وجهة نظر

مدينتي ثامن عجائب الدنيا

غالبيتنا تعرف عجائب الدنيا السبع من أهرامات مصر إلى سور الصين العظيم، ولا أحد منا يوما تساءل : أيمكن أن تكون هناك أعجوبة ثامنة ؟!

نعم ، إنها مدينتي !

ففي مدينتي تقطع الأشجار لتثبت مكانها الأكشاك الخاصة بسارقي الأموال وبائعي المواقف…

في مدينتي لا تقتل الكلاب المسعورة مهما عضت المواطنين وأصابتهم بداء الكلب ، بل إن استشراء هذا الداء بين صفوف المواطنين وتحولهم عند اكتمال القمر إلى كلاب ، سيُفيد أعيان وحاكمي المدينة لبناء إمبراطوريتهم المنشودة والمسماة “بني كلبون”…

في مدينتي ، الصغير هو الذي يحكم و يسير و يفتي ،فيحلل و يحرم ،أما الكبير فينصت و يطبق و يلبي دون استفسار…

في مدينتي الكبير يمشي على أربع ، ويحمل الصغير على ظهره ليصعد به جبل 44 ذو المسالك الوعرة ، و الذي يمثل للساكنة المقام العالي والغالي و مرقد الصُّلاّح والعلماء والقادة، وما من أحد يصله إلا وله شأن عظيم…

في مدينتي ، النادل و عامل البناء و بائع السمك المتجول و رجل النظافة و الإسكافي و الرصاص و ماسح الأحذية جلهم حاملو شهادات عليا . أما الأمي عندنا فعمله ينحصر في تسطير سياسة تسيير المدينة و تقسيم ثرواتها وكذا سرقة المواقف من أشباه مثقفيها لصالح بناء إمبراطورية “بني كلبون “…

في مدينتي ، أحسن عمل يمكن أن تمتهنه هو إصلاح عجلات السيارات والدراجات النارية و الهوائية ، فالطرق المحفرة منذ سنوات عدة قد تجعل منظمة اليونسكو تفكر في تسجيلها تراثا عالميا …

في مدينتي فقط ، يوجد شخص إسمه “ميمون “. و ليس غريبا أن ترى هذا الأخير الذي يظنه الكل مجنونا يرفع رأسه للسماء ليشاهد طائرة تحلق فيصيح : “طائرتي..إنها طائرتي ” .

ليس غريبا ، فمن لم يجد بهذه المدينة دارا يمكن أن تقيه الحر و القر ، أو مستشفى يمكن أن يساعده على تضميد جراحه النفسية قبل الجسدية ، متيقن كل اليقين أنه ما عاد يملك أدنى حق بهذه المدينة التي يتسابق ويتصارع الكل لنهب ثروتها. و ميمون كذلك كباقي سكان هذه المدينة لا يريد أن يخرج من معركة الحياة و صراع التملك خاوي الوفاض . لابد له أن يحس بأن له شيئا ما يملكه بهذه المدينة. لذلك هو يصرح دائما بامتلاكه للطائرة المحلقة في السماء و يقول :” طائرتي “. فهو يخشى أن تمتد يد التسلط والنهب إلى السماء فتسرق منه متعة مشاهدة الطائرة و هي تعبر جو المدينة…

في مدينتي ، يوجد لص كبير يتعاقد كل خمس سنوات مع السكان ليسرقهم أحلامهم بينما هم يضحكون ويشاهدون…
في مدينتي ، لا ينحصر العجب فيما سلف بل يتعدى إلى أبعد الحدود ، فأهل المدينة بعضهم ينسف ثرواتها و يسرقها، والبعض الآخر ينفث دخان السجائر المهربة من الجزائر و يلقي باللائمة على الحكومة والسكان الجدد القادمين من الغرب والمدن المجاورة …
في مدينتي ، يتلخص الوجه الأسود للمغرب ، فإذا زُرتَها يوما فلا تستغرب …