اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم بزاكورة ودعوات برلمانية لتدخل عاجل

يعاني إقليم زاكورة، كغيره من الأقاليم الهشة، من اختلالات مستمرة في توزيع مادة الدقيق المدعم، ما يفاقم من معاناة الساكنة في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، حيث تثير هذه الوضعية تساؤلات متزايدة ومدى التزام الجهات المسؤولة بضمان العدالة المجالية والاجتماعية في الاستفادة من هذه المادة الأساسية.
وفي هذا السياق، تصاعدت أصوات برلمانية مطالبة بتدخل حكومي عاجل لإصلاح منظومة توزيع الدقيق المدعم، وكشف مظاهر الفساد والريع التي تشوبها، خصوصا في المناطق الأكثر هشاشة كإقليم زاكورة، حيث تؤكد المعطيات أن جزءا كبيرا من هذه المادة لا يصل إلى مستحقيه الحقيقيين.
وفي هذا الإطار، وجّه النائب البرلماني ميمون عميري، سؤالا شفويا لوزيرة الاقتصاد والمالية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، الإثنين الماضي، سلط فيه الضوء على الاختلالات العميقة التي تشوب قطاع الدقيق المدعم، معتبرا إياه “قطاعا يعيش فيه الفساد ويتطلب إصلاحا عاجلا”.
وقال عميري في سؤاله الشفهي، إن “توزيع الدقيق المدعم لا يزال يتم بطرق غير شفافة، ولا يراعي فعليا الفئات الهشة والمعوزة التي يفترض أن تستفيد منه”، مشيرا إلى “وجود مناطق هشة وخاصة بإقليم زاكورة، لا تتوصل بحصصها الكافية من هذه المادة الحيوية، رغم ارتفاع مؤشر الفقر والهشاشة بها”.
وتساءل النائب البرلماني المنتمي للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب عن “المعايير المعتمدة في توزيع الحصص، ومدى ملاءمتها مع الواقع الاجتماعي والديمغرافي، خصوصا أن هناك مراكز توزع فيها الحصص بطرق غير عادلة، فيما تحرم منها مناطق بأمس الحاجة إليها”.
وأشار عميري أن “المعايير الحالية تشمل نسبة الفقر، ونمط عيش السكان، وعدد المراكز المعنية بالتوزيع، غير أنهالا تطبق فعليا على الأرض”، مبرزا أن “عددا كبيرا من الحصص يوزع على المخابز أو المحلات التجارية، بدل أن يذهب مباشرة للمواطنين المعنيين، مما يفرغ العملية من بعدها الاجتماعي، ويحولها إلى مجال يتغذى عليه الفساد”.
وسجل برلماني “الميزان”، أن “70 في المائة من الكمية المخصصة للدقيق المدعم توجه سنويا إلى الأسواق، عوض أن توزع على الفئات الهشة”، معتبرا أن “هذا الوضع يتطلب تدخلا عاجلا من الحكومة من أجل إعادة النظر في آليات ومراحل ووجهات توزيع الدقيق المدعم”.
وختم عميري مداخلته بتوجيه دعوة صريحة للحكومة من أجل مراجعة شاملة لهذا القطاع، بما يحقق العدالة المجالية والاجتماعية، ويقطع مع مظاهر الريع والفساد، داعيا إلى “تحرير القطاع من اللوبيات التي تستفيد منه على حساب المواطن البسيط”.
من جهته، دقّ فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب ناقوس الخطر بشأن استمرار الخصاص الكبير في مادة الدقيق المدعم بمختلف دواوير إقليم زاكورة، وذلك في سؤال كتابي موجه إلى الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.
وأوضح الفريق البرلماني، في السؤال الموقع من النائب البرلماني لحسن أوعلال، أن “ساكنة عدد كبير من الدواوير بمختلف الجماعات الترابية التابعة لإقليم زاكورة تعاني من خصاص حاد ومتكرر في مادة الدقيق المدعم بالشكل الذي لا تستفيد فيه الأسر سوى من كيس واحد من الدقيق لكل أسرة قد يتجاوز عدد أفرادها عشرة أشخاص، وفي فترات متباعدة لا تتعدى مرة واحدة كل أربعة أشهر تقريبا”.
وأشار أوعلال في الوثيقة ذاتها، أن“هذا النقص الحاد في مادة تعتبر أساسية للمعيش اليومي للساكنة يضاعف من معاناة الأسر، ويؤثر بشكل مباشر على قدرتها على ضمان الأمن الغذائي لأبنائها، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها هذه المناطق الهشة، مما يطرح بإلحاح سؤال العدالة المجالية في التوزيع وضمان الحق في الاستفادة المنتظمة من الدقيق المدعم”.
إلى ذلك، ساءل النائب البرلماني المسؤول الحكومي عن التدابير الاستعجالية التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتدارك هذا الخصاص وضمان التوزيع المنتظم لمادة الدقيق المدعم بدواوير المذكورة، وعن وجود استراتيجية واضحة لتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة المجالية في توزيع الدقيق المدعم على مختلف مناطق إقليم زاكورة وباقي الأقاليم التي تعرف الهشاشة نفسها.
اترك تعليقاً