سياسة

الجزائر بين تصعيد عدائي متجدد وانهيار مشروعها الانفصالي أمام زخم الدعم الدولي للمغرب

الرئيس الجزائري

في خطوة تعكس استمرارية التصعيد الجزائري تجاه المغرب، استغل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كلمته أمام البرلمان الجزائري لتجديد مواقف بلاده الرافضة لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتضمنت تصريحاته هجوما مباشرا على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي وصفها بأسلوب ساخر بأنها “فكرة فرنسية” و”خرافة جحا”، حسب وصفه.

وفي محاولة لتعزيز الشعور القومي وسط التوترات المتزايدة مع فرنسا، تطرق تبون إلى قضايا تاريخية مرتبطة بفترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، كما شملت تصريحاته المطالبة باستعادة جماجم المقاومين الجزائريين، والاعتذار عن الجرائم الاستعمارية، ومعالجة ملف النفايات النووية، إلا أن هذه التصريحات تأتي في سياق أزمة متفاقمة بين الجزائر وباريس، التي اختارت الوقوف بجانب الرباط في قضية وحدتها الترابية، مما يضيف أبعاداً جديدة للصراع الجزائري المغربي.

هذا، وعبرت الجزائر، على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف، عن استيائها من الهيمنة المتزايدة لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، والتي حظيت بدعم دولي واسع النطاق، مشيرا إلى أن هذا الدعم المتنامي “يحتل كل المساحة” ويعيق المجتمع الدولي من التفكير في “حل بديل” كخيار الاستقلال الذي تسعى الجزائر للترويج له.

في سياق التطورات الإقليمية المتلاحقة، أكد المحلل السياسي محمد سالم عبد الفتاح أن النظام الجزائري يواصل نهجه التصعيدي ضد المملكة المغربية، متأثراً بالتحولات السياسية والدبلوماسية التي عززت من مكانة المغرب على الساحة الدولية، مشيرا إلى أن الخطاب الأخير للرئيس الجزائري أمام البرلمان حمل رمزية كبيرة، ليس فقط لأنه جاء في مناسبة رسمية، بل لأنه تطرق بشكل مباشر إلى مواقف دولية، لا سيما الموقف الفرنسي الداعم لمغربية الصحراء.

وأوضح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن هذا الخطاب يعكس حالة من التأثر الواضح لدى النظام الجزائري تجاه الدعم الفرنسي المتزايد للمملكة، مما يُبرز أهمية الأدوار التاريخية التي لعبتها فرنسا في المنطقة، مؤكدا أن الحضور الفرنسي القوي في الجزائر، سواء على المستويات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، يجعل من الموقف الفرنسي داعما أساسيا للمغرب في ملف الصحراء، الأمر الذي يضع النظام الجزائري في موقف حرج.

ويرى المحلل أن هذا التصعيد الجزائري يعكس تناقضا واضحا في دعاية النظام، الذي يحاول الترويج لعدم ارتباطه المباشر بنزاع الصحراء، في حين تظهر تحركاته على أعلى المستويات تناقض هذا الطرح، كون أن النظام لا يتردد في مواجهة مواقف الدول الداعمة للمغرب والتصعيد ضد حلفائه الاستراتيجيين، مثل فرنسا، التي أعلنت صراحة دعمها لمغربية الصحراء.

وأضاف عبد الفتاح أن الجزائر تحاول عرقلة الإنجازات التي تراكمها المملكة في هذا الملف، لكنها تواجه انهيارا واضحا في مشروعها الانفصالي، بالإضافة إلى ذلك فإن مواقف العديد من الدول التي كانت تدعم هذا المشروع، شهدت تغييرات مثل ملاوي وتشاد، اللتين افتتحتا بعثات دبلوماسية في المغرب، فضلا عن دول أخرى مثل الإكوادور وبنما، اللتين سحبتا اعترافهما بالكيان الانفصالي.

وشدد المحلل السياسي على أن التصعيد الجزائري ضد المغرب يأتي في وقت يعاني فيه النظام من أزمة داخلية خانقة، زادت من حدتها التحولات الدولية، مثل تفكك محور طهران-الجزائر، وانهيار حلفاء الجزائر في الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم حزب الله ونظام بشار الأسد.

وفي ختام حديثه شدد محمد سالم عبد الفتاح، على أن النظام الجزائري يحاول توظيف النزاع المفتعل حول الصحراء لتوجيه الأنظار بعيدا عن مشاكله الداخلية، لا سيما ما يتعلق بتراجع شرعيته وشعبيته، كما يسعى إلى تعطيل النقاش الداخلي حول الإصلاحات السياسية والعدالة الاجتماعية والانتقال الديمقراطي، عبر تصدير الأزمات إلى الخارج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *