منوعات

الخبل والهبل كلمات في دبلوماسيتنا البلهاء

صحيح أنهما، في النهاية، حكم قيمة لا يليق بمن يريد مقاربة الأمور بموضوعية، لاسيما إذا تعلق الأمر بقضايا ساخنة تتطلب، أول ما تتطلب، معالجة باردة، أقصى ما تكون البرودة. و لكن ما العمل إذا لم تسعف الكلمات في قضايا مصيرية كقضية الوحدة الترابية و قضية الوحدة المغاربية التي يقامر بها البعض، في الجزائر والمغرب على حد سواء. وعلى كل حال، فإن الخبل والهبل، ليستا شتيمتين، في هذا العمود على الأقل، وإنما وصفين لحالة عجز صاحب هذه السطور عن إيجاد بديل لهما أكثر احتراما واعتبارا لمقام المعنيان بهذا النعت؛ سعادة سفيريْنا بالنيابة لكل من الجزائر والمغرب ومن وراءَهما؛ أي صناع القرار العمومي ورسم السياسة الخارجية المعتوهين هنا وهناك . .

فنائب سفيرنا المغربي لدى المنتظم الدولي لم يجد ما يرد به على هبل نائب سفيرنا الجزائري حول دعم الطرح الانفصالي لـ ” قضية” “الجمهورية الصحراوية” إلا بخبل دعم الطرح الانفصالي لدولة “القبايل” التي نادى بها سلفاكير الجزائر “فرحات مهني”، وأين؟ داخل الكنيسيت الصهيوني حيث نادى من وصفهم ب “شرفاء” “دولة” إسرائيل! كدولة ذات تأثير في الأمم المتحدة، بدعمهم، لانتزاع استقلالهم من المحتلين العرب و المسلمين!. كان ذلك داخل الكنيسيت في ضيافة نائب رئيسها. ومن هناك وعد بفتح سفارة للكيان ب”دولة القبايل” التي يرأس حكومتها في المنفى “الموجودة” بباريس . . تم ذلك في مايو 2012 حيث قام بزيارة للكيان العنصري دامت، في جانبها الرسمي المعلن، مدة أربعة أيام. أما عن أنشطته هذه الأيام فقد تميزت بمحاولته، و محاولة منْ وراءَه اختبار نضج الشروط الذاتية والموضوعية للمرور للسرعة الثانية للمشروع التخريبي والتفتيتي الذي يتم تحضيره لتقسيم وتشتيت أقطار المغرب العربي والذي تحدث عنه رئيس الموساد السابق “عاموس يادلين” بقوله، وهو يتبجح في تقديم إنجازاته الاستخبارية بعد تسليم المسؤولية على رأس الجهاز لخلفه : “لقد أنهينا إرساء شبكة عملائنا بكل من تونس و الجزائر، و لاسيما بالمغرب، جاهزة للتأثير والتخريب في أية لحظة”.

فبعد أيام قليلة على رفع العلم الفلسطيني بمقر الأمم المتحدة، نظم سلفاكير الجزائر حفلا قبالة مبنى الأمم المتحدة لرفع علم “دولة القبايل”. كما أنه في حفل سابق بباريس نظم تظاهرة استعراضية سهر “من وراءه” على حسن إخراجها كما يجب لتتطابق ومخطط التمزيق الجاري على قدم و ساق في كل أقطار المغرب العربي .. فإذا ما توجهنا، فقط، صوب زاوية سيدي ” غوغل ” سنجد التظاهرة لا تزال حية و يظهر فيها فخامة رئيس “دولة” القبايل يخطب في عاصمة الأنوار وفي خلفية مجال الاحتفال، مباشرة وراءه علم “دولة” جمهورية الريف . .

سنة 2003، بعد عودة صاحب هذه الكلمات من الندوة الدولية ضد الحرب بمدريد، شهورا قبل غزو العراق، حاول تقديم تقرير ملخص حول الندوة، لاسيما خلاصة نقاش بينه وبين باحثة أمريكية من أصول هندية التي أفاضت في استعراض مخطط التشتيت الذي يقضي برفع عدد الدول العربية والإسلامية من 55 دولة إلى 88 . تحمل بعض الحضور عرض المخطط و أجندته الزمانية و الجغرافية السياسية. لكن البعض الآخر لم يتحمل ما يسمع وما هي إلا دقائق حتى انفجر في وجهه المناضل اليساري أنيس بلافريج ” وا براكا خلاص صدعتونا راسنا بنظرية المؤامرة “. كانت ردة فعل المناضل أنيس عندما وصل العبد لله إلى السودان. لذلك زاد المناضل من نبرة غضبه قائلا ” آشمن السودان سيصير سودانين بفصل جنوبه ثم أربعة سودانات بعد ذلك ؟ ارْخفوا علينا شوية آصاحبي ” .

عندي للأخ أنيس سؤال، لكن بعد هذه المرآة التي أدعو كل ” تيريفيين ” الحرائر و كل “إريفيْن” الأحرار، الغيورين على تاريخ الريف و أمجاده و ما كانت ترمز إليه الملاحم البطولية  ل ” ظهر أوبران” و ” أنوال ” و موح نْ عبد الكريم و حماد أوخريرو ورفاقهما الأبطال ورفيقاتهما المقاتلات اللطيفات في رقة حبهن وحنانهن، الشرسات لكرامتهن ..

أيها ريافة انتبهوا للمخطط التخريبي الذي يتم نسجه باسمكم و اسم تاريخكم المجيد، تعرفوا على حقيقته، لا كما يقدم لكم بناء على قضايا حق يراد بها باطل كما قال الإمام على كرم الله وجهه ؟ تعرفوا على المخطط ثم تحركوا فورا لدرء الفتنة الممهدة للدمار الشامل ..

أما أصحاب “جمهورية الريف ” فنعلمهم، ويقينا أنهم لا يفقهون فتيلا في ملاحم ظهر أوبران و أنوال و بماذا أجاب البطل الرمز محمد بن عبد الكريم الخطابي مراسل جريدة ” شيكاغو تريبيون ” عندما سأله : “سمو الأمير، نحن نعلم حدود دولتك في الشمال الغربي من خلال البحر و المحيط، لكن ماهي حدودها في الجنوب الشرقي؟.

كان جواب موح نْ عبد الكريم جوابان ( تذكروا هذا الإسم جيدا لأن لنا عودة إليه مستقبلا) .

أجاب الزعيم، رحمه الله، الصحفي الجواب التالي : “حدود دولتنا حيث توصلنا بنادقنا” . و لأن الصحفي الأنكلوساكسوني لم يقتنع و ألح في التحديد، أجابه الجواب الثاني : ” في هذه المرحلة، من أجدير إلى أغادير”.

هكذا أجاب المرجع الأممي الذي كان، وهو الأمازيغي الأصيل، أول من أطلق اسم المغرب العربي على المغرب و الجزائر و تونس و إقليم شنقيط الذي سيسمى، منذ سنة 1960، دولة موريطانيا ثم تتبعه سنة 1975 الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وقبل حوالي سنتين دولة الأزواد في مالي، و هاهي دولة القبايل يتم إعلانها، في قلب بلد المليون ونصف المليون شهيد، من قلب الكنيسيت الصهيوني، ومن بعدها دولة جمهورية الريف فدولة الطوارق … و الحبل على الجرار، ما لم يتم التحرك قبل فوات الأوان .. نقصد تحرك الجميع، كل من موقعه .. نقول الكل، لأن الكل معني مادام الخراب، الذي على الباب، يعني و يهدد الجميع.

هذا و بالعودة إلى سؤال الأخ المحترم أنيس بلافريج، و كل من لا يزال يستحضر، باستهزاء، ” نظرية المؤامرة “:

مارأيكم، دام ظلكم، الآن وقد أصبح السودان سودانان و خريطة برنار لويس تنتشر كما ينتشر النار في الهشيم؟

مارأيكم، دام ظلكم، بعد رفع علم دولة القبايل قبالة مبنى الأمم المتحدة إثر رفع العلم الفلسطيني بها أيام قليلة فقط. وبعد تعميم خريطة وعلم و نشيد “جمهورية الريف”؟.

ما رأيكم، دام ظلكم، في هذا الوقت الذي يتم فيه التحضير على قدم و ساق لفيدرالية قبائل الصحراء الشرقية من طرف عملاء الموساد الذين يعتزون بصفاتهم تلك و ينظمون ندوات، يقومون بالدعاية لها بملصقات تتصدرها صورهم، بمعهد “موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط” بتل الربيع (تل أبيب)..؟ .

مارأيكم، دام ظلكم، في الشابة التونسية  فادية أريناس من جربة (حيث يتم تنظيم لقاءات كثيرة للشبكة التي تحدث عنها رئيس الموساد السابق، عاموس يادلين ) تعلن اعترافها ب ” جمهورية الريف؟ ” . .
أيها الناس إن هذا المشروع الإمبريالي هو المعنى العميق ل “دولة القبايل” التي تهللون لها و تستقبلون رئيس دولتها، العميل، ( بوْراقو) المدعو فرحات مهني .. وبذلك تسهمون في مرور المشروع الصهيو- غربي إلى السرعة الثانية، بعد تأكده من نضج الظروف، الذاتية و الموضوعية، لمثل هذا المرور، إثر المسخرة الأخيرة التي مثلها الديبلوماسيين المغربي و الجزائري في مبنى الأمم المتحدة.

و إلى اللقاء إن أذن الله بالبقاء.

أحمد ويحمان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة : لمن يرغب في استيضاح المشروع التخريبي للمغرب الكبير، يمكن أن يطالع إطاره ( الستاندار ) من خلال تجربة جنوب السودان، التي ابتدأ العمل فيها منذ ستينات القرن الماضي، و التي صدر بصددها، قبل أيام، كتاب تحت عنوان ” مهمة الموساد في جنوب السودان “، بعد أن رُفعت عنه الرقابة العسكرية أخيرا.