مجتمع

الحكومة: انخفاض زواج القاصرات بـ65%.. والمعدل لا يزال مرتفعا بالمناطق الهشة

كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن انخفاض أعداد زواج القاصرات إلى أقل من 9 آلاف سنة 2024، مسجلا أن النسبة الأكبر من هذه الطلبات تتمركز بالعالم القروي، ومشددا على أن الحكومة تسعى لتطويق الظاهرة من خلال مدونة الأسرة رغم صعوبة ذلك في البوادي، وفق تعبيره.

وأوضح وهبي، في معرض جوابه على سؤال كتابي لرئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، ادريس السنتيسي، أن المجهودات المبذولة سواء من طرف وزارة العدل أو باقي القطاعات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني أسفرت عن نتائج جد إيجابية للحد من ظاهرة زواج القاصر، إذ تشير الإحصائيات المتوفرة أن زيجات القاصرين تتجه نحو الانخفاض سنة بعد أخرى، حيث بلغ مجموعه 8955 سنة 2024 بعدما وصل إلى 26298 سنة 2017، أي ما يعادل 65 بالمائة.

“وعلى الرغم من هذا الانخفاض في عدد رسوم زواج القاصر، يؤكد وهبي، فإن عدد الطلبات المسجلة في هذا الصدد شهدت تفوق عدد الطلبات المقدمة من ساكنة المناطق القروية على عدد الطلبات المقدمة من ساكنة المناطق الحضرية بشكل جلي.

وأبرز المسؤول الحكومي أن هذا المعطى “يؤكد أن الأوساط الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة هي الأكثر رواجا لزواج القاصر، زيادة عن وطأة الأعراف والتقاليد والتأويل الخاطئ للدين، كل هذه الأسباب وراء الزواج المبكر، وفق تعبيرع، هو ما ينعكس سلبيا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفتيات بوصفهن نساء المستقبل، فضلا عن إقصائهن من منظومة التربية والتكوين، كما يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للفتيات وأطفالهن”.

وأشار إلى أنه “إذا كانت التعديلات المقترحة لمراجعة مدونة الأسرة تمثل خطوة مهمة لتطويق ظاهرة تزويج القاصرات من خلال تحديد أهلية زواج الفتى والفتاة في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة يتيح للقاصر الزواج في سن 17 سنة، شريطة تأطيره بشروط صارمة تبقيه، عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”، مخافة أن يتحول إلى قاعدة عامة، فإن سبل مواجهة انتشار هذه الظاهرة في المناطق الفقيرة والقروية ليس رهينا بوجود تشريع يسمح أو يمنع هذا النوع من الزواج بقدر ما هو مرتبط بالواقع الأسري داخل المجتمع المغربي”، وفق تعبيره.

واعتبر وزير العدل أن “الأمر غير مرتبط بالقانون فقط، بل مرتبط أيضا بعقلية ومفاهيم اجتماعية سائدة، لذا فإن نقل المواطنين من سلوكيات وتقاليد غير مرغوب فيها إلى مستوى آخر من التعاطي مع زواج القاصر، على حد قوله، ينبغي أن يتم عبر الرقي بوعي المواطنين من خلال التوعية بتداعيات الزواج دون سن الأهلية والقضاء على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بالمواطنين إلى اللجوء إلى هذا النوع من الزواج”.

وأشار إلى أن هذا الأمر “لن يتأتى إلا من خلال تفاعل جميع القطاعات الحكومية والأحزاب السياسية والجمعيات المهتمة بالموضوع ومنظمات المجتمع المدني كل في مجاله واختصاصه للحد من هذه الظاهرة والاهتمام بحقوق الطفولة، باعتبارها رأسمالا بشريا يتعين النهوض به”.

وشدد المسؤول الحكومي على ضرورة “اتخاذ إجراءات أخرى مصاحبة للقانون، ومنها ضرورة العمل على توفير بنية تعليمية مناسبة من أجل تشجيع الفتيات على استكمال دراستهن أو الانخراط في تكوينات مهنية، بالإضافة إلى تفعيل إلزامية التعليم كحد أدنى لضمان التمدرس، ومنع الهدر المدرسي”.

وذكر المتحدث ذاته أن “المشرع المغربي عمل من خلال مدونة الأسرة على وضع مسطرة قانونية مضبوطة ودقيقة لزواج من لم يبلغ من الفتى أو الفتاة سن الثامنة عشرة سنة حماية لهما من أي استغلال قد يضر بمصالحهما وصونا لحقوقهما، حيث خول لقاضي الأسرة المكلف بالزواج صلاحية الإذن بتزويج من لم يبلغ سن الزواج على سبيل الاستثناء متى كانت هناك مصلحة، وتوفرت الشروط المتطلبة لذلك، على أن يكون الإذن بالزواج الصادر عن قاضي الأسرة المكلف بالزواج معللا”.

ولفت أنه “يجب أن يبين في الطلب المصلحة والأسباب المبررة لمنح الإذن بعد الاستماع لأبوي القاصر، أو نائبه الشرعي، والاستعانة بخبرة طبية، أو إجراء بحث اجتماعي، وهي ضمانات يحرص القضاء على تحقيقها وتفعيلها على أرض الواقع حسب الحالات، وذلك برفض طلبات الإذن بالزواج دون سن الأهلية كلما بدا للقاضي انتفاء المصلحة أو إمكانية حصول ضرر للقاصر من هذا الزواج”، وفق تعبيره.

وأكد وهبي أن “وزارة العدل أولت اهتماما خاصا لهذا النوع من الزواج منذ صدور مدونة الأسرة بحيث تتابعه عن كثب، وفي هذا الصدد عملت على اتخاذ عدد مهم من التدابير والإجراءات من أجل تفعيل المقتضيات المتعلقة بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية وتطبيقها التطبيق الأمثل وتلافي أي التفاف على القانون، وذلك في إطار ما كان مخولا لها من صلاحيات من خلال مجموعة من المبادرات.

ومن بين الإجراءات المتخذة، حسب المسؤول الحكومي، توجيه المنشور عدد 44 س2 بتاريخ 05 ديسمبر 2006 إلى السادة قضاة الأسرة المكلفين بالزواج من أجل الحرص على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة به تطبيقا سليما، والتأكد قبل منح الإذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية من توفر جميع الشروط المتطلبة.

كما جرى تنظيم أيام دراسية وورشات عمل مع السادة القضاة العاملين بأقسام قضاء الأسرة، كان آخرها أربعة لقاءات جهوية سنة 2016 مع السادة قضاة الأسرة المكلفين بالزواج، تم خلالها تدارس الإشكالات التي تطرحها المادة 20 من مدونة الأسرة، وتم التحسيس بأهمية التطبيق السليم لهذه المادة والتعامل معها على أساس أنها استثناء من القاعدة.

وذكر وهبي بتجميع ودراسة الاحصائيات المتعلقة بهذا النوع من الزواج بصفة دورية ومنتظمة ونشرها للعموم، مع تخصيص ورشة حول زواج الفتى والفتاة دون سن الأهليةعلى هامش تنظيم وزارة العدل لندوة وطنية بمناسبة مرور عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة، بتاريخ 28 ماي 2014 تم ، وذلك للوقوف على الصعوبات والإشكالات التي تثار بخصوصه.

كما تم توجيه منشور إلى المسؤولين القضائيين في الرئاسة والنيابة العامة بتاريخ 2 نونبر 2015 تم حثهم من خلاله على التصدي لما يعرف في بعض المناطق بزواج “الكونطرا” ومحاربة هذه الممارسات بجميع الوسائل القانونية المتاحة.

وأشار وهبي إلى توجيه منشور إلى المسؤولين القضائيين بتاريخ 18 مارس 2017 تم من خلاله حتهم على تفعيل دور المساعدات الاجتماعيات في البحث الاجتماعي المتعلق بمسطرة الإذن بزواج القاصر، مع توفير مساعدات اجتماعيات بأقسام قضاء الأسرة حيث تمت تغطية جميع الأقسام بمساعد أو مساعدة اجتماعية واحدة على الأقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *