مجتمع

الخدمة الإجبارية.. قصة صمود أربك الحكومة

العمق المغربي – مروة الحميدي

شهور مرت على إعلان الطلبة الأطباء إلى جانب الأطباء المقيمين والداخليين، رفضهم لمسودة الخدمة الوطنية الصحية التي باتت تعرف إعلاميا بـ “الخدمة الإجبارية” المثيرة للجدل، وللخلاف بين المعنيين بها وبين الوزير الوصي على القطاع الحسين الوردي. قبل ظهور بوادر لحلحلة القضية في الآونة الأخيرة، ومهما يكن المسار الذي ستؤول إليه الخدمة الإجبارية فإنها نسجت قصة صمود أربك حكومة عبد الإله ابن كيران.

فما أن أفرجت وزارة الصحة عن مسودة أولية لمشروع قانون الخدمة الوطنية الصحية التي تهدف من خلالها الوزارة إلى الرقي بالمستوى الصحي للمواطنين والمواطنات وتيسير استفادتهم من الحق في العناية والعلاج، حتى طفا إلى السطح سوء التفاهم الكبير بين الطلبة والوردي الذي وجد نفسه في وضعية الدفاع عن مشروع قال إنه مشروع حكومة بكاملها وليس مشروعا وزاريا.

مقاطعة

الحديث عن الخدمة الإجبارية التي تلزم طلبة الطب والأطباء الداخليين والمقيمين، بالاشتغال لسنتين متتاليتين عقب التخرج في المناطق النائية والمعزولة، جر كليات الطب الخمس إلى مقاطعة شاملة للدروس النظرية والتداريب الاستشفائية.

الأطباء المقيمون والداخليون، بدورهم بادروا إلى الإضراب عن العمل داخل المراكز الاستشفائية بالمغرب، باستثناء المصالح ذات الطابع الاستعجالي، ومراكز علاج السرطان.

خطوات المقاطعة والإضراب والتي تنبأ بسنة بيضاء، جاء تعبيرا عن الرفض المطلق لهذا القانون وفق الصيغة المقدمة من طرف الوزارة، وفي غياب التجهيزات الطبية في المستوصفات وعدم توفر المراكز الصحية على المعدات اللازمة للعمل، زيادة على غياب التعويضات المادية، وفق الرافضين للقانون، الذين ينادون بخدمة المواطنين عن طريق التوظيف عوض عمل إجباري.

اتهامات

الرافضون للخدمة الإجبارية، وجهوا اتهامات مباشرة للحسين الوردي بفتحه المجال أمام خوصصة قطاع الصحة، عن طريق ” استغلال” خريجي الطب لمدة سنتين لا غير دون تعويضات مادية أو تأمين صحي، عوض التوظيف الذي يضمن للمواطنين تطبيبا مستمرا ودائما، موضحين أن توجيه مئات الأطباء نحو المراكز الصحية بالمناطق النائية دون توظيف سيجعل الوزارة في غنى عن توظيف أطباء في القطاع العام وفتح المجال أمام الخواص.

الوردي رد على اتهامات المحتجين، بالتأكيد على أن القطاع العمومي من أبرز أولويات وزارة الصحة، حيث ترصد مبالغ طائلة لفتح مستشفيات عمومية جديدة، إلى جانب رصد مليار درهم من أجل اقتناء المعدات الطبية والتجهيزات البيوطبية اللازمة لتسهيل عمل الأطباء في المناطق النائية، زيادة على تمتيع الأطباء بأجرة كاملة فضلا عن الضمان الاجتماعي وغيرها من الامتيازات.

تدخل أمني

التدخل الأمني الذي عرفته كلية الطب بالرباط، زاد الطين بلة، حيث تم اعتقال 4 من الطلبة من داخل الحرم الجامعي زيادة على تعرض 11 منهم لإصابات، وهي الخطوة التي شرحها بلاغ لرئاسة الحكومة بكونه دفاع عن حق الطلبة في متابعة الدراسة، كما أكد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن التدخل الأمني كان بغرض مساندة طلبة الطب الراغبين في الدراسة بالالتحاق بالمدرجات متهما الطلبة المقاطعين بمنع زملاء لهم من الدراسة.

التدخل الأمني ضد طلبة يعتبرون من النخبة، قوبل باستهجان عدد من الجمعيات الحقوقية والمنظمات الطلابية، زيادة على مساندة واسعة من طرف آباء وأمهات الطلبة المعنفين، ناهيك عن خوض أساتذة الطب لعدد من الوقفات الاحتجاجية لتعرض طلبتهم للتعنيف وانتهاك حرمة الجامعة.

مسيرات

مسيرات حاشدة تلك التي نظمها طلبة الطب بالمغرب، احتجاجا على الخدمة الإجبارية، احتجاجات انطلقت من أمام وزارة الصحة وتوقفت عند البرلمان، كان آخرها مسيرة جمعت 15 ألفا من المشاركين وفق المنظمين، جمعت طلبة طب الكليات الخمس وطلبة كليتي الصيدلة وطلبة الأسنان والأطباء المقيمين والداخليين وأطباء عموميين وفي القطاع الخاص وأساتذة جامعيين، زيادة على آباء الطلبة وذويهم.

حلحلة

يبدو أن الملف العالق بين الطلبة والوردي بدأ يجد طريقه نحو الحل، حيث يعكف الطلبة والأطباء المقيمون والداخليون على دراسة مسودة محضر اتفاق تجمع الطرفين، وفي حال التصويت بالإجماع على الملف ينتظر أن يعود الطلبة لمقاعد الدراسة وتفادي السقوط في سنة بيضاء.