مجتمع

تقرير: الشذوذ والرشوة والمخدرات من أبرز التحديات التي تواجه التدين بالمغرب

سجل تقرير الحالة الدينية بالمغرب 2013 – 2015 الصادر هذا الأسبوع عن المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، عن تنامي التدين واعتباره مكونا أصيلا بالمغرب، مشددا أنه تواجهه عدد من التحديات القيمية والأخلاقية وغيرها.

ووقف التقرير الذي حصلت “العمق المغربي” على ملخصه التنفيذي، على تنامي الإشهار وإعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما حذر من دور الإعلام العمومي في التأثير السلبي على قضايا القيم، مشيدا في الوقت ذاته بالدور الذي لعبته دفاتر التحملات في التخفيف من وطأة هذا التأثير.

وأشاد بالدور الذي تلعبه الدولة في تأطير الأئمة والمرشدين وما يصاحب ذلك من التصدي لخطاب الغلو والتطرف ومحاصرته، كما أكد التقاءها مع الجمعيات والحركات الدينية المغربية في تعليم الإسلام السني ودعم العمل التربوي عموما وتيسير العمل الخيري، “بغض النظر عن المواقف السياسية من النظام وبغض النظر عن الاختلاف في تفسير بعض القضايا الخلافية سياسيا”.

وسجل تقرير الحالة الدينية بالمغرب 2013 –2015 عدة تحديات تواجه التدين بالمغرب، مبرزا أن منها ما يخص قضايا القيم والأخلاق من قبيل الرشوة والشذوذ والمخدرات، وأخرى تخص قضايا الأسرة والتربية والتعليم، ناهيك عن تحديات تدخل ضمن القضايا العقدية والطائفية وكذا انتشار التطرف والغلو وارتفاع الدعاوى التطبيعية مع الكيان الصهيوني.

كما وقف على عدد من التحديات القيمية والأخلاقية، تعد من أبرزها تحديات الرشوة والسيدا والشذوذ الجنسي والاعتداء الجنسي على الأطفال والاتجار في البشر والجريمة بمختلف أصنافها، بما في ذلك التي تستهدف نظام الأسرة أو نظام الأخلاق العامة أو التي تمس بمنظومة التعليم ثم تحدي الدعارة والخيانة الزوجية والقمار وتعاطي المخدرات والاتجار فيها.

التدين مكون أصيل بالمغرب

خلص التقرير إلى أن الدراسات الرصدية التي همت الحالة الدينية بالمغرب في الفترة موضوع البحث، أكدت أن التدين مكون أصيل في المغرب، غير أنه تعترضه بعض التحديات.

وتابع التقرير أن الشباب المغربي يعبر عن تعاطيه الإيجابي مع الدين ومع حضور الدين في الفضاء العمومي من خلال الدستور أو القوانين الأخرى ومن خلال العمل الحكومي والتشريعي وفي تأطير الحياة الأسرية، وفي ظل الاستقرار السياسي.

وأوضح، أن الشباب الذين استهدفهم البحث عبروا عن أهمية محاربة الفساد وتحقيق توازن اقتصادي، خصوصا وأن الضغط الديموغرافي وتوجه المجتمع نحو المدينة يدفعان باتجاه ملحاحية أكبر للبحث عن شغل وعن تأسيس أسرة، وهو ما قد يخلق إشكالات اجتماعية في حالة تعذر تحقيقه، كما أن تعاطي بعض المظاهر المخالفة للدين لا يعني الدفاع عنها.

ووقف التقرير المذكور على نتائج البارومتر العربي في تقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية بالعالم، والذي سجل أن 36.1% من الشباب المغاربة يصفون أنفسهم بأنهم “متدينون”.

وترتفع الميولات الدينية لدى المغاربة في القضايا الشخصية كالأسرة، في وقت “تنخفض قليلا” في القضايا السياسية، وفق ما نقله المصدر عن تقرير الخارجية الأمريكية، حيث أن نسبا مقدرة لا ترى ضرورة أن يتولى المتدينون مناصب عليا لقيادة الدولة رغم الإقرار بالحاجة لقيم مثل الشفافية والنزاهة.

التقاء الدولة بالحركات الإسلامية

أشار التقرير إلى التقاء الدولة مع الجمعيات والحركات الدينية المغربية في تعليم الإسلام السني ودعم العمل التربوي عموما وتيسير العمل الخيري، “بغض النظر عن المواقف السياسية من النظام وبغض النظر عن الاختلاف في تفسير بعض القضايا الخلافية سياسيا”، حسب تعبير التقرير.

إلى ذلك، سجل تقرير الحالة الدينية بالمغرب 2013 – 2015، استعادة النقاش حول عدد من القضايا في هذه الفترة، بفضل عودة الدين إلى النقاش العمومي، من قبيل “تمثلات الشريعة لدى شعوب المنطقة”، و”الدين والسياسة”، و”علاقة الإسلام بالديمقراطية”، وكذا “موقع المرأة في المجتمعات الإسلامية”، و”الفروق بين الدولة الدينية والدولة المدنية”، و”سؤال الوحدة والتنوع في البلدان العربية والإسلامية”، إضافة إلى “استعداد الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية للإسهام في قيادة دولها”.

وأشاد التقرير بتعزيز حرية الرأي وحرية التدين في الإطار القانوني المغربي، خاصة في الدستور، وكذا بالدور الذي تقوم به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تأطير الأئمة والخطباء والمرشدات، “بما يجعلهم لا ينتجون خطابات تحريضية أو خطاب الكراهية”.

الإعلام يلعب دورا سلبيا في مجال القيم

التقرير المهتم بالحالة الدينية ذاته، أكد أن الإعلام يلعب دورا “سلبيا” في مختلف التحديات في مجال القيم، مشددا على استمرار الإعلام التقليدي في لعب دور في مواكبة التأثير القيمي والثقافي رغم تزايد حضور الإعلام الإلكتروني، خاصة في القضايا السياسية والقيمية، وسجل “بروز مؤشرات تحوله إلى آلية مفصلية في الاستقطاب نحو التطرف والطائفية”.

من جهة أخرى، سجل استمرار تصدر إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم للمشهد السمعي بالمغرب متبوعة بإذاعات تمزج بين برامج موجهة لربات البيوت والأخبار وبرامج دينية وهيمنة الترفيه، كما سجل تنامي عدد البرامج الدينية على مختلف الإذاعات في إطار المنافسة.

وأكد أن التنصيص على دفاتر تحملات القطب الإعلامي العمومي، ساهم في تخفيف “وطأة الإعلام العمومي، خصوصا التلفزيون، على الساحتين الدينية- القيمية والديمقراطية – التعددية”.

تنامي الإشهار للتطبيع مع الكيان الصهيوني

وبخصوص التطبيع مع الكيان الصهيوني، سجل المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة في تقريره، تنامي الإعلان والإشهار للتطبيع، ارتباطا بحساسية اللحظة السياسية التي يدبر فيها الإسلاميون الشأن العام.

وأورد “حيث يتم إظهار المغرب وكأنه أكثر تطبيعا مع الكيان الصهيوني، بغرض الإحراج السياسي للحزب الذي يقود الحكومة باعتباره الحزب الذي عرف دوما بمقاومته لكل مظاهر التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، إذ تشير آخر إحصاءات المكتب المركزي للكيان الصهيوني للإحصاء أن قيمة المبادلات التجارية بين الكيان الصهيوني والمغرب بلغت سنة 2015 ما يناهز 31.7 مليون دولار، مقابل 13.2 مليون دولار سنة 2014”.

وأوضح المصدر نفسه، أن كميات كبيرة من صادرات الكيان الصهيوني تكون غير مباشرة، وتتم عبر شركات وسيطة ببلدان أوروبية، وبشكل خاص عن طريق فرنسا.

4000 مغربي يعتنق المسيحية وأغلب الشيعة أجانب

رصد تقرير الحالة الدينية بالمغربية الصادر عن المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، اعتناق حوالي 4000 مغربي للديانة المسيحية، يمارسون شعائرهم في “الكنائس المنزلية”.

كما قدر التقرير الذي يهم سنتي المرحلة بين 2013 و2015، عدد الشيعة المتواجدين بالمغرب بين 3000 و8000، مسجلا أن أغلبهم وافدون من الخارج، خاصة من العراق ولبنان، وأكد أنهم لم يحسم ما إذا كانوا سيستقرون بصفة نهائية بالمغرب، أم ينتظرون تحسن الأوضاع في بلدانهم أو يعبرون نحو دول أخرى كالدول الأوروبية.

أما بخصوص المغاربة المتشيعين، فقد أكد الملخص التنفيذي للتقرير الذي حصلت جريدة “العمق المغربي” على نسخة منه، أن عددهم “ضئيل” ولا يصل إلى “مستوى المطالبة بتأسيس حسينيات”.

أكثر من ربع الشباب يتعاطون المخدرات

أكد التقرير المذكور، تعاطي ما يزيد عن 26% من الشباب المغاربة للمخدرات بشكل منتظم، مشددا أن 90% منهم تقل أعمارهم عن 25 سنة، كما أفاد أن منسوب التعاطي يرتفع أكثر في المرحلة الجامعية.

وبخصوص علاقة المخدرات بانتشار الجريمة، وقف المصدر على تسجيل 200 حالة قتل من طرف مدمني المخدرات في الأشهر الستة الأولى من سنة 2014، كما أكد أن تعاطيها كان وراء 30% من حوادث السير، وأورد أن ما يقارب 80% من الشباب المعتقلين بسجون المملكة ارتكبوا جرائمهم تحت تأثير مخدر القرقوبي.

من جهة أخرى، حافظ المغرب على المرتبة الأولى خلال سنتي 2013 و2014 في تصدير القنب الهندي (ما يعرف في الأوساط الشعبية بـ “الحشيش”) إلى أوروبا، مشددا أن النسبة المصدرة بلغت 483 طن سنة 2013، في مقابل 92 طن سنة 2011.

وفي الوقت الذي تجاوز معدل الجريمة في المغرب 900 ألف قضية، وقف التقرير على أن أكثر من نصفها يعود لجرائم المخدرات بمعدل 470 ألف قضية، كما سجلت الجرائم ضد المؤسسات التعليمية، أكثر من 2200 تدخل أمني في مدينة الدار البيضاء لوحدها، برسم سنة 2013، وذلك من أجل السرقة، وبيع واستهلاك المخدرات، والسكر العلني والتحرش الجنسي والعنف ضد الطاقم التربوي للمؤسسة، والعنف بين التلاميذ.

تزايد الإصابات بـ “السيدا” وارتفاع نسبة الشذوذ

كشفت الإحصائيات التي اعتمدها المركز المغربي للأبحاث والدراسات المعاصرة في تقريره للحالة الدينية، عن ارتفاع وصفه بـ “الطفيف” في عدد حاملي فيروس فقدان المناعة المكتسبة “سيدا”، حيث انتقل سنة 2014 إلى 32 ألف حامل مفترض للفيروس، مقابل 31 ألفا في السنة التي سبقتها.

كما سجل التقرير تنامي ظواهر الشذوذ الجنسي بنسبة قدرت بـ 0,4 في المائة بين سنتي 2013 و2014، موضحا أن الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية رصد 935 حالة اعتداء جنسي على الأطفال سنة 2015، وأن أكثر من ثلثي الحالات همت الأطفال الذكور، كما تزايدت حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال من قبل السياح الأجانب.

هذا، ووقف المركز في تقريره، على تسجيل 302 حالة متابعة في قضايا الشذوذ والاعتداءات الجنسية سنة 2013، و328 حالة سنة 2014، حسب ما أعلنته التقارير الرسمية لوزارة العدل والحريات.

بدورها، عرفت ظاهرة الدعارة ارتفاعا وصفه  التقرير بـ “الكبير”، حيث وصل 17,73%، من حيث القضايا المعروضة على المحاكم المغربية ما بين 2013 و2014، بما مجموعه 7404 قضية، سنة 2013 و8717 قضية سنة 2014، بينما ارتفع عدد المتابعين في قضايا البغاء والدعارة ما بين سنتي 2013 و2014 ما نسبته 19,65%.

وحسب المصدر نفسه، يبلغ ممتهنات الدعارة حوالي 19 ألف سيدة، غالبيتهن مطلقات وأرامل، في وقت تعرف قضايا الخيانة الزوجية ارتفاعا وصف بـ “الطفيف”، بلغت نسبته 8,34%، أي ما مجموعه 2612 سنة 2014.

أما بخصوص “الزبناء”، فيتوزعون بين مغاربة، ومقيمين بالخارج، إضافة إلى السياح، خاصة دول الخليج العربي.

3,6 مليون مغربي يمارس القمار

التقرير نفسه، سجل تعاطي ما يقارب 3,6 مليون مغربي ألعاب القمار والحظ، مؤكدا أن غالبيتهم من فئة أصحاب الدخل المحدود.

ورصد المركز المهتم بالدراسات والأبحاث، ثمانية كازينوهات كبرى للقمار، وأربع حلبات كبرى لسباق الخيول، إلى جانب الرهان على الكلاب الذي بدأ ينتشر، كما ظهر في الآونة الأخيرة نوع جديد يعرف بالقمار الإلكتروني، الذي يستهوي النساء أساسا، حيث استطاع أن يصل إلى البيوت عبر شاشات التلفاز، والهواتف النقالة.

المتعاطون للقمار بالمغرب، يعيش 82% منهم في المجال الحضري، وحوالي 64% منهم متزوجون، حسب ما أورده المصدر نفسه.

في ظل هذا التطور، سجلت شركات القمار تطورا ملحوظا خلال سنتي 2013 و2014، حيث ازداد رقم معاملات السوق بنسبة 6,5% ليستقر عند 8.14 مليار درهم خلال سنة 2014 بعد أن كان 561 مليون درهم خلال سنة 2011، أي بزيادة 24% خلال السنوات الثلاث الماضية.