية، وهي بذلك أضحت عرضة بشكل مفرط للتجسس الصيني، ولسرقة الملكية الفكرية.وسينمو هذا “الفصل/التباعد” نتيجة للوباء بداعي المخاوف بشأن الصين. وستعمل الولايات المتحدة على تجديد تركيزها على تحفيز التصنيع المحلي تحت إمكانية قطع التوريد من الصين. وستتعافى التجارة العالمية جزئيًا ، لكن الحكومات ستكون في حالة أزمة نتيجة تدبيرها لشؤونها الداخلية المستعصية.

الراجح أن الوباء سيعزز الركود الديمقراطي الذي كان باديا منذ 15 عاما

كانت معظم الدول المتقدمة تعارض استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين،خلال النصف الثاني من العقد الماضي؛وستزداد هذه المعارضة بسبب الخوف من الرفع من حدة تفشي الوباء؛ وكذا بسبب القلق من خطر انتقال الأمراض المعدية الأخرى المعروفة،وكذا التي قد تظهر مستقبلا. وسيتضاعف حجم هذه المعارضة بسبب ارتفاع معدل البطالة،ولو أنه نسبي، لأن اقتصاديات هذه الدول لن تكون قادرة على استيعاب متطلبات مواطنيها واللاجئين في آن واحد.

وستكون النتيجة معاناة إنسانية واسعة النطاق، ومجابهة الدول لأعباء كبيرة ،قد لا تستطيع تحملها. وشكل ضعف بعض الدول معضلة عالمية كبيرة لعقود ، لكن الخسائر الاقتصادية للوباء ستخلق دولًا أكثر ضعفاً أو فاشلة. ومن شبه المؤكد أن هذا الوضع سيتفاقم، بسبب مشكلة الديون المتزايدة: فقد وصل الدين العام والخاص في معظم أنحاء العالم إلى مستويات غير مسبوقة. و ستؤدي الحاجة إلى الإنفاق الحكومي لتغطية تكاليف الرعاية الصحية، ودعم العاطلين عن العمل إلى ارتفاع الدين بشكل كبير. وسيواجه العالم النامي – على وجه الخصوص- متطلبات هائلة لا يمكنه تلبيتها. ويبقى أن ننتظر ،ما إذا كانت البلدان المتقدمة ستكون مستعدة لتقديم المساعدة بالنظر إلى متطلباتها الداخلية. ونشير إلى احتمال حقيقي لحدوث ارتدادات- في الهند والبرازيل والمكسيك وفي جميع أنحاء إفريقيا – يمكن أن تتداخل مع الانتعاش العالمي.

تسبب انتشار كوفيد19 بأوروبا في فقدان مشروع هذه الأخيرة لزخمه؛خصوصا وأن معظم بلدانها استجاب بشكل فردي للوباء وآثاره الاقتصادية. وتجدر الإشارة إلى أن عملية الاندماج الأوروبي نفذ رصيدها قبل هذه الأزمة بوقت طويل،وهو ما اتضح بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل واضح. السؤال الرئيس في عالم ما بعد الوباء، هو إلى أي مدى ستستمر البوصلة في التأرجح من بروكسل إلى باقي العواصم الأروبية الأخرى، حيث تتساءل الدول عما إذا كان التحكم في حدودها يمكن أن يبطئ انتشار الفيروس؟.

من المرجح أن يعزز الوباء الركود الديمقراطي الذي كان موجودا منذ 15 عاما مضت. وستبرز دعوات مجتمعات للحكومات، سواء تعلق الأمر بتداعيات إجراءات تقييد حركة السكان أو تقديم المساعدة الاقتصادية. وسيتعامل الكثيرون مع الحريات المدنية على أنها من ضحايا الحرب على الوباء ، وعلى أنها رفاهية لا يمكن تحملها إبان الأزمات. وفي الوقت نفسه ، ستستمر التهديدات التي تشكلها الدول غير الليبرالية مثل: روسيا وكوريا الشمالية وإيران، بمجرد الحد من انتشار الوباء.

عالم في حالة فوضى عارمة

منذ أكثر من ثلاث سنوات ، نشرت كتابًا بعنوان “عالم في فوضى”؛ وصفت من خلاله المشهد العالمي المتعلق بزيادة التنافس بين القوى العظمى ، وانتشار البرامج النووية ، ووجود دول ضعيفة وفقيرة ، وزيادة تدفق اللاجئين ، وتنامي القومية ، إلى جانب تراجع دور الولايات المتحدة في العالم. وبالتالي، فالتغيير إذن سيحدث أولا،نتيجة الوضع الفوضوي المشار إليه ، ثم بسبب تفشي الوباء ثانيا .

من الناحية المثالية/الأخلاقية ، ستجلب الأزمة التزامًا متجددًا ببناء نظام دولي أكثر قوة ، مثلما أدت كارثة الحرب العالمية الثانية إلى ترتيبات تعزز السلام والازدهار والديمقراطية لما يقرب من ثلاثة أرباع القرن. وسيشمل مثل هذا النظام تعاونًا أكبر لرصد تفشي الأمراض المعدية والتعامل مع عواقبها ، بالإضافة إلى مزيد من الاستعداد للتصدي لتغير المناخ ، ووضع قواعد للفضاء السيبراني(الإليكتروني) ، ومساعدة المهاجرين القسريين ، ومحاصرة الإرهاب والقضاء عليه.

ولكن ليس هناك سبب يدعو للاعتقاد بأن التاريخ سيكرر نفسه بعد هذه الجائحة. ولايتجه العالم اليوم نحو إعادة تشكيل نفسه. فالسلطة اليوم أصبحت موزعة بين عدة أطراف أكثر من أي وقت مضى. والإجماع هو الغائب في الغالب. لقد تجاوزت التقنيات والتحديات الجديدة القدرة الجماعية في التعامل معها. ولا يوجد بلد واحد يتمتع بمكانة الولايات المتحدة في عام 1945.

والأكثر من ذلك ، أن الولايات المتحدة ليست مهيأة حاليًا لتولي دور دولي رائد ، نتيجة الإرهاق الناجم عن حربين طويلتين في أفغانستان والعراق،وتزايد حاجياتها الداخلية. ولن يتغير الوضع حتى في الحالة التي يتم فيها تبني سياسة خارجية “تقليدية”،في حالة فوز – مثلا- نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل ، فمقاومة الكونغرس والشعب ستمنع العودة الشاملة الموسعة للدور الأمريكي في العالم. ولا يوجد بلد آخر ، بما فيه الصين أو غيره ، لديه الرغبة والقدرة على ملء الفراغ الذي ستخلفه الولايات المتحدة.

بعد الحرب العالمية الثانية ، حفزت الحاجة إلى مواجهة التهديد الشيوعي الذي يلوح في الأفق الشعب الأمريكي لدعم بلاده في تولي دور رائد في جميع أنحاء العالم. قال وزير الخارجية الأسبق دين أتشيسون بشكل واضح:” إن الحكومة كان عليها أن تجعل الحجج “أوضح من الحقيقة” لجعل الشعب الأمريكي والكونغرس يشتركان في جهود احتواء الاتحاد السوفيتي”. يدعي بعض المحللين أن التذرع بتهديد الصين يمكن أن يحفز الدعم الشعبي الأمريكي اليوم كسابقه، ولكن السياسة الخارجية القائمة على معارضة الصين لا تكفي لمواجهة التحديات العالمية التي تشكل عالم اليوم. وفي الوقت نفسه ، فإن رغبة الشعب الأمريكي في وضع معالجة هذه المشاكل العالمية في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة سيظل أمرًا صعبًا ومستبعدا. وبناءً على ذلك ، فإن الحالة السابقة الأكثر صلة بوضع مابعد كوفيد 19 ،والتي يجب مراعاتها قد لا تكون الفترة التالية للحرب العالمية الثانية، ولكنها ستكون الفترة التالية للحرب العالمية الأولى ،أي الحقبة التي تراجع فيها التدخل الأمريكي، وتصاعدت فيها الاضطرابات الدولية. إنه “تاريخ البقية” كما يحلو للبعض نعته.

* الحاج ساسيوي-أستاذ التعليم العالي بالمغرب وعضو المنتدى الأروبي للوسطية ببروكسيل