مجتمع

تونس الخضراء تتشح بلون الدم ..والإرهاب يجهز على السياحة

العمق المغربي من تونس

بعضهم يتذكر أيام ما قبل الثورة بحنين واضح، وبعضهم الآخر يستشرف المستقبل بكثير من التفاؤل. وإن كان أغلبهم يعيش حالة بين التفاؤل والتشاؤم، حنين إلى استقرار الماضي وتشبث بمكتسبات الحاضر على تواضعها.

حنين لأيام بنعلي

مما لا شك فيه أن تونس ما بعد الثورة، ليست ما كانت عليه قبلها، حيث أثرت الأحداث الإرهابية على الشوارع والأجواء العامة للتونسيين وانعكست على أحاسيسهم ما بين توجس من الحاضر وتخوف من المستقبل، خاصة وتونس تعيش على وقع صدمة جديدة بعد التفجير الذي ذهب ضحيته 13 من الحرس الخاص لرئيس الجمهورية فضلا عن جرحى من المدنيين.

هي حالة عامة من الكآبة والحزن، تستشف في طريقة كلام ” التوانسة” وتعبيرهم عن مخاوفهم، “يا ليت أيام زين العابدين تعود، فبالرغم من الديكتاتورية، كنا نعيش في استقرار على الأقل” يقول أحد سائقي سيارات الأجرة ل”العمق المغربي” متابعا “صحيح أن الفساد وسرقة المال العام والتملك كانت أمورا طاغية على عهد بنعلي ولكن الشعب كذلك كان له نصيب من الفتات، وكان التونسيون يعيشون أفضل حالا، فحتى إرهاب “داعش” زاد من معاناتنا وتركنا دون عمل”.

الثورة ستحقق أهدافها

بالمقابل يرى نادل بإحدى المطاعم الكبرى وسط تونس العاصمة، أن التونسيين كانت لهم الأسبقية في المطالبة برحيل رئيسهم، وأن ثورة الياسمين الأكثر نجاحا في المنطقة واستطاعت تحقيق بعض مما سعى له المواطنون، منبها إلى أنه ” من الضروري أن تمر أي مرحلة انتقالية بصعوبات وعوائق، فالتونسيون الذين استطاعوا إزالة “الزين” من على عرشه، سيتمكنون من تغيير هذا الواقع إلى الأفضل وستتمكن الثورة من تحقيق أهدافها كاملة عاجلا أم آجلا”.

بالمقابل يؤكد آخرون أن ولاية منصف المرزوقي كانت فترة مهمة في تاريخ تونس ما بعد الثورة، “استطاع المرزوقي بطريقته وكاريزميته أن يترك في نفوس دول العالم والعرب انطباعا أن تونس تتقدم خطوات نحو الأمام”، موضحين أن الفرق لم يكن شاسعا بينه وبين الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي، “السبسي يحاول قدر استطاعته تقديم خدمات لتونس لكن سنه لا يسعفه بما يكفي، حتى أنه يكتفي بخمس ساعات عمل في اليوم ليغادر في اتجاه بيته” يقول أحد الشباب.

الإرهاب يجهز على السياحة

ولعل أبرز ما يتحدث عنه التونسيون في جلساتهم، هي الهجمات الإرهابية التي آذت السياحة في بلد يعتمد في اقتصاده قبل أي شيء آخر على السياح الأجانب، ويؤكد عدد منهم أن الهجمات الإرهابية في متحف باردو وسوسة، زيادة على قطع رأس الصبي التونسي في جبل مغيلة في إقليم سيدي بوزيد، وأخيرا التفجير الذي استهدف حراس الرئيس السبسي، قضت على كل أمل في انتعاش السياحة في تونس وعودتها لسابق عهدها.

“الإرهاب قضى على السياحة، ووجه لها الضربة القاضية، أقفلت الفنادق أبوابها وسرح عشرات العاملين في مجال الفندقة والضيافة، وبات سائقوا السيارات السياحية يتجولون في الشوارع دون أن يجدوا من يقلونه إلى وجهته” يقول صاحب محل للأكلات السريعة لـ”العمق المغربي”.

قلة أعداد السياح الوافدين على تونس والراغبين في زيارة سوسة والحمامات وسيدي بوسعيد وطبرقة ومآثر قرطاج وغيرها، أصاب قطاع التجارة كذلك بالركود، حتى تكاد المحلات التجارية المرصوصة في أزقة المدينة العتيقة بتونس والمفضية لجامع الزيتونة، لا تضم سوى أصحابها الذين يصرون على كل غريب في الدخول واقتناء تذكارات ومصوغات بأثمان عالية ما ينفكون يخفضونها إلى أقل من الثلثين.

السياحة التونسية صارت تحتضر على يد الإرهاب، حيث تسببت الهجمات الإرهابية المتتابعة والمتتالية والتي استهدفت مدنا مختلفة من هذه الدولة التي تضم 11 مليون نسمة، في الحد من عدد السياح الذين كانوا غالبا ما يقصدون “تونس الخضراء” من أجل السياحة العلاجية والتجميلية، فيما اختفوا اليوم خوفا من أن يصابوا بالأذى، فهم في جميع الأحوال لا يستطيعون تحمل هجمات على التونسيين مقاومتها والعمل على التغلب عليها.