سياسة

“اختلالات جامعية” تحاصر وزير التعليم العالي بالبرلمان.. وميداوي يستنجد بالأرقام

وجه عدد من النواب البرلمانيين انتقادات حادة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، على خلفية مجموعة من الإشكالات التي تواجه قطاع التعليم العالي، خاصة ما يتعلق بمشاكل المنح والهدر الجامعي وضعف التأطير البيداغوجي والأوضاع المتردية بالأحياء الجامعية.

وانتقد عدد من النواب، في مداخلاتهم خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، الإثنين، تأخر صرف المنح الدراسية وتباين قيمتها مقارنة بتكاليف الحياة الجامعية، مؤكدين أن العديد من الطلبة يواجهون صعوبات مالية كبيرة نتيجة هذا التأخير، ما يؤثر على استقرارهم النفسي والاجتماعي ويجعلهم عرضة للهدر الجامعي أو التوجه نحو العمل بدوام جزئي على حساب دراستهم.

وطالب البرلمانيون الوزارة بتسريع وتيرة صرف المنح وزيادة قيمتها لتواكب الظروف المعيشية الحالية، مشيرين إلى أن المنح الدراسية تشكل مصدر دخل أساسي لفئة كبيرة من الطلبة، خاصة أولئك القادمين من المناطق القروية.

بالمقابل، أرجع عدد من النواب ارتفاع نسبة الهدر الجامعي إلى “غياب سياسات واضحة للتوجيه الجامعي وضعف التأطير الأكاديمي وقلة الاهتمام بتوفير دعم نفسي وبيداغوجي للطلبة في مواجهة الصعوبات الدراسية”، معتبرين أن “استمرار هذه الظاهرة يهدد مستقبل الآلاف من الشباب المغربي، ويتسبب في هدر كبير للطاقات والموارد البشرية”.

ودعا برلمانيون إلى اعتماد استراتيجيات مبتكرة للحد من هذه الظاهرة، تشمل تحسين جودة التكوين، وتوفير برامج دعم للطلبة في وضعية هشاشة، وتشجيع المشاريع البحثية التي تعزز من فرص نجاحهم الأكاديمي.

كما تطرق النواب للوضع المزري الذي تعرفه الأحياء الجامعية في مختلف المدن المغربية، لافتين إلى أن الطلبة يعانون من الاكتظاظ، وتدهور البنية التحتية، وغياب المرافق الأساسية مثل المطاعم والمكتبات. منتقدين غياب الصيانة الدورية لهذه المرافق، مما يجعل الإقامة في الأحياء الجامعية غير ملائمة للتحصيل العلمي، وفق تعبيرهم.

ميداوي يدافع عن أرقام وزارته

تفاعلاً مع الإشكالات التي تعرفها المنح الجامعية، أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن العدد الإجمالي للمنح يحدد سنويًا بموجب قرار مشترك بين وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، في حدود الاعتمادات المالية المرصودة للمنح في قانون المالية، مع الاعتماد على السجل الاجتماعي الموحد كمعيار موحد لتحديد المستفيدين، أخذاً بعين الاعتبار عدد الطلبات والميزانية المرصودة.

وبخصوص هذه السنة الجامعية، كشف ميداوي أنه تمت الاستجابة إلى 174 ألف طلب من أصل مجموع الطلبات المودعة داخل الآجال المحددة والبالغ عددها 187 ألف طلب، أي بنسبة استجابة 93% كمعدل وطني، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل، من خلال المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، على صرف منح الطلبة الحاصلين على قرار ممنوح والمسجلين بإحدى مؤسسات التعليم العالي العام.

وشدد المسؤول الحكومي على ضرورة العمل على تنويع مصادر تمويل منح التعليم العالي التي تعتمد حاليًا على الميزانية العامة للوزارة من خلال تعبئة مساهمة مختلف المتدخلين والشركاء من جهات ومجالس منتخبة في إطار الجهوية الموسعة.

وبخصوص وضعية الأحياء الجامعية، فقد تم، حسب ميداوي، إطلاق عدة مشاريع بهدف توسيع الطاقة الاستيعابية للسكن الجامعي وإصلاح وتهيئة الأحياء الجامعية القديمة، مع الوعي التام أن العرض الحالي لا يلبي الحاجيات المعبر عنها، مبرزًا وجود 27 حيًا جامعيًا بطاقة إيوائية تفوق 60 ألف سرير (60,118 سرير)، مقارنة مع الطلب المتزايد على السكن الجامعي حيث نسجل سنويًا ما يزيد على 60 ألف طلب للاستفادة من السكن الجامعي.

ومن أجل تحسين وضعية الأحياء الجامعية، يشدد ميداوي على أن الوزارة تعمل في إطار تنفيذ التوصيات والملاحظات الواردة في تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية للأحياء الجامعية على إعادة تأهيل الأحياء الجامعية القديمة في أكادير ووجدة وفاس، والحرص على استجابة الأحياء الجامعية الجديدة وتلك المبرمجة أو في طور الإنجاز لجميع المعايير الضرورية، مع تعزيز وسائل الوقاية والسلامة من خلال تجهيز الأحياء الجامعية بأنظمة حديثة لمكافحة الحرائق، وتحديث البنى الأساسية.

أكد ميداوي أن وزارة التعليم العالي تولي أهمية كبيرة لتيسير ولوج الطلبة لخدمات السكن بالأحياء الجامعية، نظرًا لدوره الهام في توفير مناخ ملائم للتحصيل وإنجاح المسار الأكاديمي للطلبة، مبرزًا أن عملية انتقاء الطلبة للسكن بالأحياء الجامعية تتم عبر مسطرة موحدة بين جميع الأحياء من خلال برنامج معلوماتي للبث في طلبات الإيواء باعتماد نظام التنقيط.

وتقوم معايير الانتقاء، حسب المسؤول الحكومي، على الدخل السنوي للأبوين، وعدد الأبناء تحت كفالة الأب أو الوصي؛ والتفوق العلمي والمستوى الدراسي؛ مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة كاليتم والإعاقة والطلاق والمتخلى عنهم، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى في ظل محدودية الميزانية، إلى الرفع من الطاقة الاستيعابية لتمكين أكبر عدد ممكن من الطلبة من الاستفادة من خدمات الإيواء والإطعام، وذلك بتعبئة الشراكات مع الفاعلين والمتدخلين المؤسساتيين والخواص، مضيفًا أنه يتم العمل حاليًا على بلورة تصور جديد ومبتكر لتعزيز عرض السكن الجامعي في إطار الشراكة بين العام والخاص.

وبخصوص النقص الكبير للتأطير البيداغوجي في المؤسسات الجامعية ذات الولوج المفتوح، أورد ميداوي أن نسبة التأطير البيداغوجي على المستوى الوطني بلغت 63 طالبًا لكل أستاذ، أي بتحسن قدره 4 نقاط مقارنة مع سنة 2024-2023، بمعدل 23 طالبًا لكل أستاذ بالمؤسسات ذات الولوج المحدود و98 طالبًا لكل أستاذ بالمؤسسات ذات الولوج المفتوح.

كما تم، حسب المسؤول الحكومي، الرفع من المناصب المالية المخصصة للوزارة من 700 إلى 1759 منصبًا ماليًا برسم السنة المالية الحالية، حيث تم تخصيص 75% منها للأساتذة الباحثين، مع الاستعانة بالدكاترة المؤطرين لتعزيز التأطير البيداغوجي ولتكوين الخلف وتوفير ميزانية خاصة لكل جامعة للساعات الإضافية وكذا للاستعانة بالأساتذة العرضيين والزائرين.

كما سيتم، حسب المتحدث ذاته، اعتماد أنماط جديدة في التدريس كالتعليم عن بعد والاعتماد على المنصات والموارد البيداغوجية الرقمية، مع تعزيز البنية التحتية لشبكة الإنترنت بمختلف المؤسسات والأحياء الجامعية وتزويدها بالإنترنت عالي الصبيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *