وجهة نظر

الانتماء إلى “الپام”.. في الحاجة إلى دراسة نفسية

يجد المتتبع للمشهد الحزبي صعوبة في ايجاد مسوغات ومبررات معقولة ومقبولة تفسر الانتماء الى حزب الأصالة والمعاصرة، و صعوبات أخرى تتعلق بايجاد معطى ناظم يفسر على ماذا يجتمع أعضاء هذا الحزب، معطى مرتبط بطبيعة الحال بمصلحة الوطن والمواطنين.

الذي يدفع إلى المجازفة في هذا الحكم، هو ما تناقلته طيلة الايام الماضية المنابر الصحافية، حول سلوكات غريبة وشاذة لمنتخبين ينتمون لهذا الحزب، قاموا بها في اجتماعات رسمية لمؤسسات دستورية، من المفروض أن تكون فضاء لتجسيد قيم الحوار والاحترام المتبادل، التي يُفترض أن الأحزاب السياسية تشكل فضاء للتربية عليها.

قبل أيام تم تداول مقطع فيديو لمستشارة جماعية من “البام” بمجلس ميدلت، وهي تخرب ميكروفون قاعة تحتضن اجتماعا للمجلس، وتقتحم طاولة الاجتماع بلغة التهديد والوعيد والاتهام، أمام حيرة الحاضرين واستغرابهم لهذا السلوك غير المألوف على يبدو عندهم.

قبل أيام أيضا تداولت مواقع اليكترونية صورة منسوبة لمستشار من الحزب نفسه بجماعة مرس الخير، وهو يعبر بطريقته الخاصة، عن مواقفه وعن اختلافه مه رئيس المجلس المنتمي الى حزب الاصالة والمعاصرة، بعد أن اختار أمام ذهول الجميل الوقوف فوق طاولة الاجتماع موجها قنينة ماء نحو الرئيس.

الشذوذ في السلوك وفي الموقف صفة تكاد تكون لصيقة بحزب الاصالة والمعاصرة، ولعل عودة سريعة وبسيطة الى الأرشيف القريب لهذا الحزب توضح ذلك، وإلا فبماذا يمكن أن نصف ما قام به أعضاء فريقه بمجلس الرباط قبل أسابيع، بعد أن تهجموا على منصة الرئاسة في إحدى دورات مجلس المدينة، واعتدوا جسديا على كاتب المجلس وعاتوا تخريبا وتكسيرا، تحت أعين الجميع بمن فيهم ممثلو السلطة وممثلو وسائل الإعلام، وبماذا يمكن أن نسمي ما قام به برلماني من الحزب في لحظة إحساس بعظمة مزيفة وهو يهدد قاضية ببرشيد، ثم بماذا يمكن أن نصف التأويل الشهير لرئيسة فريق هذا الحزب بمجلس النواب، لعبارة عادية لرئيس الحكومة وردت في سياق محدد، بل الأعمق بماذا يمكن أن نصف حديث زعيم الحزب بانتشاء عن إمامته للمصلين بدون وضوء.

هذه أمثلة فقط على سبيل توضيح أن شيئا غريبا وحده يُمكّن من فهم فيما يشترك فيه أعضاء “البّام”، لأن عديد مشاهد بصم عليها منتمون إلى الأصالة والمعاصرة قيادة وقواعد إذا جاز التعبير، يعجز فعلا منطق الأشياء على استيعابها والقبول بها، بدء بحيثيات تأسيسه، ورضى من وصلوا منه إلى مواقع المسؤولية العمومية بطرق قابلة للتصنيف تحت أي مسمى غير اسم الديمقراطية، وكثير منهم لا يجدون أدنى حرج ولا ذرة خجل وهم يقفون أمام الكاميرات والميكروفوات وفوق المنصات يتحدثون عن “مواجهة الاسلاميين وحماية المسلمين”، وعن الوطن والملكية وعن الديمقراطية بلا حياء.

وحدها نظريات علم النفس ربما، قد تساعد على فهم ظاهرة الانتماء لحزب الأصالة والمعاصرة، والإصرار على الترشح معه والبقاء فيه، بعد ظهور كافة القرائن على أنه مجرد تجميع لقطع غيار غير متجانسة لأداء وظيفة محددة، خاصة أنه لم يُقنع بتوفره على خلفيات فكرية واضحة أو انطلاقه من أطروحة وبدائل حقيقية وواقعية لما هو مطروح في الساحة.

يبدو إذن أننا كمغاربة في حاجة إلى دراسة نفسية تُجرى على عينات من هذا الحزب، تكشف لنا نتائجها عن مسببات الالتحاق به ودواعي التصويت له، ما دام أن من يقفون وراء استمراره بهذه الصورة المشوهة، لم يقنعونا بالسياسة أنه جدير بالبقاء!