مجتمع

أرقام قاتمة تخيم على صيف 2025.. من يوقف نزيف الأرواح على الطرقات؟

كشفت الإحصائيات الأخيرة للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، عن عودة مؤشرات حوادث السير إلى منحاها التصاعدي، حيث سجلت المملكة خلال سنة 2024 أزيد من 143 ألف حادثة سير جسمانية، أسفرت عن 4024 وفاة، بزيادة قدرها 5,37 في المائة مقارنة بسنة 2023، فيما بلغ عدد المصابين بجروح بليغة 10.102 مصابًا، بارتفاع بنسبة 10,8 في المائة.أما خلال الفترة الممتدة من يناير إلى ماي 2025، فقد تم تسجيل 1624 حالة وفاة، بزيادة بلغت 20,9 في المائة، و4095 مصابًا بجروح خطيرة، بارتفاع قدره 21,3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وتعليقًا على هذه الأرقام التي وصفت بـ”المقلقة”، أكد طاهر سعدون، الباحث في الشؤون القضائية المتعلقة بالمركبات والسلامة الطرقية، أن هذا العدد “المأساوي” من ضحايا حوادث السير، يعكس فشل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة حوادث السير، التي وضعتها وزارة النقل واللوجستيك للفترة ما بين 2017 و2026، والتي تهدف إلى تقليص عدد الوفيات على الطرقات إلى أقل من 1900 حالة وفاة في أفق سنة 2026، بنسبة انخفاض تبلغ 50 في المائة.

وعزا هذا الفشل إلى غياب رخصة السياقة من صنف “AM”، الخاصة بالدراجات النارية من نوع “س50″، التي تمت “المناضلة” من أجلها منذ سنة 2016، باعتبار أن هذا النوع من المركبات يُستخدم من طرف الفئة العمرية ما بين 14 و18 سنة، وهي الفئة التي تعرف ارتفاعًا في معدلات الوفيات في صفوفها.

وأضاف المتحدث ذاته،  أن “غياب التواصل من لدن الوكالة، وعدم الإنصات لمقترحات وتوصيات الفاعلين والمختصين في المجال، يساهم كذلك في هذا الارتفاع المهول في عدد القتلى”.

وأشار إلى أن انعدام التكوين لهؤلاء القاصرين في مجال السياقة والسلامة الطرقية من طرف السلطات المعنية، يجعلهم في منأى عن المحاسبة على المخالفات التي قد يرتكبونها أثناء السياقة، نتيجة جهلهم بالقوانين وتهورهم.

وشددالباحث في الشؤون القضائية المتعلقة بالمركبات والسلامة الطرقية، على أن هذه الدراجات (س50) يجب أن تبقى محصورة فقط داخل المدن، نظرًا لكون سرعتها لا تتعدى خمسين كيلومترًا في الساعة، وبالتالي فهي غير مؤهلة للسفر لمسافات طويلة، مؤكدًا أن أي تجاوز لذلك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

ولتجاوز هذه الإشكالية، أبرز سعدون أنه تم اقتراح ضرورة اشتراط رخصة سياقة لركوب هذه الدراجات، تُمنح بعد تكوين قصير يتم عن بُعد، وبثمن رمزي، تيسيرًا لهذه العملية نظرًا لارتفاع عدد مالكي هذا النوع من المركبات. واستدرك قائلاً: “لكن لم يتحقق أي شيء من ذلك بفعل تعنت المسؤولين “، داعيًا إلى مزيد من التواصل مع الشباب والمراهقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوعيتهم وتحسيسهم بمخاطر السياقة.

وأكد المتحدث ذاته،  أن الرقم الذي تم الكشف عنه بخصوص عدد الوفيات لا يعكس العدد الحقيقي، مشددًا على ضرورة تدخل وزارة التجهيز والنقل بشكل مباشر لإزالة “الحيف” الذي يُمارس يومًا بعد يوم، استهتارًا بأرواح المواطنين.

في غضون ذلك، أعلنت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، مشروع البرنامج الاستعجالي للسلامة الطرقية للفترة الصيفية برسم 2025.

وأكد المدير العام للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية،  ناصر بولعجول،خلال لقاء صحفي أن هذا البرنامج يرتكز، أساسا، على تعزيز المراقبة الميدانية باستعمال الرادارات المحمولة والثابتة والمستقلة، وضبط المخالفات، ومراقبة مركبات النقل العمومي على مستوى محطات الانطلاق والوجهات السياحية، والتدخل العاجل بالمقاطع الطرقية الخطيرة والخطيرة جدا.

كما يرتكز هذا البرنامج، بحسب المسؤول، على تنظيم عمليات توعوية وتحسيسية مباشرة، لا سيما على مستوى الموانئ، والمحطات الطرقية، والفضاءات العمومية والأسواق، وإحداث لجنة يقظة صيفية لتتبع تنفيذ البرنامج ميدانيا، وتحيين خريطة النقاط السوداء استنادا إلى بيانات الحوادث.

وأشار بولعجول إلى أن هذا البرنامج الاستعجالي يتضمن أيضا تنظيم قوافل متنقلة تحت شعار “قرى السلامة الطرقية” يرتقب أن تجوب ثماني مدن كبرى خلال شهري يوليوز وغشت 2025، مبرزا أن هذه القوافل تضم فضاءات توعوية موجهة للأطفال والشباب، وعروضا مباشرة، ومحاكاة لحوادث السير، وورشات تفاعلية.

وفي ما يخص الشق التنظيمي، أوضح بولعجول أن البرنامج يتضمن مجموعة من الإجراءات الزجرية والتقنية المصاحبة، بما فيها تعليق نقل ملكية العربات في حالة عدم تسوية الغرامات المرتبطة بالمخالفات الخطيرة، و إطلاق مراقبة تقنية خاصة بالدراجات النارية التي تتجاوز سعة 50cc، ودعم استعمال الكاميرات الذكية في المجال الحضري لضبط المخالفات بشكل آلي، علاوة على تنفيذ مضامين المراسلة الموجهة من رئاسة النيابة العامة بشأن تشديد المتابعة في بعض أنواع المخالفات.

وخلص المدير العام للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية إلى أن هذا البرنامج الصيفي يندرج ضمن رؤية متكاملة تقوم على الوقاية، والرصد، والزجر، والتحسيس، بهدف الحد من عدد القتلى والضحايا خلال الفترة الصيفية، وتكريس سلوك طرقي مسؤول لدى مستعملي الطريق، مع اعتماد آليات لتقييم الأثر الميداني وتغذية منظومة اتخاذ القرار بالمعطيات المحينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Sef
    منذ 3 ساعات

    السلام عليكم ورحمة الله، تظلل لا تضلل. والصورة أصلا قد لا تستقيم لأن الظل عادة ما ينظر إليه بإيجابية، خاصة وقد أُردف بالصيف. بالتوفيق