بين طموح الأسرة وميول التلميذ.. كيف يتحول التوجيه المدرسي إلى “أزمة” بعد الباكالوريا؟

مع نهاية كل موسم دراسي، يجد آلاف التلاميذ الحاصلين على شهادة الباكالوريا أنفسهم أمام قرارات حاسمة قد تحدد مصيرهم المهني والاجتماعي، وسط ضغوط أسرية ومجتمعية تجعل من حرية الاختيار حلما مؤجلا.
ففي وقت يُفترض أن ينبني التوجيه الدراسي على الكفاءة والميولات الذاتية، تفرض الأسر والمحيط الاجتماعي سلطتهما، غالبًا بدافع الطموحات الرمزية أو الصورة النمطية لبعض التخصصات.
ويؤكد المختصون أن هذا الواقع يسهم في تزايد حالات عدم التوافق الدراسي، ويفتح الباب أمام القلق وفقدان الحافزية، بل وحتى مظاهر التوتر النفسي والهدر الجامعي.
ضغوط أسرية تُقيد الاختيار
يرى سفيان باري، الباحث في قضايا التوجيه التربوي، أن لحظة التوجيه بعد الباكالوريا ليست مجرد محطة تقنية، بل هي “استثمار طويل الأمد في الذات”، موضحًا أن تدخل الأسر واختزال النجاح في مسارات مثل الطب والهندسة والاقتصاد يهمّش باقي التخصصات، ويُفرغ التوجيه من مضمونه التربوي.
وأضاف باري أن التوجيه يجب أن يكون مسارًا ممتدًا منذ السنوات الأولى من التعليم الثانوي، مؤطرًا بمواكبة نفسية وتربوية، تحفز التلميذ على معرفة ذاته وفهم إمكاناته، بعيدًا عن الوصاية والفرض.
كما دعا إلى ضرورة مواءمة التوجيه الدراسي مع واقع سوق الشغل، عبر تطوير آفاق التشغيل في الشعب الأدبية والإنسانية، ورد الاعتبار لتخصصات ظلت مقصية مجتمعيًا.
أزمة ثقة وتوتر داخلي
من جانبه، أكد فؤاد يعقوبي، الباحث في علم النفس الاجتماعي، أن التلميذ يُعامل في كثير من الحالات كأداة لتحقيق تطلعات أسرته، وليس ككائن مستقل له ميولات وتطلعات شخصية.
وأشار إلى أن غياب الاعتراف باستقلالية التلميذ في قراره الدراسي قد يؤدي إلى التوتر النفسي، وتراجع الأداء، وحتى إلى الشعور المبكر بالفشل، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بمجرّد اختيار أكاديمي، بل بتقاطع هوياتي بين الفرد ومحيطه.
وشدد يعقوبي على أن النظام التعليمي يفقد بعده الإنساني عندما يُفرغ التوجيه من قيمته التربوية ويُختزل في إنتاج الشهادات بدل بناء الإنسان، داعيًا إلى إعادة النظر في ثقافة التوجيه السائدة داخل الأسر، وتحويل المؤسسة التعليمية إلى فضاء حواري مفتوح للتأطير والمواكبة.
إصلاحات رسمية وجهود غير كافية
في السياق ذاته، واستحضارًا لمضامين الخطاب الملكي سنة 2018، الذي دعا إلى اعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر، عملت وزارة التربية الوطنية على تعميم فضاءات التوجيه داخل المؤسسات الثانوية، وتوسيع أعداد المستشارين التربويين، وفق ما أكده الوزير شكيب بنموسى سابقًا.
ورغم هذه الخطوات، يظل عدد من التلاميذ، بحسب المتخصصين، ضحايا توجيه غير دقيق أو مفروض، ما يطرح أسئلة جوهرية حول مدى نجاعة المقاربة المتبعة، وضرورة تفعيل مقاربة شمولية تُشرك الأسرة والمدرسة والفاعل السياسي في ترسيخ ثقافة التوجيه المبكر، الحر، والمسؤول.
تعليقات الزوار
الأزمة الحقيقية هي ترك التوجيه إلى ما بعد أخذ الباكالوريا. أغلب المدارس العليا تفتح باب الترشيح في أبريل، وتغلقه قبل الحصول على الباكالوريا. ثم كيف اختار هاد التلميذ أن يكون علميا او ادبيا وهو لم يضع نصب عينيه مهنة المستقبل التي يحلم بها؟
التوجيه هناك فراغ كبير في التأطير وتتبع التلميذ عبر مشواره الدراسي، نعم تزايد عدد الموجهين لكن دون وسائل تمكنهم من تتبع تلاميذ مؤسسة او أكثر بالبحت والتنقيب مع الاسرة وتتبع النقط واراء الأساتذة كل هذا منعدم، ليس للموجه حصة وليست له إدارة ومساعدين وبالتالي فهو يكتفي من إعطاء بعض المعلومات المتناثرة ان تمكن من اللقاء بالتلاميذ ووجد الاذان الصاغية الاسر غائبة ومغيبة عن هذا المشروع الذي لا يقل أهمية عن المشوار الدراسي، فهي لا تهتم بالتوجيه وليس في اجندتها لمناقشته مع المعني على الأقل ولا تحضر لقاءاته ان نظمت حتى تصطدم بمحطته بعد البكالوريا علما انه مشروع كان الاجدى تبنيه ومناقشته من قبل التلميذ مضغوط بالدروس العادية والاضافية وعليه برهنة تفوقه للعادي والبادي ولا مجال للتوجيه ولا من يسال عنه الا نادرا وبالتالي فهو يجهل كل المهن والشعب المؤدية اليها ولا يمكنه الاختيار او معرفة ميولاته في غياب روائز وتتبع من طرف المحيطين به يصعب على الإدارات التربوية وهياة التدريس في المؤسسات تتبع كل التلاميذ للكثرة وضغط المراسلات والدروس بماذا ينفع التوجيه والمؤسسات العليا منقسمة على استقطاب محدود وأخرى مفتوح أي انه لا يمكن التوجيه للجميع ولو اجتمعت الظروف : كل التلاميذ يتسجلون في كل المؤسسات أي ان هناك لعبة حظ يا ترى اين ترمي بصاحبها ، يحتل الأوائل كل اللوائح الأولى لنجد بعض أصحاب ميزة "حسن وحسن جدا" في لوائح الانتظار مما يشكل نكسة لهم ولأسرهم ما بالكم بالمقبول ، مشهد يجعل من البكالوريا :باكالوريات متعددة وسيظل هذا المشكل قائما ما دام الوضع كما هو عليه بدل إيجاد صيغة يتبارى فيها أصحاب الباكالوريا جميعهم ويوجه كل واحد الى مطلبه حسب ترتيبه كمباريات المدارس الكبرى وتقطع الطريق عن تلاعبات محتملة في لوائح الانتظار في غياب كل ما ذكر تتربع اختيارات الاسر حسب المزاج وما يروج في صالونات القيل والقال الدي يرفع منذ امد بعيد أسهم الطب والهندسة اهتمام والدراسة بالخارج دون رغبة المعني، من حقنا التساؤل نحن السابقين واللاحقين: هل نختار المهنة؟ او نصطدم بها.....