مجتمع

أعراض غامضة تربك صحة المغاربة.. والخراطي يكشف فشل مراقبة السلامة الغذائية

مريض / أعراض صحية

يشكو عدد من المواطنين المغاربة، منذ أيام، من أعراض صحية غامضة تشمل القيء، الإسهال، والعياء الحاد، دون معرفة واضحة للأسباب. وبينما يعزو البعض هذه الأعراض إلى تسمم غذائي، يرجح آخرون فرضية انتشار متحور جديد من فيروس كورونا.

اللافت أن من يرجحون فرضية التسمم، يربطون الأعراض باستهلاك فواكه صيفية كالشمام والدلاح والتين، أو بتناول لحوم الدجاج، خاصة التي تباع في الأسواق الشعبية أو لدى الباعة المتجولين.

وفي ظل صمت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وغياب أي بلاغ رسمي يوضح طبيعة هذه الحالات، تتعالى أصوات مطالبة بالكشف عن حقيقة ما يجري، وتحميل الجهات المختصة مسؤولياتها في المراقبة الصحية للمواد الغذائية المعروضة في الأسواق.

وفي هذا السياق، قال الدكتور بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لجريدة “العمق”، إن “المراقبة الصحية للمنتوجات الغذائية تختلف حسب النوع”، مبرزا أن هناك منتوجات من أصل نباتي، وأخرى من أصل حيواني، ولكل منها إشكالاته الخاصة.

وأوضح الخراطي أن الخضر والفواكه الطازجة والغير المعلبة والتي لا تحمل لاصقة، أي بدون وسائل التتبع، لا تخضع للمراقبة، طبقا للمادة 16 من القانون 13.83 المتعلق بزجر الغش، أما المنتوجات التي تباع على أرصفة الشوارع، مثل الخضر والفواكه، فهي بدورها لا تخضع لأي مراقبة، لأن القانون لا ينص على ذلك”.

وأبرز المتحدث أن جميع المنتجات الحيوانية أو المشتقة منها لا يمكن عرضها للبيع إلا بعد المراقبة الصحية البيطرية، مستطردا: “إلا أنه للأسف 92% من الدواجن المنتجة في المغرب لا تمر عبر المجازر العصرية، وبالتالي لا تخضع لأي مراقبة صحية، فيما 8% فقط تمر عبر وحدات مخصصة للتغذية الجماعية”، وهو ما اعتبره الخراطي حيفا في حق المستهلك، لأن غالبية حالات التسمم يكون سببها الدجاج.

وتابع الخراطي أنه بخصوص اللحوم الحمراء، باستثناء أقل من 10 مجازر معتمدة، الباقي لا يتوفر على المقاييس الصحية، مشددا على أنه أكثر من ذلك جل المجازر القروية لا تخضع للمراقبة الصحية البيطرية.

أما بخصوص الأسماك، فأشار الخراطي إلى أن “المراقبة تنحصر فقط في سوق الجملة، فيما تغيب الرقابة تماما بعد ذلك، سواء أثناء النقل أو العرض أو التوزيع، وهو ما يعني أن سلسلة التسويق خارج أسواق الجملة لا تخضع لأي تتبع صحي حقيقي”.

في الصدد ذاته، أبرز الخراطي أنه نقط البيع والمطاعم لا تخضع للمراقبة من طرف أونسا، موضحا أن ذلك يرجع لانعدام مسؤوليتها في الترخيص.
وشدد الخراطي على أن ONSSA هو المسؤول قانونيا على حماية المستهلك في ميدان التغدية باستثناؤ سلامة المياه والتبغ، مشيرا إلى أنه مسؤول حتى على جودة وسلامة البخور.

واعتبر الخراطي أن “المراقبة الصحية للمواد الغذائية وصلت إلى الحضيض، بسبب تدخل عدة مؤسسات وغياب التنسيق بينها، مما يترك المستهلك عرضة لمخاطر صحية جسيمة”.

وسجل الخراطي أن “المادة 5 من المرسوم التطبيقي للقانون 27.08 المتعلق بسلامة المنتجات الغذائية تخول الصلاحية في الترخيص للمكاتب الصحية، لكنها غير مفعلة عمليا لأنها تابعة للجماعات، ولا وجود لها كمؤسسات مستقلة فاعلة”.

وأضاف الخراطي: “بطبيعة الحال، فإن الأطر التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لا تشارك في عملية المراقبة، لأن المؤسسة نفسها لا تملك صلاحية الترخيص لتلك الوحدات، ولا يمكن لأي جهة أن تراقب ما لم ترخصه، وهنا يتضح أن القانون غير محترم، وأن الضحية في نهاية المطاف هو المستهلك”.

وخلص رئيس جامعة حقوق المستهلك إلى القول: “كما يقال في المثل المغربي: الوجه المشروك ما كيتغسلش”، في إشارة إلى غياب التنسيق بين المتدخلين، قبل أن يجدد دعوته إلى إنشاء مؤسسة مستقلة تعنى بالمستهلك وتتكفل بالمراقبة والتوجيه، بدل ترك صحة المواطنين رهينة لفراغ قانوني وتشريعي وتنظيمي مقلق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *