وجهة نظر

التحليل الرياضي لمدينة الفوسفاط (اليوسفية)

تعتبر مدينة اليوسفية من المدن الفوسفاطية التي تدرّ على الدولة المغربية، الملايين بل الملايير من الأموال، ومع ذلك يطالها وأهلها سياسة مقصودة من التمهيش الاجتماعي ، والاقتصادي، والسياسي والثقافي، ولقد عرض تقرير تلفزي كارثي، حيث صور حالة المدينة عفواً القرية في أبشع الصور، وفي هذه المساهمة سوف أناقش حالة المدينة من ناحية مادة الرياضيات على نفس التحليل الذي تقدمت به في مساهمتي السابقة تحت عنوان: (اليوسفية تمارين رياضية معقدة)، وذلك بتوظيف مفاتيح أهل هذا الفن، فلكل فرد وسيلته في التعبير عن رفضه لسياسة الإقصاء والتهميش، (والحگرة)، فأغلب المدن المغربية التي تدخل في إطار العمالات والأقاليم تجد فيها بعض التغييرات، سواء الداخلية أو الخارجية، على الأقل يشعر المواطن بنوع من الإطمئنان على مستقبل هذه المدن إلا مدينة اليوسفية، فمع كل سنة إلا ونجد الرجوع للخلف، ما السبب في ذلك؟؟ الله أعلم، فنفس الوجوه السياسية هي التي تسير الشأن العام للمدينة والحالة هيّا هيّا، إذا كما يقول أهل (الماط):

بما أن الفوسفاط ثروة محلية، فإن المعادلة السياسية التي تقول: نحو حكامة جيدة وجهوية موسعة غير منسجمة مع هذه الإشكالية الرياضية:

اليوسفية = الفوسفاط (وهذا يفرض أن تكون اليوسفية جنة في الأرض وليس مدينة الأزبال بإمتياز)

وحسب المبرهنة الانتهازية للمجلس البلْدي التي تقول: (صوّت عليّا وعندك تجي عندي) بعد الإنتخابات الجماعية، فإن نتائج المبرهنة على الشكل التالي:

1- القمامة في المدينة = عدد لا نهاية له
2- الشوارع الرئيسة في المدينة = غير مستوية و لا متوازية
3- الإدارات في المدينة = أعداد من الدرجة الثانية
4- المواطن في المدينة = رقم مجهول
5- المسؤول في المدينة = نظمات متسلسلة
6- الكرويلات + روث البغال = الويلات بالمدينة
إذن المجلس البلدي عفواً المجلس البلْدي = صفر.

فأما المزانيات المخصصة للمدينة فهي متتاليات هندسية أساسها، المشاريع التنموية على الأوراق، وعندما تحضر الجهات الرسمية يكون الخارج هو الزواق والنفاق، وبعد غيابها تكون حالة الجدران كلها عبارة عن شقوق، و(الشوانطي ديال لويس جانطي) كلها ثقوب، والموظف في الإدارة غائب، وللمواطن في قضاء أغراضه يعاتب، والمفتش عنه لا يبالي ولا يراقب، إذن حسب هذه المبرهنة السياسية نستنتج أن:

السياسية المحلية يتحكم فيها الزواق والنفاق.

وَأَمَّا شباب المدينة، فهم متتاليات غير معرفة، هكذا حكمت عليهم الظروف المحلية في المدينة الفوسفاطية، ولتحليل المتتالية نتوصل إلى مايلي:

– فالعدد u1 = شباب مهمش يعيش البطالة

– وأما العدد u2 = شباب غائب ثقافيا، وسياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا.

إذن المتتالية: u1= u2

ويبقى شباب المدنية متتالية غير معرفة، من جميع النواحي، اقتصاديا، اجتماعيا، سياسيا، وثقافيا، شباب المدينة أغلبهم يعيش البطالة (وقِلّة مَيْدّار).

فأما إذا أردنا أن نتحقق من العدد lnx (اللوغاريتم النيبري) فإن الأزبال والغبار في المدينة يستشري، ولا أحد يسمع أنين المواطنين سواء تكلموا بالسرّ أو الجهر، لهذا فعلينا كشف الصفقات، وحساب عدد الطبقات التي يغتني بها أصحاب النّظمات المتسلسلة، مزانيات بالملايير وأحياء اليوسفية كأنها دواوير، منها التي لا تتوفر على الماء الصالح للشرب، ومنها بعض الأحياء يعود تاريخها إلى العصر الحجري، ناهيك عن طرقات المدينة الشوارع الرئيسة تتكلم بلغة البؤس السياسي، والشيخوخة المبكرة، وَأَمَّا عن المبادرات التي قام بها بعض أهل الخير من رسم رسومات تبعث في نفوس المواطنين الرعب، فهي بمثابة المثال القائل: (لعْكر مع الخنونة)، زِد إلى ذلك المهرجانات المتكررة وكأن أهل اليوسفية حققوا نهضة اقتصادية، و ثقافية، واجتماعية، ولا ينقصهم سوى التبوريدة والشطيح على دقات (الطعريجة) ومهرجان الضحك والتكركير، والمشاريع التنموية والجامعات تهرّب لابن جرير، وهنا نستحضر ثراتنا الشعبي عندما يقول: (أش خاصك يالعريان خاتم أمولاي)، أش خاصّك يا عبدة واحمر حولي مشوي فوق الجّمرْ.

وأما المستشفى الإقليمي فإنه من التمارين المعقدة جدا، الداخل مفقود والخارج مولود، والمواطن فيه دائما عدد مجهول، فأول الملاحظات التي يمكن تسجيلها، أن هذا المستشفى يبعد عن المدينة مسافة الأرض والسماء، بمعنى مت أيها المريض حتى يبعث الله تعالى من في القبور، وتتمتع بالحبور، ويكون لك الحضور على مرّ الشهور، هذا وقد تكلما أهل الهندسة وقالوا فيه: شكله(السّبيطار) شبه منحرف عند هطول الأمطار يشهد تيار مائي جارف، المستشفى بدون مبرّد صيفا، ولا مسخن شتاء، فعدد القاعات محدود، وعدد الكراسي معدود، يرتع ويستمتع به الكلاب الضالة والقطط المشردة، هذا باختصار شديد عن المستشفى الإقليمي أعزكم الله، فأما مستوصفات الأحياء، عددين زوجين، الأول بالقرب من العمالة، حالته الصحية والنفسية جد مريضة، الزحام الشديد على الجلْبة، وإن دفعت (الحبّة قضيت لك الجلْبة، لاحد شاف ولاحد من دري)، وأما الثاني يوجد بالقرب من الغابة جهة حي الرمل بدون تعليق.

يحتوي صندوق المدينة على ثلاث مجالس لا يمكن التمييز بينها، وفي كل مجلس مجموعة من (البياديق) تحمل أرقاماً، يصعب أن نحدد الإحتمالات فيها، فتارةً يكون عدد الإمكانيات قصة حجا: علي بابا والأربعون حرامي، ومرة أخرى يكون العدد خمسون، فعدد الإمكانيات غير تابث، وأما عدد الجمعيات والأحزاب فعددهم لا حصر له، والمناسبة بينهما هي أرقام إضافية تزين الأوراق المحلية، بدل كتابة خمسة جمعيات، يكتب عشرة جمعيات ويبقى العدد صفر، ما دامت لا توجد هناك فاعلية في التنمية المحلية بمدينة اليوسفية.
والمتغير الحقيقي لدالة اليوسفية هو الإسم، حيث أضيف إليها إسم عمالة وإقليم، والمواطن لم يرى من فوسفاطها ولو( ملِّيم)، وإشارة الدالة فيها( f (x تعطينا تغيرات مبهمة داخل المدينة على الشكل الآتي:

فحي ديور النصارى ليس هو حي الكريان، حي لغدير ليس هو حي الطاشرون، حي الفتح ليس هو حي الريطب، حي أجنديس ليس هو حي السّويحة، إلى غير ذلك من المعطيات المخيفة التى توصل إليها أهل الرياضيات، فهذه المفارقات العجيبة تعكس لنا الفوارق الاجتماعية المحلية، وفي هذا تزكية للنظرية الإستعمارية التي تقسم المغرب إلى مغربين، المغرب النافع والمغرب الضار، وهذا عار لأن المغاربة كلهم من نفس الدار.

إن مدينة اليوسفية رغم ما تعانيه من سياسة التهميش تبقى صامدة خامدة، لعل رائحة الأزبال تزعج راحة البال لدى سكانها فيتحرك المواطن المسكون بالخمول و الاستسلام من أجل الازدهار والتقدم إلى الأمام.
والله تعالي أسأل التوفيق والسداد.