وجهة نظر

الرابور والفابور وصعوبة العبور إلى الفن

لمن يظنون أن كل تعبير جديد يرقى إلى درجة تسميته بالفن، أقول بكثير من الإحترام أن الفن مكانة عالية تتطلب جهدا للصعود إليها. أن يتم إبداع أشكال جديدة للتعبير، فهذا مشروع. زعزعت أسرة ” ستراوش” بنية الموسيقى الكلاسيكية وحوكمت موسيقى “الفالس”ذات الإيقاعات الثلاثية و الرباعية … والألفية كما قال أو تغنى بذلك جاك بريل، فهذا يدخل في صراع الإبداع بوسائل الإبداع.

يومنا تغيرت فيه وسائل اقتحام المجال الفني. لم تعد التربية الموسيقية وتعلم درجات السلم الموسيقي وأنماط التعامل مع المدارس الموسيقية مفتاحا للدخول المشروع إلى مجال الفن. الراب، والاسم دخيل على كل اللغات والثقافات، أصبح وسيلة للولوج إلى عالم الشهرة.

أعرف بكل اقتناع أن موسيقى الجاز والبلوز عبرتا باحتراف عن رفض افريقي في أمريكا لأساليبكثيرا ما أسست لثقافة موسيقية عنصرية. و لكن ما يسمى بفن الراب أتى بأسلوب جديد ينتمي إلى إبداع شكل جديد في مجال الأشكال الشعرية. الأمر لا يتعلق بالموسيقى وعلومها وإنما بأوزان الكلام وما يتيحه من إيقاعاته وإمكانيات ربطها بجمل موسيقية بسيطة و فقيرة نظرا لفقر الثقافة الموسيقية لمن يسمون أنفسهم بمبدعين في أسلوب قول كلام إسمه الراب.

لن أنكر أن بعض الرابورات المغاربة والأجانب يتقنون بعض أساليب النقد المجتمعي، لكن جمالية صوتهم وضبطهم للإيقاع وإتقانهم للجملة الموسيقية، المتعارف عليها لا تمكنهم من احتلال أدنى كرسي في قسم أي معهد موسيقي. تعرفت على فرق موسيقية جديدة من مراكش ومكناس والجديدة وتأكدت من بحثها الجميل على الجمل الموسيقية واستمتعت بإبداعاتها التي تميزت بالجمال وإتقان التعامل مع الثقافة الموسيقية وغيرت رأيي حولها ولم أعد أصنفها في ميدان الراب.

بعض الرابورات في هذا الزمن يفتخرون بفقر ثقافتهم و جهلهم للقيم الفلسفية و كرههم للشعر و حبهمللسهولة التي تتيحها تكنولوجيا تزوير الإبداع الموسيقي و الصاق الصوت بشكل تكنولوجي على كل الايقاعات. أكثر هؤلاء لن تدوم مرحلة تسليط الأضواء عليهم. قولوا ما شئتم من قول يوافق اهواءكم ، لكن علوم الموسيقي و شروط نظم الكلام تتطلب نضجا وعلما وكثيرا من التمكن من قواعد الموسيقى. البناء الصلب يتطلب العلوم وليس مجرد تعبير عن هموم.

أما أسلوب الشتم ونظمها للإساءة إلى من تستفيدون من الإساءة إليه فهذه حرية يضمنها الدستور لكم ويحمي القانون كل من تضرر منها. ولن يتسامح أي مغربي مع أمثال ذلك الذي سمح لنفسه بقول كل شيء فع القضاء لمحاسبته كما يحاسب كل مخالف للقانون.