أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أمس الجمعة، عدم قبول طلب تقدم به الإمام المغربي حسن إكويوسن ضد السلطات الفرنسية، بحجة أن ترحيله إلى المغرب يعرضه لخطر المعاملة اللاإنسانية والمهينة.
وقالت المحكمة، التي تتخذ من ستراسبورغ مقراً لها، إن السلطات الفرنسية لم تتخذ قراراً بترحيل مقدم الطلب إلى مملكة بلجيكا، بل إن فراره إلى المملكة البلجيكية دفع السلطات هناك إلى اتخاذ قرار طرده نحو المغرب.
وبررت المحكمة قراراها أيضا بقولها إن مقدم الطلب يجب أن يكون قد استنفد جميع السبل القانونية في بلده، وهو ما لا يتوفر في طلب الإمام، إذ إن أحد الطعون التي قدمها الإمام لا تزال “قيد النظر أمام محكمة باريس الإدارية”.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن قضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنوا بالإجماع رفضهم طلب الإمام الذي استند إلى عدة مواد من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان، ولا سيما المواد 3 (حظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة)، و6 (الحق في محاكمة عادلة)، و8 (الحق في احترام الخصوصية والحياة الأسرية)، و9 (الحق في حرية الفكر والوجدان والدين)، و10 (حرية التعبير)، و13 (الحق في الإنصاف).
ونقلت الوكالة عن محامية الإمام، لوسي سيمون، أن هذه الخطوة هي خطوة مرحلية قبل اتخاذ إجراءات على المستوى الدولي، مؤكدة في الوقت نفسه على مسؤولية الدولة الفرنسية في الاعتداءات على الحريات الأساسية للإمام حسن إكويسن.
وفي يناير الماضي، تم ترحيل الإمام المغربي حسن إيكويسن (58 عامًا) إلى المغرب من بلجيكا، وفق ما أعلنته وزيرة الدولة البلجيكية لشؤون اللجوء والهجرة، نيكول دي مور، والمحامية الفرنسية للإمام، لوسي سيمون.
وقالت الوزيرة البلجيكية آنذاك: “لا يمكننا السماح لمتطرف بالتجول على أراضينا”، معتبرة أنه “يجب إبعاد أي شخص لا يملك الحق في أن يكون هنا”، مشيدة بـ”التعاون الجيد مع فرنسا” في هذا الملف.
وبحسب وكالة “فرانس برس”، فإن القنصل العام المغربي في لييج البلجيكية، أصدر أول أمس الخميس، وثيقة المرور التي سمحت بإبعاد الإمام إلى بلده الأصلي، حددت مدة صلاحيتها بشهر واحد.
وأبعد الداعية السابق في شمال فرنسا الذي أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، صدور أمر بترحيله في نهاية يوليوز، إلى المغرب بطائرة متوجهة إلى الدار البيضاء، بعد منحه وثيقة مرور من قنصلية المغرب في مدينة لييج البلجيكية.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن أمر الطرد الفرنسي “يتضمن منع عودته” إلى الأراضي الأوروبية، مضيفة أن الإمام مسجل في الملف المشترك للمطلوبين في نظام “شنغن”، ما يجعل من الممكن منع أي دخول له إلى المنطقة الأوروبية.
وأوضح مسؤول مقرب من وزير الداخلية الفرنسي، أن “جيرالد دارمانان عمل عن كثب مع نظرائه في هذا الموضوع”، مضيفا: “إنه انتصار عظيم على نزعة التطرف”، وفق تعبيره.
وقالت المحامية الفرنسية للإمام المغربي، لوسي سيمون، مساء الجمعة، إنها فوجئت بتغيير الرباط موقفها بعدما رفضت الصيف الماضي طلب فرنسا إصدار وثيقة من هذا النوع.
وأوضحت سيمون بالقول: “فوجئت بالتحول في موقف السلطات المغربية وأعتقد أن حياة إيكويسن في فرنسا”، مؤكدة أنها لم تبلغ بصدور الوثيقة القنصلية. وأضافت: “ننتظر حكم المحكمة الإدارية في باريس في مضمون” القضية، معتبرة أنه “إذا ألغي أمر الإبعاد (الفرنسي)، فسيتعين على فرنسا ضمان عودته”.
وتجاوز مجلس الدولة قرار هذه المحكمة الإدارية التي كانت قد حكمت بشكل عاجل بطرد الإمام، غشت المنصرم، معتبرا في نهاية الشهر نفسه أن القرار بإبعاده إلى المغرب لا يشكل “مساسا خطيرا وغير قانوني بحياته الخاصة والعائلية”.
وكان وزير الداخلية الفرنسية قد أعلن في نهاية يوليوز الماضي، طرد الإمام إكويسين بعدما اتهمه باستخدام “خطاب دعوي يتضمن تصريحات تحرض على الكراهية والتمييز وتحمل رؤية إسلامية تتعارض مع قيم الجمهورية”.
لكن الإمام توارى عن الأنظار عندما تم التصديق على المرسوم بشكل نهائي من قبل مجلس الدولة في 31 غشت، ليُعلن لاحقا عن فراره إلى بلجيكا الناطقة بالفرنسية، قبل أن يتم توقيفه في 30 شتنبر من طرف السلطات البلجيكية.
وسجن إكويسين لفترة قصيرة ثم وضع في الإقامة الجبرية تحت مراقبة إلكترونية، ونقل بعد ذلك إلى مركز قرب مدينة لييج في شرق بلجيكا منتصف نونبر المنصرم، بعد فشل إجراءات مذكرة التوقيف الأوروبية التي أطلقتها فرنسا أمام المحاكم البلجيكية.
وازداد إيكويسن في فرنسا لكنه رفض الجنسية الفرنسية وتخلى عنها في سن السابعة عشرة، ثم حاول استعادتها من دون جدوى، ولديه خمسة أبناء و15 حفيدا، جميعهم فرنسيون.