أعلن مجلس المستشارين ضمن تقرير للجنة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالسياسة اللغوية بالمغرب، عن استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المعرفي والهوية الثقافية والاقتصادية من خلال تطوير اللغتين الرسميتين، وذلك في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى الارتقاء بمكانة المغرب على الصعيدين الثقافي والاقتصادي، وتعزيز قدراته في مواكبة المستجدات العلمية والتكنولوجية.
وتسعى هذه الاستراتيجية إلى سد الفجوة اللغوية وتمكين المغاربة من استخدام لغتهم الأم في الأوساط الأكاديمية والعلمية من خلال إنشاء مؤسسة وطنية للترجمة، تهدف إلى مواكبة المستجدات العلمية والتكنولوجية العالمية وترجمتها إلى اللغتين الرسميتين.
كما ستعمل على جلب أحدث الأبحاث والدراسات العلمية وتوفيرها باللغتين العربية والأمازيغية، مما يعزز من قدرة المغرب على المنافسة في المجالات العلمية والتكنولوجية، بالإضافة إلى تطوير معاجم وقواميس حديثة للغتين الرسميتين لضمان أن تكون المصطلحات العلمية والتكنولوجية متاحة بسهولة للباحثين والطلاب.
وقال التقرير إن الاستراتيجية ترمي إلى تحسين مناهج التعليم في المدارس والجامعات، حيث سيتم تحديث مناهج اللغتين العربية والأمازيغية لتتماشى مع التطورات الحديثة.
وسيتم توفير برامج تدريبية للمعلمين وتمكينهم من أحدث الأساليب التعليمية، مما يعزز من جودة التعليم ويضمن تمكين الطلاب من إتقان اللغتين الرسميتين بشكل فعال.
ومن أجل ضمان نجاح هذه الاستراتيجية، سيتم تخصيص موارد مالية وبشرية كافية. وستستثمر الحكومة في تدريب الأطر وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم التعليم والترجمة والتطوير اللغوي. كما ستعمل على إنشاء معاهد ومراكز تدريبية متخصصة لتطوير المهارات اللغوية والتعليمية.
وبحسب التقرير ذاته، فإن المراقبة والتقييم يعتبران جزءًا أساسيًا من هذه الاستراتيجية، إذ سيتم إجراء تقييم دوري للسياسة اللغوية لضمان تحقيق أهدافها والتكيف مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما سيمكن من إجراء التعديلات اللازمة في الوقت المناسب للحفاظ على فعالية الاستراتيجية.
المصدر ذاته أوضح أن غاية هذه الاستراتيجية هي تعزيز العمل التشاركي بين مختلف الفاعلين في المجتمع. إذ سيتم إشراك الجامعات والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص في إعداد وصياغة وتقييم السياسات العمومية اللغوية لضمان ملاءمة السياسات مع احتياجات المجتمع ومتوافقة مع التطورات العالمية.
وستلعب الجامعات والمؤسسات البحثية دورًا محوريًا في هذه الاستراتيجية من خلال تنسيق جهودها للاستجابة للحاجات العصرية وإنشاء معاجم وكتب قواعد حديثة، وتجديد طرق التعلم والتعليم، وتطوير الترجمة والتأليف باللغتين الرسميتين مما سيسهم في تعزيز البيئة الأكاديمية والبحثية في المغرب.
في السياق ذاته، ستتم مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية لضمان ملاءمتها مع أحكام الدستور في المجال اللغوي. والتأكيد على تعزيز مكانة اللغتين الرسميتين في التشريعات والسياسات العمومية، مما يضمن استخدامهما في جميع جوانب الحياة العامة والخاصة.
ومن بين ما جاء في التقرير إنشاء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والعمل على توفير الموارد المادية والبشرية اللازمة لضمان فعاليته، مشيرا إلى أن المجلس سيكون مسؤولا عن تخطيط وتنفيذ السياسات اللغوية والثقافية، مما يعزز من دور اللغات الرسمية في المجتمع.
كما ستلتزم الحكومة ومختلف المؤسسات الوطنية باستخدام اللغات الرسمية في الاجتماعات الرسمية واستقبال الوفود الأجنبية وتمثيل المغرب في المحافل الدولية. هذا الالتزام يعزز من مكانة اللغتين الرسميتين على الصعيدين المحلي والدولي، وفق ما جاء به التقرير.
وأشار المصدر نفسه إلى أنه سيتم إلزام الإدارات العمومية وشبه العمومية والمصالح الخاصة باستخدام اللغتين العربية والأمازيغية في تحرير الوثائق والمذكرات والعقود والمراسلات والمطبوعات الإدارية.
كما سيتم وضع آليات مؤسسية وقانونية لمراقبة التزامات الدولة بحماية اللغتين الرسميتين، مما يضمن استخدامهما في الإعلام والإدارة والقضاء. فضلا عن العمل على إخراج “أكاديمية محمد السادس للغة العربية” إلى الوجود وضبط مواردها المادية والبشرية لتقوم بدورها العلمي والبحثي في النهوض بلغة الضاد.
وذكرت الوثيقة ذاتها أن الحكومة ستعمل على تفعيل القانون التنظيمي رقم 26-16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مختلف مجالات الحياة العامة.
كما سيتم استثمار الرصيد المعرفي والإنتاجات العلمية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في بلورة المخططات الهادفة إلى تنزيل كافة القوانين ذات الصلة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بالإضافة إلى إدماج الثقافة الحسانية في المقررات المدرسية والمناهج التربوية، وتجميع وتوثيق كل مكونات الثقافة الحسانية. وتشجيع الباحثين المهتمين بالموروث الثقافي الحساني وتعزيز التكوين في مختلف مجالات التراث الحساني، بما في ذلك إنشاء معاهد موسيقية بالأقاليم الجنوبية.