مسيرة احتجاجية بقلعة مكونة تطالب بكشف حقيقة وفاة الراعي محمد بويسلخن

نظمت ساكنة دوار أيت عبدي التابع للنفوذ الترابي لجماعة قلعة مكونة، إقليم تنغير، اليوم الإثنين، مسيرة احتجاجية حاشدة، وذلك للمطالبة بكشف ملابسات وفاة الطفل الراعي محمد بويسلخن، الذي عُثر عليه مشنوقا بمنطقة أغبالو نتسردان التابعة لإقليم ميدلت، وسط اتهامات من عائلته بوجود شبهة جنائية في القضية.
وشارك في هذه المسيرة أفراد من عائلة الضحية وعدد من المواطنين المتضامنين، إلى جانب أعضاء لجنة الحقيقة والمساءلة المنبثقة عن تشبيك نضالي بين فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهتي بني ملال خنيفرة ودرعة تافيلالت.
وفي هذا السياق، قال كبير قاشا، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعضو لجنة الحقيقة والمساءلة في مقتل الراعي محمد بويسلخن، إن هذه المسيرة تأتي في سياق تنزيل خطوات نضالية وصفها بـ“الجريئة والمتصاعدة”، دفاعا عن مبدأ عدم إفلات المتورطين من العقاب في “الفعل الجرمي المتمثل في افتعال انتحار طفل قاصر كان يعمل راعيا للغنم في ظروف قاسية تستغل هشاشة وضعه الاجتماعي وأسرته”، على حد تعبيره.
وأشار قاشا في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن “ملف الوفاة ظل طي الكتمان لأزيد من 11 يوما، ما يزيد من الشكوك حول ظروف وأسباب الوفاة”، مبرزا أن “هذه الواقعة الأليمة شكّلت صدمة للرأي العام المغربي، وأثارت موجة من الاستنكار الشعبي ضد سرديات استغباء ذكاء المواطنين ومحق كرامتهم وإنسانيتهم”، وفق قوله.
وأشار عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعضو لجنة الحقيقة إلى أن “بعض أفراد عائلة الراعي القاصر يتواجدون حاليا بمقر رئاسة النيابة العامة في الرباط، مؤازرين من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، للاطلاع على مآل شكواهم ومتابعة مستجدات القضية”.
ودعا المتحدث نفسه إلى ضرورة “تدخل عاجل من وزارة الداخلية ورئاسة النيابة العامة، وذلك من أجل تكثيف الجهود وجمع الأدلة الكفيلة بكشف الجناة أو الجاني، ومتابعة كل المتورطين المحتملين، بمن فيهم من ساهم في التستر على الجريمة أو التهاون في معالجتها”، وفق تعبيره.
وكانت فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بكلٍّ من جهتي بني ملال خنيفرة ودرعة تافيلالت قد أعلنت عن تأسيس لجنة خاصة أُطلق عليها اسم “لجنة الحقيقة والمساءلة في مقتل الطفل الراعي محمد بويسلخن”، وذلك عقب ما اعتبرته “جريمة قتل بشعة” راح ضحيتها طفل راعٍ في ظروف وصفت بـ”الملتبسة والمفبركة”، حيث جرى تسويق وفاته على أنها واقعة “انتحار وهمي”، بحسب ما جاء في البلاغ التأسيسي للجنة، الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه.
وأوضح البلاغ أن القضية تم التلاعب بها إعلاميا، عبر قصاصة إخبارية موجهة وُزِّعت على نطاق واسع بوسائل التواصل الاجتماعي في إقليم ميدلت، من طرف جهة يُزعم أنها كانت تدير شبكة غير رسمية لتوجيه الرأي العام المحلي منذ فترة أزمة “كوفيد”، مما يكشف – حسب المصدر ذاته – عن “تشابك معقّد لأطراف متعددة” تقف خلف التغطية على الجريمة.
وفي سياق الرد على هذه الوقائع، قرّرت الجمعية، بتنسيق مع عدد من الفاعلين المدنيين والإعلاميين، تنظيم قافلة حقوقية إلى مسرح الجريمة بمنطقة أغبالو، التابعة ترابيًا لإقليم ميدلت، يوم الثلاثاء 15 يوليوز 2025.وقد تخللت القافلة وقفة احتجاجية رمزية وسط مركز أغبالو، حيث جرى التفاعل مع ساكنة المنطقة، والوقوف على عدد من التفاصيل التي وُصفت بـ”الصادمة” فيما يتعلق بملابسات مقتل الطفل الراعي.
وأكد المشاركون في هذه المبادرة الحقوقية ضرورة “القطع مع سياسة العبث بأرواح الفقراء”، داعين إلى محاسبة كل المتورطين، مهما كانت مواقعهم، في التستر على هذه الجريمة أو الإسهام في طمس معالمها، ومشددين على أن الحق في الحياة خط أحمر لا يقبل التفاوض.
وقد أسفر هذا الحراك عن تأسيس “لجنة الحقيقة والمساءلة” لتأطير العمل الحقوقي المرتبط بالقضية، وتم اختيار الحقوقي عدنان طنطاوي، رئيس فرع الجمعية بدرعة تافيلالت، منسقًا لها، إلى جانب نوابه: إسماعيل بن حساين، مصطفى حمامي وعبد الكريم لمسلم.
كما جرى تعيين كنزة البيار مقررة للجنة، ونيابتها: إلهام بن سمو وسعيد بن عياد. أما المستشارون المكلفون بتنسيق لجان الدعم الاجتماعي، الإعلام والتواصل، والشؤون القانونية، فهم: رزقو إبراهيم، رحال وحيدي، قاشا كبير، ياسين فلات، فاطمة أعفير، عبد الرحيم الياقوتي وميلود الزرهوني.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في ختام بيانها، أن هذا التأسيس ليس سوى خطوة أولى ضمن مسار نضالي من أجل الحقيقة والمحاسبة، معبرة عن استمرارها في الدفاع عن كرامة الأطفال وحماية أرواحهم، وعن التزامها الراسخ ببناء مغرب خالٍ من الانتهاكات والتجاوزات. وللتذكير، فإن قضية الطفل الراعي محمد بويسلخن كانت قد أثارت موجة استنكار واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وسط مطالب متزايدة بالكشف عن حيثيات الجريمة ومحاسبة الجناة، في وقت يلف الغموض العديد من جوانب الملف.
اترك تعليقاً