ذكرني ثامن مارس بأنني جاهل في فقه النساء، وأميّ في الكلام الجميل الذي يعجبهن. والحقيقة أنني لا أكاد أعرف شيئا عن المرأة.. لكنني عرفت اليوم خبرا جديدا يهم الباحثين عن الجديد:
عرفت الحسن والحسين، أقصد كنت أعرفهما.. كنا صغارا، في العمر نفسه تقريبا، لا، هما أكبر مني بسنة تقريبا كما تحكي أمي، فقد ولدا في رمضان وأنا ولدت بعد سنة في شوال. كانا توأمين وصديقين لا يفترقان، لا يتشابهان كثيرا في الملامح لكن يتشابهان فيما دون ذلك يدرسان معا ينجحان معا يرسبان معا.. في الكرة لا يمكن أن يقبل أحدهما اللعب ضد الآخر، نتوزع إلى فريقين لكن الحسن والحسين لا يفترقان. كان الأمر يغضب بعضنا، وبعضنا حاول تفريقهما حيلة وقوة دون جدوى.
ننهي المباراة ونوقد نارا نتجمع حولها، يسهم كل واحد منا بنصيبه من الحطب يجمعه بعد المباراة مباشرة أو يحضره معه من الحقول ويصحبه معه إلى الملعب.. في جلستنا كنا نحكي عن الغول ذي السبعة رؤوس، وعن الرسوم المتحركة، وعن بطولات آبائنا في أسفارهم. يفتخر كل واحد بما يملك في بيته، وبأعمامه وأخواله في المدن البعيدة حيث سيقضي عطلة الصيف.. لما كبرنا أصبحنا نحكي عن الكرة والنجوم والمال والنساء.. يستعرض كل منا مغامراته مع التلميذات وغير التلميذات، ويقينا كان الكثير منا يكذب، يكذب كثيرا فبعضنا لم يكن يستطيع أن يُرَكِّب جملة مفيدة بأية لغة أمام فتاة، لكن أمامنا يصوغ نصوصا من خياله، يتحول فيها إلى فارس تهواه بنات الحي والمدرسة…
الحسن والحسين لا يفترقان وبالتالي لا يصاحبان من لا صاحبة لها.. ولأنهما أكبر منا قليلا فقد وصلا سن البلوغ قبلنا فكانت خبرتهما في عالم النساء أكبر، وسمح لهما عمرهما وبنيتهما بمجالسة من هم أكبر منا.. سمعا قبلنا عن وردة وخبرتها في إثارة الرجال، تحولت وردة إلى حلم، كنا نحب وردة ونكره مهنتها. كلنا نتغنى سرا وجهرا بمعاشرتها، وهي لا تبخل على أحد.. يكفي فقط أن يملك عشرين درهما. والتوأمان لا يخجلان أن يترافقا معا إلى وردة وأن يتناوبا.. لقد نجحت وردة على الأقل أن تفرقهما ولو للحظة، ونجحا في إقناعها بقبول ثلاثين درهما منهما بدل الأربعين فهما التوأمان الوحيدان من زبنائها.
كبر الحسن والحسين أكثر، سافرا معا، اشتغلا معا، وفرا المال معا، تجاوزا طيشهما معا… صارا شابين ناضجين وكأنهما لم يكونا نزقين.. يتحسران على أيام الجاهلية ويدعوان الله أن يغفر لهما.. تزوجا معا.
(لقد تهت مرة أخرى ونسيت لماذا تذكرت كل هذا وفي هذه اللحظة..) تذكرت..
اليوم التقيت الحسين بلا الحسن سألته عنه، ولثقة زائدة منه أنني لن أكتب حكايتهما انطلق في شتم الحسن وكال له من التهم الكثير “الحسن ليس رجلا أصبح خاتما في يد تلك الأفعى وأمها…”
هنا البداية في انتظار أن ألتقي الحسن وأسمع منه الوجه الآخر للحكاية.”