مجتمع

هندام ممثل أجنبي داخل مدرسة عمومية بشفشاون يثير جدلا واسعا.. ومديرية التعليم توضح (صور)

أثار حضور ممثل أجنبي يحمل على جسمه رسومات ووشوم وحلقات الأذن، داخل مدرسة عمومية بمدينة شفشاون، وإلقائه كلمة أمام التلاميذ، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالب بتقديم توضيحات على ظروف استقباله في فضاء تربوي له خصوصياته القيمية.

ويتعلق الأمر بزيارة قام بها ممثلون مغاربة وأجانب إلى ثانوية مولاي رشيد وسط مدينة شفشاون، السبت المنصرم، وكان من ضمنهم الممثل الإسباني “روبيرتو غارسيا رويز” (48 عاما) الذي جسد دور “أوسلو” في مسلسل سرقة الأموال “لا كاسا دي بابيل” (la casa de papel) الشهير.

وجاء تنظيم هذا اللقاء المدرسي في إطار الدورة العاشرة لمهرجان شفشاون الدولي لفيلم الطفولة والشباب، حيث قامت ثانوية الأمير مولاي هشام، أول أمس، بتنظيم لقاء بين تلاميذتها وعدد من الفنانين المغاربة والأجانب حول “أهمية الفن والسينما الهادفة في حياة التلميذ”.

واعتبر معلقون على منصات التواصل الاجتماعي، أن استضافة ممثل أجنبي بهذا الهندام والوشوم يُعد انتهاكا لحرمة وخصوصيات المؤسسات التعليمية، مشيرين إلى أن الأمر يشكل تناقضا تربويا صارخا بالنظر إلى أنه يُمنع على التلاميذ الدخول إلى المؤسسات بمثل هذا النوع من الهندام وحلاقة الرأس.

وتساءل نشطاء عن القيمة المضافة التي قدمها هذا الممثل إلى التلاميذ وهل سيُمثل قدوة في مسارهم الدراسي والمهني مستقبلا، مشددين على أن هذه الخطوة تعد “سقطة تربوية وأخلاقية كبيرة للمؤسسة ولمديرية التعليم بشفشاون”، خاصة في ظل أنباء عن انتماء هذا الممثل لتيار “الشذوذ الجنسي”.

مديرية التعليم توضح

وفي اتصال لجريدة “العمق”، أوضح مصدر مسؤول بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بشفشاون، فضَّل عدم ذكر اسمه، أن هذا النشاط أقيم ضمن النادي التربوي بثانوية الأمير مولاي رشيد والذي يشرف عليه أحد الأساتذة، ضمن شراكة مع مهرجان شفشاون الدولي لفيلم الطفولة والشباب.

وقال المصدر إن الذي كان مقررا هو حضور الممثلين المغاربة رشيد الوالي وهشام بهلول ونجاة الوافي، لكن اللجنة المنظمة للمهرجان التي يترأسها شرفيا الممثل بهلول، إرتأت في آخر لحظة حضور الضيوف الأجانب، وضمنهم الممثل الذي أثار الجدل، على اعتبار أن السلطات أعطتهم ترخيصا لتنظيم أنشطتهم في فضاءات ثقافية مختلفة دون أي إشكال.

وأقرَّ المتحدث بأنه كان على إدارة الثانوية، على الأقل، مطالبة الممثل المذكور بارتداء لباس يليق بخصوصية ومكانة المؤسسة، وتغطية الوشوم وحلقات الأذن، لافتا إلى أن الأمر غير مقصود ووقع عن حسن نية، وقد تكون إدارة المؤسسة لم تنتبه إلى هذه المسألة، وفق تعبيره.

وأشار مصدر الجريدة إلى أن الأمر تعلق بورشة تربوية حول كتابة السيناريو، على اعتبار أن الشراكة كانت مع مهرجان شفشاون للطفولة والشباب، مضيفا أن أغلبية التلاميذ في النادي التربوي للثانوية كانوا قد شاركوا في تكريم نفس الممثل خلال إحدى فعاليات هذا المهرجان.

وبخصوص موضوع النقاش الذي دار بين الممثل الإسباني والتلاميذ، كشف المصدر ذاته أن “روبيرتو غارسيا رويز” استعرض مسار حياته الصعب الذي وصل به إلى مرحلة التفكير في الانتحار، وكيف شكَّل الفن والتصوير منعطفا حاسما جعله يعود إلى حياته الطبيعية ويحوله إلى نجم عالمي.

وأبرز مصدر “العمق” بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بشفشاون، أن كلمة الممثل الإسباني كان لها صدى إيجابي وسط التلاميذ، مشيرا إلى أن رسالته كانت إيجابية وتسير في اتجاه تحفيز التلاميذ على تخطي كل الظروف الصعبة من أجل التألق في أي مجال إبداعي كان.

انتقادات واسعة

بالمقابل، اعتبر نائب الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم بجهة طنجة تطوان الحسيمة، عصام فراسي، أن ما حدث في ثانوية مولاي رشيد يُعد تصرفا خاطئا ومرفوضا بشكل نهائي ولا ينبغي أن يتكرر، مشددا على أن الأمر فيه انتهاك لحرمة ووقار المؤسسة التعليمية.

وأشار فراسي في اتصال لجريدة “العمق”، إلى أن استضافة ممثل أجنبي معروف بدعمه للمثلية الجنسية عبر العالم، وبهذا الشكل من الهندام، تعني توجيه رسائل سلبية إلى التلاميذ، باعتباره يُقدَّم لهم كقدوة مستقبلية، وفق تعبيره.

وأضاف أنه كان يجب على الأقل مطالبة الممثل بارتداء لباس محترم وعدم لبس حلقات الأذن وتغطية الوشوم، خاصة وأن نظام المؤسسات التعليمية يفرض على التلاميذ الالتزام بلباس مدرسي موحد ومحترم، في حين أن هذا الشخص لا يحترم أدنى تلك الشروط المفروضة على التلاميذ.

وتابع قوله: “ربما تم التعامل مع الموضوع بنوع من البساطة والسذاجة والتركيز على حضور شخصية مشهورة كحدث إيجابي، لكن الأهم هو أن دور المؤسسات التعليمية هو تربية الأجيال وتمرير القيم والأخلاق، في حين أن هذا الممثل، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع، فهو يمثل تيارا عالميا لدعم الشذوذ”.

وعلى موقع “فيسبوك”، اعتبر الناشط خالد أوعبو، أن “استضافة ممثل أجنبي، لا يعكس هندامه ولا الوشم على جسده ولا حلاقة رأسه ما يُتعاقد عليه مع المتعلم على أنه نموذج ناجح للاقتداء، يعد تناقضا تربويا صارخا، بل وقيل إنه مثّل في سلسلة شهيرة دور منتمٍ لجماعة قوس قزح. وعليه فاستضافة هكذا نماذج تعد سقطة تربوية بل وأخلاقية كبيرة للمؤسسة وللمديرية”.

من جانبها، قالت الناشطة هبة الله الخليفة في تعليق لها: “اليوم تمنع تلميذا من دخول المدرسة بهندام غير لائق ولا يحترم خصوصية المدرسة، وغدا ترحب بممثل إسباني بلباس مخل للحياء وجسمه عبارة عن مسودة ناهيك عن الحلقات، وفي اليوم الموالي تقوم بمنع تلميذ آخر كان هندامه لائقا بالأمس، بدعوى أنه يرتدي حلقات! ما القيمة المضافة التي قدمها هذا الممثل للتلاميذ؟”.

وكتبت فاطمة الزهرة بوجداين: “التربية مسؤولية يحاسب عليها كل متدخل من مكانه، ليس المفروض القيام بالعديد من الأنشطة وتصويرها، بل البحث عن الجودة والرسالة الهادف واختيار القدوة بعناية، كعالم شارك في اختراعات، لا فنان ذو هندام مرفوض في القانون الداخلي للمؤسسة”.

وتساءل محمد أمين ميمون بالقول: “هل تجسيد هذا الممثل الموشوم وبزي لا يسمح الدخول به إلى مؤسسة تعليمية، هو بمثابة القدوة، لا يمكن اعتبار ذلك إلا كونه استهتارا بالتلاميذ وبالمؤسسة”، فيما قال  إدريس السني العلمي: “نطالب بمحاسبة من استقطب ذلك الشاذ بتهمة زعزعة أخلاق وقيم تلاميذ المغاربة”.

تعليقات الزوار