مجتمع

تكبد 10 ملايين سنويا .. وزير الفلاحة يعترف بـ”اختلالات” تمرير صفقات التشجير

يُواجه المغرب تحديات كبيرة في مجال التشجير نتيجة اختلالات تتعلق بظروف تمرير صفقات إنتاج الشجيرات، حيث أظهرت نتائج التشخيص الذي أجرته وزارة الفلاحة في إطار إعداد استراتيجية الغابات 2020-2030 أن نسبة نجاح عمليات التشجير لم تتجاوز 40%.

ويرجع هذا القصور، وفق ما أوضحت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى عدة عوامل منها ضعف جودة الشتائل، مما استدعى ضرورة إعادة النظر في منظومة إنتاج الشتائل. وأشارت الوزارة إلى أن الأغراس الغابوية غير متوفرة في الأسواق لاقتنائها، حيث إن المستهلك الوحيد لها هو إدارة المياه والغابات.

وأوضح وزير الفلاحة محمد صديقي في معرض جوابه على سؤال برلماني حول “مآل الشتلات المنتجة وغير المغروسة وظروف تمرير صفقات إنتاج الشجيرات”، أن عملية توفير هذه الأغراس تتم عن طريق شركات خاصة، رغم أن الإدارة تمتلك مشاتل غابوية. ولفت إلى أن الاستراتيجية الجديدة نصت على تحسين تقنية إنتاج الشتائل وتدبير المشاتل الغابوية، وتشجيع القطاع الخاص على خصخصة عمليات إنتاج الشتائل الغابوية.

وكشف الوزير أنه تم وضع نظام جديد لهذه العمليات يهدف إلى التحول من نظام صفقات أشغال إنتاج الشتائل الغابوية إلى نظام صفقات توريد الشتائل الغابوية، مؤكداً أن النظام القديم كان يتسم بالغموض في المسؤولية، مما أدى إلى العديد من النزاعات القضائية التي لا تزال قائمة في المحاكم.

واعترف وزير الفلاحة أن النظام القديم كان يقتصر على توفير الشركات لليد العاملة والمدخلات اللازمة، بينما تتحمل الإدارة مسؤولية توفير المشتل وتجهيزاته والبذور والتأطير التقني. مضيفاً أنه على النقيض من ذلك، يلزم النظام الجديد الشركات بكافة المسؤوليات، وينحصر تدخل الوكالة في عمليات التسليم في المرحلة الأخيرة من الصفقة مع التأكد من جودة الشتائل.

وأبرز المسؤول الحكومي أن هذا النظام أزال الغموض في نتائج الصفقات وساهم في أداء مستحقات الشركات بناءً على نسب نجاح إنتاج الشتائل، وليس فقط على أداء الخدمة، مسجلاً أن هذا النظام الجديد “أعطى نتائج إيجابية من حيث تحقيق الشفافية والكفاءة في العمليات”.

وفيما يتعلق بتكلفة الشتلة الغابوية الواحدة، أكد الصديقي أن النظام الجديد لا يعتمد فقط على توفير اليد العاملة ومدخلات الإنتاج من قبل الشركات، بل يلزمها أيضًا بتجهيز المشاتل وتوفير التربة البديلة، مما أعفى الإدارة من عدة نفقات مالية كتجهيزات المشاتل وتوفير البذور والتأطير التقني.

وكشف وزير الفلاحة أن هذا التحول أسهم في توفير حوالي 10 ملايين درهم سنويًا، حيث تم تحديد الثمن المرجعي المعتمد حاليًا من قبل الإدارة بدقة بناءً على معايير موضوعية تأخذ في الاعتبار أسعار مدخلات إنتاج الشتائل في السوق الوطنية، مؤكداً في المقابل أن تكلفة إنتاج الشتائل الغابوية تبقى منخفضة مقارنة بالشتائل المماثلة المنتجة من قبل المشاتل الفلاحية الخاصة.

وأظهرت التجربة المنجزة في عام 2021 جدوى النظام الجديد لتدبير الشتائل الغابوية وتذليل جميع الصعوبات التي كانت تواجهها العمليات في السابق. ويعتمد النظام الجديد على صفقات إطار لمدة ثلاث سنوات بدلاً من دفتر التحملات السنوية، مما يوفر إطارًا ملائمًا لتشجيع الشركات على الاستثمار وتجنب إكراهات الانتقال بين الشركات في تدبير المشاتل. كما يتيح هذا النظام للشركات إمكانية برمجة استثماراتها في مجال عصرنة القطاع الغابوي على المدى المتوسط والبعيد، والاعتماد على تقنيات حديثة للإنتاج.

وواجه النظام الجديد في البداية رفضًا من قبل الآمرين بالصرف الجهويين لوزارة الاقتصاد والمالية، ولكنه اعتُمِد بعد تدارسه مع مصالح الخزينة العامة للمملكة وتقديم الضمانات والمعطيات اللازمة. وتؤكد معطيات وزارة الفلاحة أن إنتاج الشتائل يتم برمجته سنة قبل الشروع في عمليات التشجير، وكانت الشتائل غير المغروسة توزع على الخواص والمؤسسات التعليمية لدعم برامجها البيئية.

وكشف وزير الفلاحة محمد صديقي أنه سيتم تدبير فائض الإنتاج بطريقة تتيح غرسها في السنة المقبلة دون تبعات مالية على الوكالة الوطنية للمياه والغابات، مما يضمن عدم إتلاف أي شتلة.

أما بالنسبة لاستبدال التربة الغابوية بتربة بديلة في غياب دراسة علمية تؤكد نجاعة هذا الاختيار، أوضح الوزير أنه تم اتخاذ هذا القرار بناءً على نتائج الأبحاث العلمية الخاصة بتربية الشتائل الغابوية المنجزة على الصعيدين الوطني والدولي، وكذلك بناءً على تقارير الزيارات الدراسية لأطر ومسؤولي الوكالة في إطار اتفاقيات تعاون مع المؤسسة المكلفة بالغابات في الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسسات أخرى كندية وأوروبية.

إلى ذلك، أكدت الوكالة الوطنية للمياه والغابات استعدادها لتنظيم زيارات ميدانية للمشاتل الغابوية للاطلاع عن كثب على حجم المجهودات المبذولة في إطار هذا النظام الجديد لتوفير الشتائل. وأوضحت وزارة الفلاحة أن هذا التحول يأتي ضمن جهود تعزيز استدامة الغابات في المغرب وتحسين إدارة الموارد الطبيعية، بما يتماشى مع الأهداف البيئية والاقتصادية للبلاد.