اقتصاد

خبراء ماليون يحذرون من استنساخ تجارب فاشلة للمالية الاسلامية

محمد تورار

حذر مجموعة من الخبراء المالين المغاربة، من استنساخ تجارب فاشلة للمالية الاسلامية تعتمد فقط على عقود المرابحة لا على الاستثمار والمشاركة، مؤكدين في الوقت نفسه على أن مقومات نجاح تجربة البنوك التشاركية بالمغرب مهيئة، بشكل يمكنها من الاستفادة من الأخطاء والتجارب السابقة عبر العالم العربي والإسلامي.

وأشار طارق بنكرعي، أستاذ بجامعة ستراسبورغ، خبير في المالية الاسلامية، والأمين العام للمجمع الفقهي الأوروبي المستقل للدراسات المالية الإسلامية، خلال ندوة علمية تخللت الدور الثاني لأولمبياد الوطني للمالية الاسلامية، التي نظمتها منظمة التجديد الطلابي بمؤسسة ابن غازي بالرباط، مساء السبت 23 يوليوز، إلى أن المالية الاسلامية ليست حَميّة عصبية، بل هي طريقة ومنهج حياة، واقتصاد قائم بذاته مبني على أسس أخلاقية واجتماعية مثينة وأن أفضليتها لا تنحصر فقط في عقود المرابحة بل تتعداها الى عقود الاستثمار والمشاركة والمضاربة التي تحقق بالفعل الاسس المقاصدية للاسلام.

وحذر في الندوة التي نظمت تحت عنوان “النمادج الاسلامية الناجحة عبر العالم”، المشرع والسلطات النقدية المغربية وكل الفاعلين المالين من اختزال المالية الاسلامية في عقود المرابحة التي هي في الحقيقة استثناء وليس أصلا.

وفي حديثه عن التجربة المغربية أفصح بدوره خليل البنيوري، الباحث في الهندسة المالية الإسلامية، والمدير التجاري لمؤسسة دار الصفاء للتمويل، على أنه لا يمكن الزج بهذه التجربة الفتية في محاكاة النمودج المصرفي التقليدي عبر اعادة انتاج تجارب فاشلة للمالية الاسلامية تنبني فقط على عقود المرابحة واستعمال ودائع الزبناء تحت الطلب، في اهمال تام للأهداف المقاصدية الكبرى للاسلام، والمتمثلة أساسا في إرساء اقتصاد حقيقي ومستقر، قائم على العقود الاستثمارية والتشاركية.

وأضاف البنيوري بأن المغرب فتح اليوم الباب على مصراعيه للبنوك الاستثمارية الاسلامية، واعتمد لذلك هندسة مالية قوية ستمكن من الولوج السريع الى خدماتها، لكن الذي يحز في النفس كثيرا حسب قول المتحدث هو كون كل الطلبات التي قدمت والتي رَخّص لها بنك المغرب حتى الآن، كلها ستعتمد على عقود المرابحة لا الاستثمار والمشاركة، أي أن الأمر في الحقيقة يعكس في الوقت الراهن اللهث وراء ربح سريع يضمن نصيب من الكعكة المغربية ومن الودائع المالية للجمهور بدون استثمار حقيقي ولا حتى ودائع خاصة من طرف الابناك والمؤسسات المرخص لها.

إلى ذلك، أشار طلال الحلوا خبير ومستشار في المالية الإسلامية، إلى أنه من بين الانزلاقات الكبرى للمالية الاسلامية في العالم هو كون 85 في المائة من المعاملات المالية الاسلامية الحالية مبنية على المرابحة، في ما كان ينبغي ان تكون 99 في المائة من هذه العمليات مبنية على الاستثمار والمشاركة لا على المرابحة.

وأضاف أن ما يلاحظ الآن هو أن من المغرب يحذو نفس الحذو وسيبدأ من حيث بدأ الاخرون قبل 30 سنة، وهذا يحثم على المستهلك المغربي ان يكون واعيا بطبيعة المرحلة وبالملآلات الشرعية للمعاملات البديلة.

واختتم أمس بالرباط الدور الثاني من الأولمبياد الوطني للمالية الإسلامية بمؤسسة ابن غازي للأقسام التحضيرية، ضمن سلسلة الدورات التكوينية مع امتحانات على رأس كل دورة والذي تنظمه منظمة التجديد الطلابي.

الأولمبياد افتتح مساء الجمعة بندوة افتتاحية حول النماذج الناجحة في المالية الاسلامية من تأطير كل من خليل البنيوري، المدير التجاري لدار الصفاء والباحث في الأسواق المالية الاسلامية طلال لحلو وأدار الندوة الدكتور طارق بنكرعي أستاذ بجامعة ستراسبورغ والناطق الرسمي باسم الهيئة المستقلة للمالية الاسلامية بأوربا.

اليوم الثاني شهد عرضا تكوينيا من مدير مكتب المعالي للاستشارات في المالية الاسلامية وائل أعمينو والذي تطرق للنماذج الاستراتيجية والعملية للبنوك الإسلامية، جاء بعده عرض وافي حول فقه المعاملات من الدكتور محمد قراط، أستاذ أصول الفقه بجامعة القرويين والمستشار الشرعي بالمعالي للاستشارات. وشهدت الدورة تفاعلا من الطلبة ونقاشا علميا مهما.

واختتم يوم السبت بمناظرة بين الفرق المتبارية من ثلاثة ممثلين عن كل فريق حول مواضيع راهنة في المالية الاسلامية كاسهامها في خفض الفقر وتوافقها مع الشريعة وولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة للتمويل.

وهذا وشهد اليوم الأخير اختبارا كتابيا هم ما تم تحصيله في الدورة التكوينية وهم كذلك الكتب التي قرأت قبل الدور الثاني بتوصية من الجهة المنظمة.