وجهة نظر

الفنان أبو البشر من بلاد الماروكان إلى بلاد الأمريكان

١- الفنان أبوالبشر في سطور:

هو البشير قاسمي ولقبه الفني أبو البشر، من الأصوات الراقية أو من المزامير الذهبية، ولد سنة 1978 بجرادة مدينة وجدة، تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، حصل على دبلوم الدراسات العليا شعبة الدراسات الإسلامية، متزوج وأب لبشر ومنار، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2000، استقر بها، شارك في إحياء عدد كبير من المهرجانات الطلابية بالمغرب وجال في عدد كبير من الجامعات المغربية، وأكمل مشواره الفني بالولايات المتحدة الأمريكية، له إصدارات فنية متميزة، من أهمها:

– أنا مسلم سنة 1997 بمدينة وجدة.

– المقلاع سنة2002 بمشاركة الفنان الفكاهي مسرور.

قلد أبو البشر في صغره كبار الفنانين فأبدع، قلد مرسيل خليفة، وفيروز في أغنيتها الشهيرة (زهرة المدائن)، إنخرط في العمل الجمعوي وهو في مرحلة مبكرة من عمره، وكانت جمعيه (آفاق للثقافة) أول محضن له، ليشق طريقه الفكري والفني، درس الموسيقى بالمركز الثقافي الفرنسي بجرادة، اشتغل مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية بالعديد من المراكز الإسلامية بأمريكا، وأسس مدرسة خاصة بأطفال الجالية المغربية سنة ٢٠٠٩ بولاية نيويورك، كما اشتغل إماماً ومدرسا بأحد المراكز الإسلامية بالولايات المتحدة الأمريكية.

٢- المسيرة الفنية للفنان أبو البشر قبل الهجرة:

كنّا في مرحلة ما قبل الجامعة نسمع عن هذا الفنان المتميز بصوته وأدائه الجيد، ومن الأمور التي يجهلها الكثير أن أبو البشر استطاع أن يفرض نفسه بجدارة في الميدان الفني، حيث يعتبر من الفنانين العصاميين، فقد تحدى كل العراقيل التي تقف أمامه، من أجل تأدية رسالته الفنية، لأنه يؤمن بأن الفن رسالة دعوية سامية، يتحمل بها الفنان الكلمة المسؤولة، وكانت أول مشاركة رسمية للفنان في سن مبكرة فوق خشبة المسرح المدرسي لمدرسة أبو بكر الصديق بمدينة جرادة المغربية، حيث أدى أغنية (فاطمة مقدادي) بعنوان: (دوز من هنا يا ثاني دوز)، وكان لايتجاوز من العمر سبع سنوات، وتعتبر سنة 1994 بمثابة نقطة الانطلاق الفعلية لدخوله غمار عالم الإنشاد، فأسس أول مجموعة وهي (مجموعة أنس)، داع صيتهم الفني في عالم الإنشاد بالمدينة، فجمعوا بين الترفيه الفني والدعوة، فكان أبو البشر كلما مسك الميكرفون إلا وقدّم موعظة لمحبيه وجمهوره العريض، إيمانا منه بأن المؤمن يكون كالنور الذي يشع في كل الأمكنة والأزمنة.

وبعد تجربته مع مجموعة أنس تطور الأمر فنيا وفكريا، ليشرف على مجموعة (الكوثر) وكان رئيساً لهذه المجموعة، لينتقل أبو البشر بعد ذلك إلى الأداء الفردي وكانت بداية ذلك في المرحلة الجامعية، فقد عرف عنه خلال المرحلة الجامعية التضحيات الجسام والصبر والمصابرة، فساهم بأنشطة متميزة داخل الجامعة المغربية، يدخل الفرح والسرور على قلوب الطلبة عشاق الكلمة المسؤولة، ويبكي للحنه وكلماته الجمهور، فمن منّا لا يذكر نشيده: (يا يمّا)… وألبومه (تغاريد)، وما يميز أنشطته الحيوية والدعوية أنه ما إن يصعد المنصة حتى يهتف له الجميع وإن بدأ الإنشاد حرّك الجماهير، فهو بمفرده فوق المنصة كأنه مجموعة بكاملها، فمن يذكر المنتدى الطلابي لفصيل الوحدة والتواصل بمدينة الدارالبيضاء سنة 2001، سيذكر معه أمسيته الرائعة، ومساهمته التي تلامس قضايا الأمة وهموم الطالب المغربي، رغم الإقصاء الذي يتعرض له والتهميش استمر أبو البشر في مسيرته الفنية، فمن بين المشاكل التي واجهته :

١- تحريم ما يقوم به من الأناشيد من بعض التيار المحسوب على الحركة الإسلامية، حيث يدخله البعض منهم في صنف المغنيين، وذلك حسب موقفهم من هذا الفن.
٢- غياب الدعم المادي فكل الأمسيات التي يشارك فيها مجانية، وأحياناً لا يستفيد من تعويضات النقل .
٣- غياب الدعم الإعلامي فلا أحد يكتب عنه وعن رسالته الفنية الهادفة فقد عانى من الحصار والتعتيم الإعلامي.
٢- أبو البشر سفير الأنشودة ببلاد الأمريكان:

منذ أن انتقل الفنان أبو البشر إلى ديار الغربة بدأ تجربة فنية جديدة، فإن كانت مجهوداته متوسطة بالمغرب أصبحت ممتازة ومتميزة بالغرب بحكم البيئة وصقل التجربة بمهارات فنية جديدة، فكانت له الفرصة لكي ينشد مع فنانين مشهورين وعالميين من أمثال: الفنان المعروف أبوراتب، كما كنت له الفرصة أيضا لكي يلتقي بشيخ الأنشودة الإسلامية الترمذي، ولقد كانت له مشاركات عديدة مع الفنان أبوراتب في مناسبات عدة من قبيل:

١- مهرجانات تساند قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطنية.
٢- تأطير أفراح الجالية المسلمة بكل من أمريكا وكندا( أعراس، عقائق…).
٣- تأطير المناسبات الدينية خاصة عيد الفطر وعيد الأضحى ومناسبة المولد النبوي.
٤- بالإضافة إلى أنشطة أخرى تهم الجالية المسلمة في مجال الترفيه الهادف.
وما يميز هذا الفنان أنه لا يحتاج إلى تأسيس فرقة، يكفي أن يصعد إلى المنصة فيح

رك الجماهير بصوته الندي وكلماته الراقية ذات البعد الرسالي، فصوته لا يخضع للمحسّنات، وكلماته لا تقبل التّنميق والتّملّق، وإن أمسك الميكرفون يسمع له الهتاف والتصفيق، أسس الفنان أبو البشر مجموعة فنية بأمريكا.

صدرت له عدة أشرطة فنية أهمها:

١- الشريط الأول بعنوان: تغاريد وهو عبارة عن حفل من إنتاج مؤسسة البشائر الفنية سنة 2005 بولاية بوسطن.

٢- الشريط الثاني: بعنوان نسائم وهو باقة من أناشيد المناجاة ومدح الحبيب صلى الله عليه وسلم.

إلى غير ذلك من الإبداعات الفنية الأخرى، (للإشارة فإني سوف أخصص حوارا شاملا مع الفنان أبو البشر على موقع العمق المغربي، للحديث عن تجربته الفنية قريبا إن شاء الله).

٣- أبو البشر الفنان الرسالي:

لم يقتصر في عمله على الإنشاد فقط فقد اشتغل بتدريس أبناء الجالية المسلمة، فعلّمهم أشرف العلوم عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعَلَّمَه). فدرس في عدد كبير من المراكز الإسلامية، بولاية نيويورك، وولاية تكساس، وولاية نورث كارولينا، فتجربته في هذا المجال وفي الإنشاد غنية، فيكفي أن تكتب في الأنترنيت إسمه فتظهر لك إبداعاته ومساهماته الجيدة.

٤- أبو البشر وأصدقائه بالمغرب قصة مطرب الحي لا يطرب:

فإلى حين أن ذهب أبو البشر إلى أمريكا حاول أن يحرص على مداومة التواصل مع القطاع الطلابي، فقد كان يشارك معهم في أمسياتهم الختامية عبر الهاتف، ونذكر له مساهمته في المنتدى الطلابي بالرباط لفصيل الوحدة والتواصل، حرّك الجماهير الطلابية عبر الهاتف، وأما إذا كانت له زيارة للمغرب فلا يتوانى على أن يزور إخوانه الطلبة، ويشاركهم في همومهم الطلابية، ونذكر له مساهمته الجيدة في الساحة الجامعية بأكادير كلية العلوم سنة 2004، أجاد وأبدع وأمتع الحاضرين بوصلاته الفنية المتميزة، خاصة عندما أنشد (أخويا العربي أخويا المسلم أخويا الأمازيغي)…. فقد نال إعجاب الحاضرين، ومن هنا نلمس الحس الفني والإنساني الرسالي في عمل أبو البشر، وللتذكير مرة أخرى، فهذا الفنان لايحتاج إلى مساعدة فوق المنصة، فأبو البشر مجموعة فنية بمفرده.
ملاحظات مهمة:

الملاحظة الأولى:

فإنك تلاحظ أخي القارئ أختي القارئة أنه مصرّ على أن يتواصل مع أصدقائه ويساندهم في أشغالهم ونضالاتهم، لكن لحد الآن يبقى أبو البشر الفنان الذي لا يطربهم، فقد يتساءل البعض لماذا؟؟ الإجابة بسيطة، كم عدد المهرجانات التي قام بها التيار المحسوب على الحركة الإسلامية؟؟ حيث يستدعون فنانين بالملايين ولا يعيرون له أي اهتمام، سؤال آخر كم من أمسية قدمت منظمة التجديد الطلابي؟؟؟ فهل سألوا عن هذا الفنان الذي كان ذراعهم أيام وجوده بالجامعة؟ أم كانوا يسدون به الفراغات؟؟؟ يستدعون الفنانين من المشرق ويتركون فنانهم من المغرب، إنه مطرب المغرب الذي لا يطرب.

الملاحظة الثانية:

في الوقت الذي ظهر فيه الفنان رشيد غلام ظهر فيه أيضا الفنان أبو البشر، لكن مسيرتهم الفنية فيها اختلاف كبير جدا، فرشيد غلام حضي بالدعم المادي والمعنوي من أعضاء جماعة العدل والإحسان، وقاموا بالتسويق لمنتوجاته الفنية الممتازة، وأما صديقنا المحترم السيد أبو البشر فقد تلقى التهميش والإقصاء.

فإذا لم ندعم الصوت الجميل صاحب الرسالة الدعوية الهادفة فماذا سندعم؟؟
الملاحظة الثالثة:

الفنان ماهر الزين متى ظهر في الساحة الفنية؟؟ ظهر حديثا ومع ذلك انتشر خبره في العالم بسرعة البرق، وأما صاحبنا لا يعرفه إلا من يعشق الصوت الجميل الطبيعي صاحب الرسالة الهادفة.

إن الإشكالية الكبيرة التي يعاني منها المغاربة، لا يعترفون بقيمة منتوجهم في كل الميادين، فَلَو عرضت عليهم منتوجا بعيدا عن المغرب لوجدت الناس يتهافتون عليه وكأنهم وجدوا الذهب، تاركين الألماس والجواهر الوطنية المحلية، ونفس الشيء في الثقافة والفكر وحتى في طلب الفتوى وهذا يؤلم القلب.

فما نحتاجه هو أن نعرّف بالطاقات الوطنية المبدعة من طينة الفنان أبو البشر، ونفسح له ولغيره المجال لكي يستمر ويفيد الأمة في مجاله الفني الرسالي حتى نساعد على تقديم البدائل الجيدة.
الملاحظة الرابعة:

الدعم الذي يتلقاه من بعض الناس غير المغاربة بالمهجر لم يجده عند المحسوبين عليه من بني جلدته.
الملاحظة الخامسة:

ألا يستحق أبو البشر وكل الفنانين الرساليين أن يكونوا هذه السنة ضيوف لمهرجان موازين، والاستغناء عن العفن الفني الذي يقدم الساهرون على هذا المهرجان؟؟

كلمة إلى من يهمهم الأمر:

إن الفنان أبو البشر أمانة لديكم فقد أهملتموه ونسيتموه وَقَد كان مناضلا شريفا عفيفا وفنانا مقتدرا بارعا مبدعا، لا يتوانى في دعم أمسياتكم الفنية، ويحرص على التواصل معكم، ولكنكم لم تعطوه قدره الذي يستحق كباقي الفنانين الرساليين، فإذا لم تهتموا به فمن يا ترى سيهتم به؟؟؟

فإلى أمل أن تكون لنا حوارات شيقة مع هذا الفنان المبدع، نسأل الله تعالى أن يوفقه لخدمة الدين وأن يرفع عنه الحصار ويقود القطار رفقة الأبرار حتى يفوز بجنة الرحمان الغفّار.