منتدى العمق

حفاظا على ما بقي من واحة امحاميد الغزلان

عرف المغرب و خاصة المناطق الجافة و الصحراوية منه تغيرات مناخية في السنوات الأخيرة، وتميزت هذه التغيرات بارتفاع في درجة الحرارة و تقلب في فترات الصيف والشتاء اضافة الى قلة التساقطات و عدم تنظيمها والتي تأتي أحيانا بطرق مفاجئة محدثة فياضات كالتي وقعت في سنة 2014 والتي تسبب في خسائر مادية في الجنوب الشرقي المغربي. وعلى ذكر الجنوب الشرقي للمغرب، نذكر الواحات و الرمال الذهبية التي تميز هذه المناطق و خاصة و تافيلالت، الا ان في هذين العقدين الأخيرين شهدت هذه المناطق تغيرات بيئية متمثلة في ارتفاع في ملوحة الأراضي، مرض البايوض، ندرة المياه و ارتفاع ملوحتها.
في هذه المقالة سوف نتحدث عن واحة امحاميد الغزلان، التابعة إداريا لإقليم زاكوة، و تمثل الواحة السادسة للوحات الست المشكلة لدرعة الوسطى (مزكيطة، تنزولين، فزواطة، ترناتة، لكتاوة و امحاميد الغزلان).
تتميز واحة امحاميد الغزلان بجاذبيتها السياحية بفضل وجود كثبان رملية ذهبية تذهب بالسائح الى عالم الرحل والصحراء، و تشكل السياحة النشاط الاقتصادي الأساسي (في كل سنة يبنى ما بين 1 الى 3 وحدات سياحية)، الا ان هذه الأخيرة تساهم في تصحر هذه الواحة الحساسة، فالوحدات الفندقية تبنى على حساب الأراضي الواحية و تطلب كميات كيرة من المياه في الوقت الذي تعاني منه الفرشة المائية من ارتفاع في الملوحة بالإضافة لاستعمال دراجات نارية رباعية العجالات لمسارات عشوائية قد تضر أحيانا بالاعشاب الصحراوية التي تساهم في تثيبت الكثبان الرملية و بالتالي الحد من الترمل على حساب الحقول والمنازل.
مع توالي سنوات الجفاف و الظروف المناخية الصعبة لجأت الساكنة المحلية للهجرة كحل، اذ تحول عدد السكان من 9000 في الثماننيات الى 6500 في 2014، وفي دراسة قمنا بها باستعمال بيانات الاستشعار عن بعد، خلصت ان مساحة الواحة تقلصت بحوالي 23 في المائة خلال 30 سنة الأخيرة. و أسباب هذا التقلص راجعة الى سبب طبيعي متمثل في ارتفاع ملوحة المياه وندرتها، و تشير بعض الدراسات الى ان بناء سد المنصور الذهبي احد أسباب هذا التدهور بالضافة الى الهجرة القروية، اذ ان اغلب السكان غادرو وتركو حقولهم عرضة للكثبان الرملية, دون ان نذكر تاثير مرض البايوض الذي يسبب في موت 4,5 في المائة من عدد النخيل سنويا..
امام هذه الظروف الطبيعية والتدخل العشوائي للإنسان في تدبير مجاله، يمكن ان نقترح السياحة التضامنية وتطويرها و تقنينها كحل للسياحة التقليدية، و تقتضي السياحة التضامنية على اعداد غرف مأوى داخل منازل السكان المحليون، الشيء الذي سيساهم في تحسين ظروف عيش السكان دون ان ننسى دور الدولة في تدخل شمولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في واحة درعة التي كانت ذات يوم مركزا تجاريا مزدهرا في عهد الدولة الإسماعيلية.