وجهة نظر

تجديد النخب الحزبية بين اليأس والتيئيس‎

التيئيس والتشكيك في الجدوى من السياسة هو أسلوب قديم يتقنه المتسلقون والمتسلطون والمنتفعون. بالنسبة لهؤلاء عدم انغماس “اﻵخر” في المجال السياسي معناه لا رقابة ولا تنافس. والتمادي في اﻹبتعاد يزيد المتسلق المتسلط انتفاعا و”الآخر” ابتعادا ويئسا.
هي ظاهرة قد تكون مبيت لها (البريكولاج)، وقد تكون غير ذلك لكننا وبالمنطق السياسي نحتكم إلى النتائج الفعلية المرتكزة أساسا في اﻷحزاب الديمقراطية الجادة بتجديد العضوية (بمعنى: هل يجتهد الحزب في استقطاب واستيعاب اﻷعضاء الجدد أم يبقي الحال على ما هو عليه؟ وهل يستفيد فعليا هذا الوافد الحزبي الجديد من التأطير والتكوين المؤهل لتحمل المسؤوليات على المدى القريب أو المتوسط؟).

إن كان اﻷمر يتعلق بحزب يرفع شعار العضوية كأحد الرهانات الداخلية اﻷساسية ولا تفرز جموعه العامة أو توافقاته أو أي شكل من أشكال الترشح للمسؤوليات الداخلية واﻹنتدابية نخبا جديدة فهذا يطرح علامات استفهام. بمعنى ما الجدوى من اﻹستحقاقات الداخلية للأحزاب السياسية إن كانت مخرجاتها هي نفس مخرجات استحقاقات أزيد من 10 أو 20 سنة؟؛ بمعنى آخر أن مثل هذه اﻷحزاب تكون مفتقرة لقيادات فاعلة ولا تتوفر على الخلف واﻷخطر من هذا وذاك هو بروز نخب “أثرية” حركاتهم وخرجاتهم ودماغهم تكلسوا من شدة النضال الروتيني القاتل؛ وتبعا لذلك فالدينامية في هذه اﻷحزاب تكون حاصلة إلا أنها تبقى صورية ومخرجاتها طبعا تكون “عن قصد أو عن غير قصد” راكدة وجامدة.

إن اﻷحزاب الجادة مدعوة إلى توفير مجالات العمل للكل بمختلف تخصصاتهم ولا تمنح فرص المبادرة واﻹحتكاك مع الواقع ﻷعضاء بعينهم دون آخرين وإلا ستضيع الأحزاب في لمسات شبابها وتصورات نساءها وتفوق مبدعيها. آنذاك ستتغير أحوال أحزابنا وستتجدد نخبنا ومسؤولونا وسنرقى بالعمل السياسي من الجمود والركود إلى الدينامية والتخليق.