مركز بحثي يحذر من عبء الملاعب بعد 2030 ويدعو لتحويلها إلى محركات اقتصادية

حذر مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي من تحول بعض ملاعب كرة القدم، التي كلف إنجازها وصيانتها أموالا طائلة، إلى عبء اقتصادي ومرافق مهجورة بعد مونديال 2030، داعيا إلى تحويلها إلى محركات اقتصادية واجتماعية وثقافية.
وأشار المركز ذاته، في ورقة تنفيذية بعنوان “الرهان الأكبر بعد المونديال: مردودية الملاعب”، إلى أن التجارب الدولية تُظهر أن العديد من البلدان التي استضافت تظاهرات كبرى، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا، واجهت تحديات في استدامة الملاعب بعد انتهاء البطولات.
وأضاف أن بعض الملاعب في هذه البلدان تحولت إلى مرافق مهجورة تُكبد الدولة نفقات صيانة سنوية مرتفعة دون تحقيق عوائد مالية ملموسة، مما يستدعي “التفكير المسبق في استراتيجية لما بعد المونديال تضمن الانتقال من منطق الحدث إلى منطق الاستثمار، وتحول الملاعب من عبء إلى مورد”.
ورأى المصدر ذاته أن ما بعد مونديال 2030 يشكل تحديا حقيقيا للمغرب، يرتبط بكيفية تدبير البنيات التحتية الرياضية، وعلى رأسها الملاعب، التي ستشهد استثمارات ضخمة في البناء والتأهيل والتوسعة، داعيا إلى التفكير في مستقبل هذه المنشآت بعد انتهاء البطولة، “ليس فقط كمرافق رياضية بل كمحركات اقتصادية واجتماعية وثقافية”.
ونبّه إلى وجود مجموعة من الرهانات في هذا الصدد، أولها رهان الاستدامة المالية، موضحا أن الملاعب الحديثة تحتاج إلى صيانة دائمة وخدمات تشغيل متطورة، “مما يفرض ضرورة خلق مصادر دخل منتظمة ومتنوعة، سواء عبر تنظيم مباريات محلية ودولية، أو من خلال التأجير للفعاليات الكبرى”، وغيرها.
أما الرهان الثاني، فيتمثل في تحقيق العدالة المجالية، بحيث لا تبقى الملاعب الكبرى حكرا على المدن الكبرى فقط. في حين يرتبط الرهان الثالث بالتوظيف المتنوع للملاعب، “إذ ينبغي أن تتحول إلى فضاءات متعددة الاستخدام، تحتضن الرياضة والثقافة والفن والتجارة، وتُستغل على مدار السنة”.
الرهان الرابع، بحسب المركز، يتمثل في تحقيق الجاذبية الحضرية، “إذ يمكن أن تشكل الملاعب الكبرى عناصر مركزية في إعادة هيكلة الأحياء المجاورة وتحسين جودتها العمرانية”. كما تحدث عن رهان “الإدماج المؤسساتي والحكامة الجيدة”، مؤكدا أنه لكي تحقق الملاعب مردودية فعلية، “يجب أن تخضع لتدبير احترافي وشفاف عبر شركات جهوية للتنمية أو شراكات بين القطاعين العام والخاص”.
واقترح المركز إحداث شركات جهوية لتدبير الملاعب الكبرى، تُحدث بشراكة بين الدولة والجماعات الترابية والقطاع الخاص، كما اقترح اعتماد نموذج “الملعب المتعدد الوظائف” (Stadium as a Service)، بحيث لا يقتصر استعمال الملاعب على استقبال مباريات كرة القدم فقط.
وحث على تأهيل الفرق الوطنية ذات الجاذبية الجماهيرية الكبيرة، خاصة المتواجدة في المدن الكبرى، من خلال دعم بنيتها التسييرية والمالية، وضمان استقرارها في الملاعب المونديالية الجديدة أو المؤهلة. كما دعا إلى تحفيز الاستثمار في الخدمات المرافقة للملاعب، مثل المقاهي، المتاجر، المتاحف الرياضية، والمرافق السياحية.
كما دعا المصدر ذاته إلى اعتماد خطة تسويق رقمية متكاملة تشمل إنشاء منصات إلكترونية خاصة بكل ملعب، تُمكن من الحجز المسبق للتذاكر، وتأجير الفضاءات، وتتبع الفعاليات، إلى جانب الاستثمار في الإعلام الرقمي والترويج الدولي لهذه المنشآت.
اترك تعليقاً