منوعات

تعدد الزوجات الإلزامي: إشاعة تحولت إلى خبر “حقيقي”

لاقت إشاعة، تمكنت من اختراق وسائل إعلام كبرى، انتشارا واسعا عبر العالم خلال الأسبوع الماضي، بأن الرجال في إريتريا سيتم إلزامهم قانونا بالزواج من امرأتين على الأقل.

وظهرت وثيقة مزورة في إريتريا، خلال الأسبوع الماضي، منسوبة لوزارة الأوقاف الإريترية، ورد فيها: “نظرا للاضطرابات الأخيرة التي تمر بها البلاد، نشهد نقصا في أعداد الرجال ووفرة في أعداد النساء. ومن ثم، فإن الرجال الآن مطالبون قانونا بالزواج من امرأتين على الأقل، وفي حالة من لم يلتزم بذلك، سيواجه عقوبة قاسية”.

وتلقفت قناة الــ “بي بي سي” هذه الإشاعة كمادة خبرية، بدأت بعد ذلك في الانتشار، وكانت مادة خبرية تداولتها بعض الوسائل الإخبارية باعتبارها حقيقة. وهو ما اضطر تدخل الحكومة الإرتيرية لنفي الخبر. وأوضحت بأن الوثيقة التي تم الاستناد عليها في الخبر المزعزم، مزورة، كما أشارت في نفس الآن، بأن التعدد في الزواج، ممنوع قانونا في إرتيريا، الذي يقع في شرقي أفريقيا. وكتب وزير الإعلام الإريتري “يمان غبرميسكل” على تويتر”: “السعار الإعلامي على ترديد هذا الخبر السخيف والمفبرك حول تعدد الزوجات الإلزامي أمر مروع”.

ومع ذلك، لم تستطع وقف زحف الإشاعة التي انفلتت وصارت مادة للجدل على مواقع التواصل، التي أغرقت ب”طوفان” من التعليقات الطريفة.

في الوقت الذي يعتبر فيه تعدد الزوجات أمرا طبيعيا في بعض الدول العربية، بل إنه هناك من يشجع عليه حتى من بين النساء أنفسهن داخل هذه المجتمعات، فإنه، حين بدأت هذه الإشاعة تأخذ طريقها نحو الانتشار، عن التعدد الإلزامي للزوجات في إريتريا، شرعت أيضا تجذب الانتباه على مستوى القارة السمراء.

وكان الخبر / الإشاعة قد أشار إلى أن عقوبة رافضي القرار الحكومي تتراوح ما بين السجن مدى الحياة والإعدام. وهو ما اضطر الحكومة الإريترية على التدخل وتوضيح الموقف، كون تلك الوثيقة، التي تم الاستناد عليها في ترويج الخبر، مزورة، وإن التعدد ممنوع قانونا في إرتيريا، البلد الإفريقي الذي يقع شرق إفريقيا.

من هنا تبدأ الإشاعة

ما بات يعرف ب”إشاعة إريتريا”، قصتها بدأت في واقع الأمر، في كينيا ونيجيريا، وكان مصدرها الأول موقع (Crazy Monday ) الإخباري الكيني، والذي يعرف بتركيزه على الأخبار المثيرة للجدل، وفقا لـ”ماثياس موندي” من خدمة الــ “بي بي سي” للمتابعة الإعلامية.

وسواء في نيجيريا أو في جنوب إفريقيا، فإنه تم تداول الخبر باعتباره حقيقيا، قبل ان ينتشر سريعا، بل لم يستغرق الأمر وقتا طويلا، كي تنتشر الطرائف على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل “واتساب” و”تويتر” وغيرهما، وتضمنت في الغالب صورا لرجال من خارج إريتريا يتدفقون إليها، على أمل الزواج من أكثر من امرأة.

كما نشر المدون الإريتري “فيلمون زيراي”، صورا للقانون الذي يحظر تعدد الزوجات. وقال زيراي ل”بي بي سي”، إنه رغب في أن يرسل رسالة مختلفة عن بلاده، وأضاف: “أقول للأشخاص، الذين أخذوا انطباعا خاطئا عن إريتريا بأنها دولة بلا قانون، إن هذا غير صحيح، فهناك قوانين ولدينا مجتمع مدني”.

بداية الخدعة من العراق

لكن هذه الخدعة كانت قد بدأت في العراق، حيث بدت قابلة للتصديق بالنسبة لكثيرين.

وفي كل مرة، كانت الطريقة التي استخدمها مروجو الإشاعة، على مواقع التواصل الاجتماعي متشابهة، وهنا عرض للكيفية التي تنتشر بها مثل هذه الشائعات.

تُسرب وثيقة حكومية “رسمية” على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن أعلى الصفحة “ترويسة” وثيقة أو توقيع شخص يفترض أنه مسؤول رسمي رفيع المستوى.

في حالة العراق، تسرب منشور بالحجم الطبيعي، يستخدم “ترويسة” وثيقة رسمية بدأ في الانتشار هناك، مطلع يناير، وكان يحمل نفس الإعلان.

وتضمنت الوثيقة المزوة، إنه بسبب المشكلات التي تواجهها البلاد مؤخرا، فإن أي رجل لا يتزوج امرأتين على الأقل سيواجه عقوبة الإعدام.. كان الأمر يتعلق بخدعة، لكنها انتشرت انتشارا واسعا.

بالعودة إلى عام 2011، كانت قناة الــ “بي بي سي”، قد نقلت أن سياسيين عراقيين يدرسون تقديم حوافز مالية للرجال، بهدف التزوج من امرأة ثانية.

وخلفت سنوات من الحرب في العراق أكثر من مليون أرملة، ونقصا في عدد الرجال غير المتزوجين، لكن اقتراح الحوافز لم يتم تفعيله كقانون.

وبعد العراق، ظهرت وثيقة مشابهة تماما نسبت إلى الحكومة السودانية، كما تداولت مواقع إخبارية عربية خطابا مشابها، يفترض أنه من مسؤولين رسميين بالمملكة العربية السعودية.