تقرير يحذر من مخاطر تهدد سوق الشغل بقطاعات الصناعة والخدمات والسياحة بالمغرب

نبه تقرير للمركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمية حول سوق الشغل بالمغرب إلى جملة من المخاطر تهدد فرص التشغيل بقطاعات صناعة السيارات والسياحة والخدمات بالمغرب بسبب هشاشة النموذج الاقتصادي والاعتماد على الخارج.
ودق التقرير ناقوس الخطر بشأن مجموعة من “المخاطر الماثلة أمامنا اليوم والتي تهدد استقرار سوق الشغل في المدى القصر والمتوسط”، منبها إلى أن ما توصف بأنها “قصص نجاح” اليوم تحمل في طياتها بذور أزمتها المستقبلية.
صناعة السيارات
وفي ما يتعلق بقطاع الصناعة، أوضح التقرير أنه يوجد في مهب الريح الأوروبية، مشيرا إلى أن صناعة السيارات تعد قصة النجاح الأبرز في العقد الأخير، حيث أصبح المغرب أكبر ممون للاتحاد الأوروبي بالسيارات.
واستدرك بأن هذا النجاح يعتمد بشكل شبه كلي (أكثر من 80%) على الطلب من فرنسا وإسبانيا، معتبرا أن هذه الاعتمادية الشديدة تجعل القطاع الذي يشغل مئات الآلاف عرضة لثلاثة مخاطر رئيسية.
وتابع أن الخطر الأول يتمثل في سياسات “إعادة التصنيع” الأوروبية، حيث تتجه دول الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد نحو دعم الإنتاج المحلي وحماية أسواقها، خاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل السيارات الكهربائية.
أما الخطر الثاني الذي يهدد صناعة السيارات بالمغرب بحسب التقرير، فيتمثل في التحول نحو السيارات الكهربائية، إذ يتطلب هذا التحول استثمارات ضخمة وسلاسل توريد جديدة، و”إذا لم يتمكن المغرب من التموقع بسرعة في صناعة البطاريات والمكونات الإلكترونية، فقد يفقد ميزته التنافسية”.
وتابع المصدر ذاته أن ضريبة الكربون الأوروبية (CBAM) تشكل الخطر الثالث الذي يهدد قطاع صناعة السيارات، فتطبيقها قد يؤدي إلى تقليص تنافسية الصادرات المغربية إذا لم يتم تسريع وتيرة إزالة الكربون من الصناعة المحلية.
وخلص المصدر ذاته إلى أن نجاح قطاع صناعة السيارات بالمغرب يظل مشروطا، لأن أي تباطؤ اقتصادي في أوروبا أو أي تغير في سياساتها التجارية أو البيئية يمكن أن يؤدي إلى انكماش حاد في الطلب، ما يهدد استقرار آلاف الوظائف الصناعية في المغرب.
الخدمات والسياحة
وأضاف التقرير ذاته أن الخطر يمتد إلى قطاعات رئيسية أخرى في الخدمات، وأشار في هذا الصدد إلى مراكز الاتصال، حيث يعتمد قطاع خدمات التعهيد (Offshoring)، الذي يشغل حوالي 90 ألف شاب، بنسبة 80% على السوق الفرنسي.
وأشار إلى أن القانون الفرنسي الجديد الذي يقيد “الاتصال البارد” (cold calling) والذي سيدخل حيز التنفيذ الكامل في 2026 يهدد بشكل مباشر عشرات الآلاف من هذه الوظائف. “هذا المثال يكشف عن هشاشة نموذج يعتمد على خدمات ذات قيمة مضافة منخفضة وسوق واحدة”.
وفي سياق متصل، لفت إلى أن تنظيم كأس العالم 2030 يعد محفزا اقتصاديا هائلا، بحيث تشير التقديرات إلى خلق حوالي 250 ألف وظيفة مؤقتة في قطاع البناء والأشغال العمومية (BTP)، وحوالي 100 ألف وظيفة شبه دائمة في السياحة والضيافة، واستدرك بأن السؤال الحاسم هو: “ماذا بعد 2030؟”.
ونبه إلى أن هذا الازدهار قد يكون ظرفيا فقط، فبعد انتهاء الأوراش الكبرى سيجد قطاع البناء نفسه أمام فائض في اليد العاملة. وبعد انتهاء الحدث قد يشهد قطاع السياحة تباطؤا إذا لم يتم بناء استراتيجية مستدامة لجذب الزوار.
واسترسل “إن لم يتم التخطيط من الآن لمرحلة ما بعد 2030 عبر برامج لتنويع الاقتصاد وتحويل المهارات، فإن المغرب يخاطر بمواجهة أزمة بطالة حادة في صفوف عمال البناء والسياحة، ما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية”.
وخلص التقرير إلى أن الاعتماد على أوروبا والاعتماد على أحداث ظرفية يشكلان “كعب أخيل” سوق الشغل المغربي، ودعا إلى ضرورة التحرك العاجل لبناء نموذج اقتصادي أكثر استقلالية وتنوعا واستدامة.
اترك تعليقاً