تواصل جهة درعة-تافيلالت ترسيخ ديناميتها التنموية من خلال برمجة مشاريع استثمارية عمومية مهيكلة بقيمة 21 مليار درهم، تستهدف السنوات المالية الممتدة ما بين 2024 و2026، وتندرج ضمن الميزانية العامة للدولة، بهدف تقليص الفوارق المجالية وتحسين ظروف العيش وتثمين المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية التي تزخر بها الجهة.
ويشير مشروع قانون المالية لسنة 2026 إلى أن عدد سكان الجهة بلغ سنة 2024 حوالي 1.655.623 نسمة، فيما بلغت مساهمتها في الناتج الداخلي الخام الوطني 2,7 في المائة بقيمة مالية تقدر بـ 19.898 درهم للفرد، ما يجعلها ضمن الجهات التي تسعى إلى تسريع وتيرة الاستثمار العمومي من أجل تحفيز النمو وخلق فرص الشغل، خصوصا وأن معدل البطالة بالجهة يناهز 6,4 في المائة مقابل 9,6 في المائة على المستوى الوطني.
وخلال سنة 2023، سجل سوق الشغل بالجهة أداء متوازنا نسبيا، إذ بلغت نسبة النشاط 40,1 في المائة، في وقت تمثل فيه الفلاحة النشاط الاقتصادي الأساسي بنسبة 61 في المائة من الناتج الداخلي الجهوي، تليها الخدمات بنسبة 22 في المائة ثم الصناعة بنسبة 17 في المائة.
وتتصدر التربية الوطنية والتعليم الأولي قائمة القطاعات المستفيدة من الاستثمارات العمومية برسم سنة 2024، من خلال بناء مؤسسات تعليمية جديدة تضم سبع مؤسسات جديدة وأربع إحداثات إضافية، بكلفة مالية تبلغ 61 مليون درهم، وذلك في إطار توسيع العرض التربوي ومحاربة الهدر المدرسي.
وبخصوص قطاع الماء، فقد تم إنجاز مشاريع مهيكلة بقيمة إجمالية تبلغ 841,10 مليون درهم، من أبرزها معالجة المياه العادمة بمدينة ورزازات على مساحة 247 هكتارا إلى جانب معالجة 332 هكتاراً من غابات أكادير.
وفي قطاع التجهيز والنقل، تمّ إطلاق عدد من المشاريع بتكلفة إجمالية قدرها 1.033 مليون درهم، وتهدف إلى تحقيق الربط بين المراكز الحضرية والقروية من خلال تأهيل الشبكة الطرقية وتحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية وتعزيز الدينامية السياحية والاقتصادية.
كما تم في مجال الطاقة والمعادن رصد 9,5 مليون درهم لإنجاز مشاريع تهم تهيئة واستغلال الطاقات المتجددة ودعم الكفاءة الطاقية على المستوى الجهوي، فيما تم تخصيص اعتمادات مالية تناهز 1,26 مليون درهم لإعادة تأهيل المؤسسات الشبابية وتجهيز دور الشباب بالمعدات اللازمة للنشاط الرياضي والثقافي.
أما المشاريع الاستثمارية التي توجد قيد الإنجاز بجهة درعة-تافيلالت برسم الفترة 2026-2028 فتشمل برامج كبرى في مجالات الصحة والتعليم العالي والفلاحة والطرق، حيث يأتي في مقدمتها المستشفى الإقليمي بميدلت بكلفة 2.400 مليون درهم بطاقة استيعابية تصل إلى 500 سرير، ومستشفى القرب بتينغير بكلفة 385 مليون درهم بطاقة 145 سريرا، إلى جانب المستشفى الإقليمي بورزازات بكلفة 328 مليون درهم.
وفي السياق ذاته، سيتم تشييد المدرسة العليا للتكنولوجيا بالرشيدية والمدرسة العليا للتربية والتكوين بميدلت بغلاف مالي إجمالي يفوق 88 مليون درهم، بهدف تحسين العرض الجامعي والتربوي ودعم التكوين في المجالات التقنية والتربوية.
وتتواصل مشاريع تهيئة وتوسيع الشبكة الطرقية، منها الطريق الجهوية رقم 706 الرابطة بين بومالن دادس وأمسمرير والطريق الوطنية رقم 10 بين تينغير وتاكونيت، وكذا تثنية الطريق الرابطة بين الرشيدية وكلميمة.
وتهدف هذه المشاريع، وفق المذكرة الرسمية، إلى تحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية وتسهيل التنقل بين المراكز القروية والحضرية وتحفيز الاستثمار في القطاعات الواعدة بالجهة ولا سيما السياحة والفلاحة والطاقة المتجددة.
وتتواصل برمجة مشاريع جديدة برسم سنتي 2025 و2026 في عدد من القطاعات الحيوية، حيث يظهر قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي ضمن الأولويات من خلال مواصلة بناء وتأهيل المؤسسات التعليمية وتحسين ظروف التمدرس بكلفة إجمالية تصل إلى 71.8 مليون درهم، بهدف محاربة الهدر المدرسي وتوسيع العرض التربوي خصوصا بالمناطق القروية.
وفي قطاع الصحة، يتم الإعداد لبناء وتجهيز المركز الاستشفائي الجامعي بدرعة-تافيلالت بكلفة 7.134 مليون درهم بطاقة استيعابية تصل إلى ألف سرير، وذلك من أجل تحسين العرض الصحي الجهوي وضمان التكفل الطبي المتخصص.
أما في المجال الفلاحي، فستتم برمجة مشاريع تهيئة وتوسيع الأراضي السقوية وتثمين سلاسل الإنتاج الفلاحي بغلاف مالي قدره 113.8 مليون درهم، بهدف الرفع من الإنتاجية وتحسين الدخل الفلاحي.
وفي قطاع التجهيز والنقل، يتم استكمال مشاريع الطرق الوطنية والجهوية وخاصة الطريق الوطنية رقم 13 بين الرشيدية وميدلت بكلفة تفوق 1.183 مليون درهم، في إطار الجهود الرامية إلى تحسين الربط الترابي وتعزيز التنمية الاقتصادية.
كما يشهد قطاع الطاقة والمعادن إطلاق مشروع تطوير الطاقات المتجددة وبنيات التزويد بالكهرباء بكلفة إجمالية تقدر بـ49 مليون درهم، سعيا إلى تعزيز الأمن الطاقي الجهوي ودعم الانتقال نحو الطاقات النظيفة.
وبالموازاة مع ذلك، يواصل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي تنفيذ مشاريع تهيئة وبناء مؤسسات جامعية جديدة ضمن شبكة جامعة مولاي إسماعيل بغلاف مالي إجمالي قدره 45 مليون درهم، وذلك من أجل تحسين الولوج إلى التعليم العالي وتوسيع قاعدة التكوين والبحث العلمي على مستوى الجهة.
إلى جانب المشاريع الممولة من الميزانية العامة، تشهد الجهة تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية الكبرى من طرف المؤسسات والمقاولات العمومية، من أبرزها المشاريع التي يشرف عليها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والتي تروم توسيع شبكات التزويد بالماء والكهرباء بغلاف مالي قدره 3.423 مليون درهم بهدف تحسين ولوج الساكنة إلى الخدمات الأساسية.
كما تعمل الوكالة المغربية للطاقة المستدامة على تنفيذ مشروع المركب الشمسي بورزازات “نور 4” باستثمار قدره 2.730 مليون درهم، يهدف إلى تطوير الطاقة النظيفة ودعم الانتقال الطاقي.
أما المديرية العامة للطرق والنقل البري، فتنفذ مشاريع لتهيئة المحاور الطرقية الكبرى بكلفة إجمالية تصل إلى 2.743 مليون درهم من أجل تحسين الربط الجهوي والتقليل من العزلة عن المناطق النائية، في حين يواصل المكتب الوطني للسكك الحديدية دراساته لإحداث الربط السككي بين الراشيدية وبني ملال بكلفة 1.343 مليون درهم بهدف تعزيز النقل المستدام وتحسين التنقل بين الجهات.
وتؤكد هذه المشاريع، سواء المنجزة أو المبرمجة، أن جهة درعة-تافيلالت أصبحت فضاء استراتيجيا للاستثمار العمومي الموجه نحو البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية، مع تركيز واضح على الصحة والتعليم والماء والطرق والطاقات المتجددة.
ويرتقب أن تساهم هذه الاستثمارات في تحفيز النمو الاقتصادي المحلي وتقليص الفوارق المجالية وتحسين جاذبية الجهة للاستثمار الخاص، بما يرسخ موقعها كرافعة أساسية للتنمية المتوازنة والمستدامة بالمملكة.



اترك تعليقاً