وجهة نظر

دولة العمق أم عمق الدولة ؟!

ما يجري في هذه اللحظة الدقيقة داخل المشهد السياسي بالمغرب و الذي يعرف حراكا ديموقراطيا حقيقيا يقتضي التضحية دولة و شعبا لرسم خارطة الاصلاح و التقدم ! لكن بين الفينة و الأخرى ترتكب بعض السذاجات .. هذه السذاجات تتخذ شكلا سياسيا و اجتماعيا .. فقط اتركوا الحكومة تشتغل في أريحية كما يخول لها الدستور و القانون .. ليس هذا الاصلاح الذي نريد لكن تقدم طفيف في ظل الاستقرار أفضل و أحسن من تغيير جذري لا قدر الله و نكون نسخة طبق الأصل لما يقع في الشرق الأوسط و هنا لم أقصد لا المربع الضيق و لا المستطيل الواسع

تارة يسميها القيادي في حزب العدالة و التنمية عبد العزيز أفتاتي”المجمدة عضويته” بـ”الدولة العميقة” و تارة أخرى يصفها الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ” تيار الفساد ” أو ” تيار التحكم ” فيما نجد هذا المصطلح غائب البتة عند باقي الأحزاب الادارية منها أو الوطنية .

ما هي “الدول العميقة”؟

بما أن فضول شاب لا زال يتعلم أبجديات السياسة جعلني أن أنكب الى المزيد من البحث . تاركا خلفي كتب العلوم السياسية و الفلسفة و اذهب لأقرب مصدر للمعلومة للانسان البسيط .. مجرد أحرف على لوحة المفاتيح في محرك البحث غوغل جعلتني وسط مفهوم الدولة العميقة بتركيا

ما وجته داخل الموسوعة العالمية ويكيبيديا على أن الدولة العميقة

مجموعة من التحالفات النافذة المناهضة للديمقراطية داخل النظام السياسي التركي، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل أجهزة المخابرات (المحلية والأجنبية)، والقوات المسلحة التركية والأمن والقضاء والمافيا. فكرة الدولة العميقة مشابهة لفكرة “دولة داخل الدولة”. ولهؤلاء المعتقدين بوجودها، فالأجندة السياسية للدولة العميقة تتضمن الولاء للقومية و النقابوية، وما تراه هذه الجماعات مصالح الدولة. العنف ووسائل الضغط الأخرى قد تم توظيفها تاريخيًا بطريقة سرية في الأغلب للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية لضمان انتهاج سياسات تحقق مصالح معينة ضمن الإطار الديمقراطي ظاهريًا لخريطة القوى السياسية. 

أيديولوجية الدولة العميقة يراها اليساريون مناهضة لحقوق الطبقة العاملة أو وطنية متطرفة؛ ويراها الإسلاميون مناهضة للإسلام وعلمانية؛ ويراها الأكراد مناهضة للأكراد. أحد التفسيرات هو أن ”الدولة العميقة“ ليست تحالفًا، بل إنها مجموع عدة مجموعات تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس، كل منها يسعى لتنفيذ الأجندة الخاصة بها. وهي بذلك تناقض مفهوم الدولة المنسجمة ، أي الدولة التي يسود فيها الاعتراف بحق الاختلاف، واحترام خيار الناس في شكل القيادة التي تسوسهم، ويتم حل الخلافات فيها بقوة الإقناع أو القانون لا بقوة السلاح. إضافة إلى أن الشرعية هي شكل من أشكال القوة لأنها تكسب المجتمع تلاحما ومنعة ضد الأعداء.. و كما يبدو أن الانتقال الديموقراطي في تركيا استطاع بمساهمة حزب العدالة و التنمية التركي التغلب على هذا المفهوم لكن هذا الذي يبقى رائج داخل رقعتنا المغربية مختلف تمام الاختلاف عن تركيا فنحن لا نتحدث عن عناصر نافذة في العسكر أو الأمن و لا حتى المافيا فهو صراع محصور بين تيارين ليس اسلامي مقابل مسيحي أو يهودي أو يساري مقابل يميني أو ديني مقابل علماني بل تيارين أحدهما يؤمن بالانسان و يؤمن أن هذا الانسان يستحق تدبير و تسيير شؤونه بنفسه و تيار يؤمن أن الانسان لا يستحق الحرية كما أنه لا يستحق أن يضبط أموره تلقاءا من نفسه حتى الان لا تزال الصورة معتمة و غير واضحة شيئا ما .

تحكم بائد في عهد جديد

لنعد بالتاريخ شيئا الى الوراء حيث كشرعن أنيابه و أبان عن وجهه البشع و بالضبط سنة 2009 من خلال واجهته السياسية و المتمثلة في الحزب البامجي بتكسيره لتحالفات طبيعية كانت ستغير مجرى التاريخ من داخل مجالس الجماعات و العمالات و الجهات .. الى 2011 خلال انتفاضة شعبية في كل ربوع الوطن أعلن من خلالها ثورة اسقاط الفساد و تفعيل الاصلاح من داخل مقتضيات دستور جديد حيث كشف الربيع الديموقراطي أن الذين كانوا يوهمون المجتمع أن هناك تيارا اسلاميا يهددهم يسير في اتجاه تغييرات دستورية ليهيمن على الدولة.. انهم هم أنفسهم من يشكل الخطر من اقتحامات كان اخرها العالم الكروي .

04 شتنبر يُغضبُ تيار التحكم

ما وقع في 4 شتنبر أبان الشعب من خلاله عن تأكيده الرفض لهذا التيار و لأدواته من تحكم و فساد و أن الشعب قد فهم تحركاته و أن من يراهن عليه انما يراهن على السراب فكيف لتيار أنشئ بين ليلة و ضحاها أن يهزم تيارا ذو أصول عريقة و مرجعية واضحة؟!

ما وقع في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة انتصار للديموقراطية و انتصار للتيار الاصلاحي من خلال المراهنة على شركاء حقيقيين للمجتمع داخل المشهد السياسي باعتبار أن الاسلاميين طرف فيه .. لكن هذا لا يعني أن عهد السيبة قد انتهى .. فمن حقنا أن نخاف على مستقبل مجهول في وطن لا يزال فيه ذاك التيار يصنع أشخاص و يغير أسماء بحملات بعيدة عن القضاء و الديموقراطية ..

قضية حامي الدين وتخوف “التحكم” من الديمقراطية

فالهجوم على رئيس فريق العدالة و التنمية السابق بمجلس المستشارين من خلال حملات مسعورة أعطى فيها القضاء كلمته الأخيرة و المتعلقة بمفارقة الطالب بنعيسى أيت الجيد للحياة قبل 22 سنة

المناسبة التي جعلت هذا التيار السيء الذكر يختار أداة أخرى من أدواته التي يشتغل بها من خلال مهزلة أمام البرلمان حاملة لاسم مستشار برلماني تم اختياره في مسار ديموقراطي بعد تتويج لارادة المواطنين .. تبقى الصورة الواضحة وراء هذا الحدث توهين الارادات و العزائم ونسف فكرة الاصلاح عبر منع ترشيح عناصر بحد ذاتها .لكن يبقى السؤال المطروح لماذا استجاب بنكيران لنداء العمق بدل الصمود و الوقوف ضد الضغوط و التي ستعرف تصعيدا في السنة الأخيرة من عمر الحكومة ؟!

كما قال ذ.حسن بويخف رئيس التحرير بجريدة التجديد أن أساليب الخضوع كثيرة و فنون الترويض عديدة و أحيانا يقبل المروض من ضحيته تصريف خضوعها بما يوحي باستقالتها للاخرين فتقع الضحية في فخ الرضى بالترويض و قبوله حتى يستحكم فيها حينها تتحول الى كركوز و لا يزال يتظاهر بالاستقلالية حتى يعافه مروضه فيعمد الى اذلاله قبل رميه في سلة المهملات .

أخنوش و”الأحرار” والعجلة الاحتياطية للجرار

و في الأيام الأخيرة ظهرت ” مصيدة ” صندوق تنمية العالم القروي التي كان بطلها وزير الفلاحة عزيز أخنوش و ضحيتها رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران و كلنا نعلم أن حزب التجمع الوطني للأحرار من مكن الياس العمري من رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة و بنشماش من رئاسة مجلس المستشارين و الباكوري من رئاسة جهة الدارالبيضاء سطات و اضافة للتذكير فحزب الأصالة و المعاصرة على مقاعد و تمثيليات كثيرة بالعالم القروي ..

على أي فالكلمة لكم .. و لننتظر نهاية هذه الحكاية لتنضاف الى سلسلة أرشيف العمق .. !