وجهة نظر

وهم الانتقال الديمقراطي

أنهى بلاغ الديوان الملكي المؤرخ بتاريخ 15 مارس 2017، مهام بنكيران في تشكيل الحكومة التي كلف بتشكيها بعدما حصل حزبه على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بلاغ أعلن عن انتهاء عهد الأستاذ بنكيران لفسح المجال أمام الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني، لكن البلاغ لم ينه فقط مهام بنكيران، بل أنهى حلم استكمال بناء مسار الانتقال الديمقراطي.

مسار الانتقال الديمقراطي بالمغرب، مسار متذبذب، تارة في منحى تصاعدي، وتارة في منحى تنازلي، لا هو يريد إكمال السير نحو الديمقراطية، ولا يريد السقوط كليا في براثين الأنظمة الاستبدادية والشمولية، إنه يقع في المنطقة الرمادية، حيث الدولة أو السلطة تمسك زمام الأمور بشرعية دستورية وبعقلية سلطوية كذلك، ولا تنفك عن استحداث الآليات السلطوية للجم المشهد السياسي، واستعادة التحكم فيه، ثم إعادة ترتيب الأدوار.

بعد هبوب رياح الحراك الديمقراطي وسرعتها في اسقاط الأنظمة السلطوية المستبدة، سارعت الدولة لاحتواء الأوضاع بإعلان عن مراجعة دستورية، تؤسس لمرحلة جديدة في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي، الذي عرف حسب المرحوم الجابري توقفات عديدة بفعل قضايا فرضت نفسها بقوة ليتم حسب الجابري تأجيل الديمقراطية في مناسبات عديدة. ليتم بعد ذلك إجراء انتخابات وتعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات، الشيء الذي أعطى إشارة قوية على ترسيخ انبثاق الإرادة الشعبية عن صناديق الاقتراع.

لقد انتهت الولاية الأولى الحكومية ما بعد الربيع الديمقراطي، وأجريت انتخابات تشريعية، لكن في غمرة الأحداث المتواترة بعد انتخابات 7 أكتوبر، وتعثر تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران الثانية ثم الانتقال إلى شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية وانفراج أفق تشكيلها بقيادة سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني للحزب العدالة والتنمية، فهذا التعثر بقيادة شخصية بنكيران يحرك سؤال الأسباب الكامنة وراء عدم تمكنه من الحصول على أغلبية حكومية، خاصة تشبثه بحلفاءه السابقين، فلماذا فشل السيد بنكيران ونجح السيد سعد الدين العثماني؟ هل هي إعادة ترتيب المشهد السياسي، بعدما خفت وهج الربيع العربي؟ إن منطق الأشياء يفرض استمرار نفس التحالف لاستكمال الأوراش المفتوحة، فلماذا رفضت أحزاب حكومة عبد الإله بنكيران الأولى التحالف معه أم أن الاستثناء سيظل يطبع الحياة السياسية المغربية؟ فأي مسار للانتقال الديمقراطي في ظل التحلل من الأعراف الديمقراطية والمنطق والممارسة الديمقراطية؟