مجتمع

بعد وفاة خلادة .. نفساني: المضربون عن الطعام مغبونون وشجعان

بدءً من “الأساتذة  المُرسَّبين”،  وشباب “البيجيدي” الذين كانوا مُتابعين في ملف الإشادة بمقتل السفير الروسي بأنقرة، مرورا بمعتقلي حراك الريف بينهم ربيع الأبلق وصولا للسَّجين الغازي خلادة، شباب مغاربة اختلَفت قضاياهم واجتمعوا على خوض خطوة الإضراب عن الطعام، احتجاجا وتنديدا ولفتا للرأي العام الوطني والدولي.

رُكون المضربين عن الطعام، إلى خوض معركة الأمعاء الخاوية مُعرِّضين حياتهم للهلاك، وأجسادهم للهوان والإصابة بأزمات على مستوى الكِلي والقَلب وضعف الرؤية والإدراك والدخول في هلوسات وغثيان وغيرها، لم يمنعهم من ” رفض ” الحكرة” ودفع الظلم عنهم” وفق تقديرهم، ولو كان الثمن حياتهم.

وإن كانت خطوة الإضراب عن الطعام لم تُودي بحياة الشباب المذكورين، فإن الموت خطف الشاب الغازي خلادة عقب أزيد من 90 يوما من الإضراب عن الطعام، احتجاجا على ما اعتبرته عائلته ” تُهما واهية وظالمة، خدمة لمصلحة أحد الأعيان الذي ترامى على ممر طرقي بدوار آيت شيكر بإقليم أزيلال، تستعمله العائلة للوصول إلى منزلها منذ سبعينيات القرن الماضي”.

الدكتور أحمد الحمداوي، أخصائي علم النفس، يرى أن لُجوء أصحاب الحق إلى الإضراب عن الطعام، بعد غياب الإنصاف القضائي يُطلق في علم النفس المرضي، ” عدم جبر الضرر الحقوقي والقضائي والنفسي”، وتأتي هذه الخطوة نتيجة شعور بالغبن كمرحلة أولى تتطور لإحباط تواكبها مجموعة من المشاعر النفسية والأعراض التي تولِّد لديه شعورا بالكره لعدم الحصول على حق من حقوقه.

وأبرز الحمداوي ضمن حديث خصَّ به جريدة “العمق”، أن المرحلة اللاحقة تتمثل في ” مرحلة يَطغى عليها المشاعر والفضاء المعرفي النفسي”، تتم ترجمتها عبر إسماع الصوت بطريقة تتحدى العالم، ما دامت العدالة والناس لم يعملوا على إنصافه، وهي عملية دفاع عن النفس تتجلى من خلال قناعة المضرب عن الطعام بخطوته واعتبارها الحل الأساسي الذي هو الخطاب مع الذات لاستنفاذه خطاب اللغة.

وأوضح الباحث في علم النفس، أن المضرب عن الطعام يعمل على أن ” يجعل من نفسه شهيدا” ومن جسده ” معركة للمطالبة بالإنصاف والعرفان”، لافتا إلى أن قناعة الإضراب عن الطعام ” شكل احتجاجي موجَّه للذات قصد إيصال لغة المظلومية عبر طريقة العقوبة الذاتية، كما تنطوي على مخاطرة صحية ونفسية ومجازفة بحق الحياة.

ويقول المتحدث لجريدة ” العمق”، إن حالات الإضراب بالدول الديمقراطية والراقية التي تحترم مواطنيها وتكفُل حقوقهم، قليلة إلى نادرة، لافتا إلى أن المُواطنين الذين يُقدِمون على حرق أبدانهم أو محاولة رميها من علٍ أو يدخلون في إضراب عن الطعام لنيل حقوقهم شُجعان بالرغم من معاملة ذواتهم بعدوانية بسبب فقدان الأمل” وفق تعبيره.