سياسة

اتحاديون لـ”العمق”: تمديد ولاية لشكر خيار سياسي وتنظيمي لتعزيز وحدة الحزب (فيديو)

تتواصل في مدينة بوزنيقة أشغال المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وسط أجواء تنظيمية توصف بالحماسية والتماسك، وفي ظل سياق سياسي خاص يسبق الانتخابات التشريعية المنتظرة سنة 2026. وقد تميز اليوم الثاني من المؤتمر بإعادة انتخاب إدريس لشكر كاتبا أولا للحزب لولاية رابعة لأول مرة في تاريح حزب عبد الرحيم بوعبيد، في خطوة اعتبرها قياديو الحزب تأكيدا على خيار الاستمرارية وترسيخا لمسار الإصلاح والبناء الذي انطلق قبل أربع سنوات.

خيار تنظيمي وسياسي

يؤكد عدد من قيادات الحزب أن إعادة انتخاب إدريس لشكر جاءت كنتيجة طبيعية لمسار عمل ميداني وتنظيمي واسع، جسدته المؤتمرات الإقليمية التي ناهز عددها 72 مؤتمرا، وغطت مختلف جهات المملكة. وهي مؤتمرات لم تقتصر فقط على التقييم، بل شكلت منصة للتعبئة، وإعادة البناء القاعدي، وإشراك المناضلين في صنع القرار.

وبحسب تصريحات عدد من المؤتمرين، لجريدة “العمق المغربي”، فإن دعمهم للكاتب الأول ينبع من قناعتهم بأنه الرجل المناسب للمرحلة المقبلة، التي تتطلب قيادة سياسية بخبرة وتجربة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والجماعية، والتي يعول عليها الحزب لتعزيز موقعه في الخارطة السياسية الوطنية.

ويضيف عدد من أعضاء المكتب السياسي ونوابه بالبرلمان أن الاستمرارية لا تعني الجمود أو رفض التغيير، بل هي مدخل لتعميق الإصلاحات التي باشرها الحزب، وترسيخ منهجية العمل الجماعي، في أفق تحضير مبكر ومخطط له للاستحقاقات القادمة، بما يعزز موقع الاتحاد كقوة اقتراحية فاعلة في المشهد الحزبي المغربي.

رؤية طموحة لمغرب المستقبل

“مغرب صاعد اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا” هو الشعار الذي اختاره الحزب لمؤتمره الثاني عشر، والذي يعكس، بحسب قيادة الحزب، طموحا جماعيا في بناء مغرب أكثر عدالة وإنصافا وتوازنا. وشدد اتحاديون في حديثهم لجريدة “العمق” على أن هذا الشعار لا يستند إلى خطابات تزيينية، بل إلى تشخيص واقعي للمرحلة الراهنة، بما تحمله من فرص وتحديات.

وأبرز الاتحاديون أن المغرب يعيش لحظة سياسية دقيقة، تستوجب وضوحا في الرؤية وشجاعة في المواقف، وتستدعي من الأحزاب الوطنية تقديم تصورات عملية حول النموذج التنموي، وتوزيع الثروة، ومكانة الشباب، والإصلاحات المؤسساتية. وفي هذا السياق، أشار مؤتمرون اتحاديون أن الورقة السياسية التي ستصدر عن المؤتمر ستكون بمثابة وثيقة مرجعية، موجهة لعمل الحزب في السنوات المقبلة، وستؤطر تعاقده مع المواطنات والمواطنين.

القطيعة مع الوسائل التقليدية

من بين القضايا التي طُرحت بقوة خلال اليوم الثاني من المؤتمر، مسألة تجديد النخب، ليس فقط داخل الحزب، وإنما في الحياة السياسية الوطنية عموما. وقد شدد عدد من القيادات الحزبية على أن التجديد ليس شعارا فضفاضا، بل هو جزء من قناعة راسخة بضرورة انتقال سلس للأفكار والأدوار داخل المؤسسات الحزبية، دون التفريط في الخبرة والتجربة.

كما دعوا إلى اعتماد وسائل جديدة للتواصل السياسي، قادرة على استيعاب التحولات الرقمية، والانفتاح على الشباب المغربي الذي بات يعتمد على منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة رئيسية لفهم ما يدور في الحقل العام. وفي هذا الصدد، أكدوا أن الأحزاب الوطنية، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي، مطالبة بمراجعة أساليبها في الاشتغال، وتجديد لغتها، والانفتاح على الفئات الشابة التي تشكل عماد المستقبل.

الاستعداد لمرحلة 2026

من المؤكد أن الاستحقاقات التشريعية المقبلة تشكل أفقا سياسيا أساسيا أمام حزب الاتحاد الاشتراكي، وهو ما جعل من المؤتمر لحظة تقييم واستعداد في الآن ذاته للحزب، وفق لما أكده مؤتمرون في تصريحات متطابقة لجريدة “العمق”، مسجلين أن الحزب يدرك أن موقعه في المشهد السياسي سيتحدد انطلاقا من قدرته على ترجمة رؤيته إلى فعل سياسي ميداني، وعلى خوض غمار المنافسة الانتخابية بكفاءة وتنظيم وانسجام.

وقد أشار عدد من قيادات الحزب إلى أن المؤتمر الثاني عشر ينعقد في سياق وطني وإقليمي ودولي متغير، مما يفرض على الأحزاب الوطنية التسلح بالوضوح، وتقديم بدائل واقعية، وممارسة معارضة مسؤولة ومؤسساتية. وفي هذا السياق، شددوا على أن الحزب يمتلك من الكفاءات والبرامج ما يؤهله للعب أدوار أكبر في المرحلة المقبلة.

ما ميز هذا المؤتمر، بحسب عدد من برلمانيي الاتحاد الاشتراكي، هو غياب التوترات التنظيمية، ووحدة الصف الاتحادي خلف مشروع سياسي واضح المعالم، مشيرين إلى أن ملامح الانسجام، بدت جلية في مختلف لحظات المؤتمر، سواء على مستوى النقاشات أو في مسألة انتخاب الكاتب الأول التي مرت بالإجماع.

وأكد مؤتمرون للجريدة،  أن الاتحاد الاشتراكي تجاوز مرحلة الانقسامات والصراعات، ليعود إلى سكة الفعل السياسي البناء، مستندا إلى تجربة نضالية طويلة، وكفاءات سياسية وفكرية، وشبكة تنظيمية تمتد عبر التراب الوطني.

وشدد الاتحاديون أن المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليس فقط محطة انتخابية داخلية، بل هو لحظة تأمل جماعي في مستقبل الحزب، وتقييم عقلاني لمساره، واستشراف لمرحلة سياسية مفصلية في تاريخ المغرب.

وسجلوا أنه بالنظر إلى ما طبع أشغاله من وضوح في الرؤية، وتماسك تنظيمي، وتعبئة من القواعد، فإن الحزب عازم على خوض المرحلة المقبلة بنفس وحدوي جديد، وبمشروع سياسي يراهن على البناء، والتحديث، والانخراط الفاعل في القضايا الكبرى للوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *